في إحدى المستشفيات كان هناك مريضان هرمان في غرفة واحدة ، كلاهما يشكو مرضا عضالا ، و كان مسموحا لأحدهما بالجلوس في سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة ، أما الآخر فكان عليه أن يبقى مستلقيا على ظهره طوال الوقت.



و في كل يوم بعد العصر كان الأول يجلس في سريره حسب أوامر الطبيب و ينظر من النافذة و يصف لصاحبه العالم الخارجي ، و كان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول ، فروحه تحلق و طاقته تزداد عندما يستمع لوصف صاحبه للحياة في الخارج ، في الحديقة بحيرة جميلة ، و الأولاد قد صنعوا زوارق مختلفة
و أخذوا يلعبون فيها داخل الماء و هناك رجل يؤجر المراكب الصغيرة للناس ليبحروا بواسطتها و الأزواج يتهامسون حول البحيرة
و هناك من يجلس في ظلال الأشجار و بجانب الزهور ذات الألوان المشرقة ، و منظر السماء البديع يسر الناظرين ، و كان الآخر يغمض
عينيه متصوراَ تلك المشاهد



و مرت الأيام و كل منهما سعيد بصاحبه ، و في أحد الأيام وجدت الممرضة المريض الذي بجانب النافذة قد توفي ، و لم يعلم الآخر بوفاته إلا عندما سمع الممرضة تطلب المساعدة ، فحزن على صاحبه أشد الحزن ، و عندما وجد الفرصة المناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة فنفذت طلبه ، و حينما تحامل على نفسه ليرى ما وراء النافذة كانت المفاجأة !



حيث لم ير أمامه إلا جداراً أصم من جدران المستشفى !
نادى الممرضة و حكى لها ما كان من أمر ذلك الرجل بعدما تأكد من أن النافذة هي ذاتها
فازداد تعجبها و هي تقول :
ولكن المتوفى كان أعمى، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم، ولعله أراد أن يجعل حياتك
سعيدة حتى لا تُصاب باليأس فتتمنى الموت.



( تذكر أن الناس في الغالب قد ينسون ما تقول و ما تفعل و لكنهم لا ينسون أبدا الشعور الطيب الذي أصابهم من قبلك )
ألست تسعد إذا جعلت الآخرين سعداء؟



إذا جعلت الناس سعداء فستتضاعف سعادتك، ولكن إذا وزعت الأسى عليهم فسيزداد حزنك.
إن الناس في الغالب ينسون ما تقول، وفي الغالب ينسون ما تفعل، ولكنهم لن ينسوا أبدا الشعور الذي أصابهم من قِبلك. فهل ستجعلهم يشعرون بالسعادة أم غير ذلك.



إذا فلنعمل بوصية الله التي وردت في القرآن الكريم:
{ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا }

(البقرة: 83)