جميعنا يفكر بشكل إرادي وحتى بشكل غير إرادي، والمسألة الهامة هي كيف نفكر و فيم نفكر؟ فليس الهدف هو التفكير فقط، بل هو التفكير بطريقة إيجابية. يعدُّ التفكير نشاط إنساني متصل, فما وصلنا إليه اليوم هو حصاد أفكارنا في الأمس، وما سنصل إليه غداً تحدده بذرة أفكارنا اليومية. والفرق الوحيد بين الإنسان الناجح والإنسان الفاشل هو التفكير. قد يختلف الناس في حظوظهم و ظروفهم. لذا فهذه الأشياء لا تصلح مقياساً للنجاح,لأن التفكير يمتلكه الناس بالتساوي منذ مولدهم، لكن بعضهم يتجه به وجهة إيجابية فينجح, بينما يتجه به آخرون وجهة سلبية فيفشلون. تغيير حياتك ونتائجك يبدأ من تغيير تفكيرك, تغيير التفكير يؤدي إلى تغيير الموقف، وتغيير المواقف يؤدي إلى تغيير السلوك وتغيير السلوك يؤدي إلى تغيير العادات و تغيير العادات يؤدي إلى تغيير الحياة. وهي سلسلة متصلة من التغيير تبدأ بالتفكير. - فالتفكير السلبي يفرز نتائج سلبية - والتفكير المتوسط يفرز نتائج عادية. - والتفكير الإيجابي يفرز نتائج إيجابية. طرائق التفكير رغم محورية التفكير في حياة الإنسان إلا أنه يتعذر على الكثيرين إيجاد من يرشدهم إلى طرائق التفكير السليم, فهي تكتفي بتدريب الذاكرة أكثر مما تهتم بتدريب العقل. وتركز على الأشياء و الوسائل و القوانين التي يجب أن نفكر باستخدامها، لا على الطرق و المناهج التي نفكر من خلالها. تعلم التفكير لا يهدف إلى حل المشكلات و المسائل العويصة التي تصادفنا في حياتنا، بل إلى توضيح المشكلات التي يجب أن نتصدى لحلها و المشكلات التي يجب ألا نحاول حلها. فتغيير التفكير لا يهدف إلى وضع حلول أو فرض إجابات بل إلى توضيح الأسئلة التي لا يجب أن ندعها تغيب عن أذهاننا. قبل أن تواجه خصمك واجه خوفك… يحكي “محمد علي كلاي” أنه عندما شعر بالحماس الكافي لممارسة الملاكمة ذهب إلى أحد المدربين المشهورين، وطلب منه أن يعلمه الملاكمة، فما كان من المدرب إلا أن أعطاه كتاباً في التفكير الايجابي، و طلب منه أن يقرأه. وبالفعل أمضى “محمد علي” أسبوعاً في قراءة الكتاب، ثم عاد للمدرب، فأعطاه كتاباً آخر عن الموقف النفسي الإيجابي و طلب منه ألا يعود إلا بعد أن يقرأه. فقرأه وعاد للمدرب في الأسبوع التالي فوجده يجهز له كتاباً آخر، ففاض به الأمر و قال للمدرب: ” لقد اكتفيت من قراءة الكتب، أريد أن ألاكم “, فرد عليه المدرب: “قبل أن تلاكم خصمك، عليك أن تلاكم خوفك. فمهما تدربت لن تنتصر على خصمك الخارجي قبل أن تنتصر على خصمك الداخلي. يجب أن تحافظ على لياقتك النفسية و الذهنية بنفس الطريقة التي تحافظ بها على لياقتك البدنية. وحذار من أن تخالط الملاكمين الخاسرين، لأنهم سيقودونك إلى الخسارة”. هناك نوعان من الناس : 1. إنسان يرتقي إلى مستوى عظمة أحلامه و طموحاته . 2. إنسان ينحدر إلى مستوى رغباته و نزواته. يحتاج الإنسان الأول للتفكير و التدبير و التخطيط، بينما لا يحتاج الإنسان الثاني إلا إلى التنفيذ. فالتفكير هو السبيل الوحيد للارتقاء بالإنسان نحو طموحاته, و الكف عن التفكير يعني الخضوع للرغبات والنزوات التي تزول ويحل محلها الندم على التفريط و التبذير. و يمكننا أن نحدد المستوى الذي سيبلغه أي إنسان من خلال أشياء ثلاثة: - طموحاته. – نزواته. – تفكيره. فهي تعطينا تقييماً شاملاً للشخص، خاصة إذا عرفت القوة النسبية لكل منها. فإذا علت نزواته على طموحاته و تفكيره، فهو خاسر, و إذا فاقت طموحاته نزواته و تفكيره فهو في طريقه إلى العمل الجاد، لكن هذا وحده لا يضمن النجاح. أما إذا فاق تفكيره نزواته و طموحاته فهو في طريقه إلى النجاح. لأن تفكيره سيضبط نزواته و يدير طموحاته . يقال أن الإنسان يسيطر على ظواهر كثيرة، و الشيء الوحيد الذي لم يتحكم به تماماً هو ذهنه. كلمات عن النجاح • إن النجاح هو الرضا عن شعورك تجاه ما تفعله. • إنك تشعر بالنجاح فقط عندما تكون قابلاً لذاتك . أما عندما ترفضها ، فلن يعير النجاح من الأمر شيئاً • حيثما تكمن عواطفك، يكمن نجاحك أيضاً, لذا ابذل قصارى جهدك فيما يجعلك سعيداً. • لا أحد يستطيع أن يطلب منك المزيد وأنت لن ترضى بأقل من ذلك. • إن النجاح مكان منعزل، لأن النجاح الحقيقي هو سيطرتك على نفسك . إنك تقفز لقمة مواهبك وتنظر إلى العالم من خلال عينيك . فلا يمكن لأحد أن يشاركك رؤيتك . • لا يوجد إطراء يعني لك الكثير، ولكن أي نقد قد يؤثر عليك، لأن النجاح يكشف لك عن أقل ضعف لديك. • إنك تدرك أنه لكي تفوز بالنجاح الأعظم، فإن عليك أن لا تستخدم القوة، بل استخدم قابليتك للتأثير هي التي تعينك في تحقيق ما تريد، لأن النجاح الحقيقي يجعلك متواضعاً ومن هنا تدرك أنك لكي تنجح ينبغي أن تمر بتجربة فاشلة. • إنك عندما تنجح تدرك أن الفشل مثل النجاح، دائماً ما يكمن خلف الباب التالي. • إن الفشل الحقيقي الوحيد هو الخوف من المخاطرة. التفكير الإيجابي يؤدي إلى مزيد من الإيجابية قال أينشتين: “لا يمكن حل أي مشكلة في العالم عند نفس مستوى التفكير الذي صادفتنا عنده, بل لابد من الارتقاء إلى مستوى أعلى منه لحلها”. فالنجاح لا يحالف إلا الذين يداومون على أعمال يعجز عنها غيرهم. و لهذا السبب فإن مستويات التفكير التي يتبناها الناس ثلاثة وهي: 1. الخاسرون يفكرون في النجاة survival. 2. العاديون يفكرون في البقاء maintenance 3. الناجحون يفكرون في التقدم progress ما هو التفكير السليم…؟ ماذا نقصد بقولنا فلان صاحب التفكير السليم؟هل يعني أنه يحصل على معدل -IQأي معدل ذكاء -أعلى من غيره أو أنه يترك أعماله ليركز على قراءة الكتب؟ أم ماذا؟ في كتاب (صنع ليبقى) Built To Last يصف الكاتبان جيم كولينز و جيري بوراس الشركة الناجحة قائلين: ” إذا أردنا أن نتحدث عن الشركة الناجحة التي بنيت لتستمر، سنقول إنها تشبه أعمال مايكل أنجلو أو سيمفونية لبتهوفن أو مسرحية لشكسبير. فلا يمكنك أن تشير إلى جزء منها و تقول : هذا الجزء أهم جزء و أن ما سواه لا لزوم له .إذ تترابط أجزاء الشركة الناجحة كما تترابط أجزاء التحفة الفنية لتكون كلاً واحداً لا يمكنك استئصال جزء منه دون الإخلال بالعمل ككل . “وبالتالي في حياتنا فإن النجاح يحدث على المستوى الكلي أي على كل الصعد كما في مثال الشركات السابق”. و لا يمكنك أن تقول عن شخص ما أنه يفكر بشكل سليم في الرياضيات و لكنه لا يفكر بشكل سليم في العلاقات. فالتفكير الذي نقصده لا يكتفي بإعطاء القدرة على حل مسائل الرياضيات، بل يتعدى ذلك ويمد صاحبه بالقدرة على إجراء التحولات الذهنية التالية: o التحول من التفكير المشتت إلى التفكير المركز. o التحول من التفكير المقيد إلى التفكير الابتكاري. o التحول من التفكير الوهمي إلى التفكير الواقعي. o التحول من التفكير العشوائي إلى التفكير الاستراتيجي. o التحول من التفكير المغلق إلى التفكير المنفتح. o التحول من التفكير المشوش إلى التفكير الواضح. o التحول من التفكير المتهور إلى التفكير المتمهل. o التحول من التفكير الفردي إلى التفكير الجماعي . o التحول من التفكير السلبي إلى التفكير الإيجابي.. أفكارك تصنعك لا بد لنا أن ندرك أننا إذا تركنا أنفسنا للحياة تسير بنا كيفما اتفق, فعندها من المؤكد أننا لن نستطيع أن نحقق ما نطمح إليه. فالحياة رتيبة والنجاح الذي يأتي نتيجة للرتابة ليس له طعم والنجاح الحقيقي هو الذي يبنى على قرار شخصي بالتغيير و يأتي بالسعادة لأنه يخرج عن الرتابة و يبلور شخصية صاحبه فيشعر بتحقيق ذاته. يبدأ التفكير السليم بشكل قصدي، و لا يحدث بشكل عفوي أو عشوائي. أذكر أن أحدهم قابل أحد أصدقائه فقال له: “هل تذكر حينما كنت شاباً”. فقال له: “ماذا تذكر” فأجاب: ” كنت دائماً تقول إنك ستداوم على قراءة كتب الإيجابية والفعالية الشخصية، كي تتمكن من تغيير نفسك وتغيير الآخرين من حولك. كنت تريد وقتها أن تخطب في الناس و تحفزهم على تغيير أفكارهم.” عندما سمعت هذا الكلام دمعت عيناي و سأله: “هل أنت متأكد أنني قلت هذا؟” ، فأكد له: “نعم .لقد قلت أيضاً أنك تريد لأحاديثك أن تخرج من فمك بشكل طبيعي فيما يتعلق بالإيجابية و الفاعلية الشخصية”. فنحن في حياتنا نصنع قرارات كثيرة، ثم ننساها، ولكنها لا تنسانا. بل تظل معنا و توجه حياتنا. مثلما حدث معي عندما كنت شاباً كما يحكي صديقي، فقد جعلني أنظر إلى حياتي و كأنها كانت بذرة نبتت و أثمرت. من التفكير الصغير إلى التفكير الكبير إذا أخبرك شخص ما بأنك في مكان ما في يوم محدد يمكنك أن ترى قرص الشمس داخل بئر ماء ، فماذا تقول؟ ماذا سيكون رد فعلك؟ هل ستصفه بالجنون، وأنه بدلاً من أن يراقب الشمس عليه أن يراقب عمله؟ أم ستهمل هذه المعلومة على أنها تافهة لا تخصك، و تصمت؟ من المرجح أن رد فعلك لن يكون كرد فعل “إرتوزينس” و هو من قدماء المصريين. فعندما سمع هذه المعلومة قرر أن يسافر ليراها بنفسه، و كانت البئر تقع في منطقة نائية تسمى الأقصر و هي تبعد 800 كيلومتر عن مقر “إرتوزينس” في الإسكندرية. و لكنه ذهب إلى هناك. وبناء على ما شاهده أجرى حسابات كانت بداية علم الفلك للبشرية كلها، و تمكن بها من بناء معبد الأقصر الذي تتعامد عليه الشمس في توقيت محدد فجعله تحفة فنية يقصدها السائحون. من هذه المعلومة الصغيرة التي قد تبدو تافهة تمكن “إرتوزينس” من تطوير علم الفلك وبناء تحفة أثرية رائعة. وذلك لأنه انتقل من التفكير الصغير إلى التفكير الكبير.. التفكير في التغيير يقول ليو تولستوي: “نعيش في عالم يفكر فيه كل الناس في تغيير العالم. لكن لا أحد يفكر في تغيير ذاته”. من السهل على أي إنسان أن يفكر في تغيير العالم. فهو بذلك يفكر في تغيير شيء خارج عنه. ولكنها مهمة صعبة تماماً. فتخيل كل الأشياء التي يجب تغييرها ليتغير العالم . أليس أسهل من ذلك أن يغير كل شخص نفسه و يغير نظرته إلى العالم؟ قد يكون الخطأ الذي يراه في العالم كامناً فيه, ألا يمكن فعلاً أن يكون الخطأ الذي يراه العالم موجوداً في نظرته هو وليس في العالم نفسه؟ تلك هي الحقيقة التي توصلت إليها البشرية اليوم بعد تاريخها الطويل. فقد توقفنا مؤخرا عن محاولاتنا الفاشلة لتغيير العالم، وبدأنا نحاول أن نغير ما بأنفسنا. لكن يجب أن يتم التغيير بناء على التفكير، وليس فقط حباً في التغيير, فإذا أردت أن تصبح أفضل وأنجح مما أنت عليه الآن فعليك أن تدرك أن هذا لا يحدث بشكل تلقائي. لا بد من البحث والتأمل والمراجعة المستمرة. فهذا هو الاستثمار الذي تضعه في عملية التغيير, فالفائدة الناتجة من الاستثمار في الأذهان خير ألف مرة من الفائدة الناتجة من الاستثمار في مناجم المعادن النفسية. فالمعادن النفسية تنضب وتفنى ولكن الأذهان النفسية تنتج أذهاناً على شاكلتها وأفضل منها، و تستمر في تنمية الأجيال القادمة. فالتفكير السليم هو أفضل هدية ميراث تتركه لمن خلفك لأنه لا ينتهي ولا ينضب. تغيير التفكير يؤدي إلى تغيير النتائج لا يمكن للإنسان أن يحقق ما يعجز عن تصور نفسه وهو يحققه. المشكلة أن ظروف العالم المعاصر تربط الشخص إلى عجلة دائرة من التنفيذ داخل نظام ثابت، فتسلبه لحظات الخيال التي تمكنه من تصور نفسه وهو ينجح أو حتى أن يفكر في أن يضع لنفسه هدفاً يريد تحقيقه. وهكذا يمضي أكثر الناس حياتهم في قوالب ينتجها الآخرون، فهذا يكتفي بأن يكون موظفاً و ذاك لا يأمل في أن يصبح أكثر من عامل. إلا أن الذهن البشري يمكن أن يتغير, بل إنه الشيء الوحيد الذي يتغير, وبتغيره تتغير حياة صاحبه، وبدون أن يتغير لا يحدث تغيير. وعلى صاحبه أن يؤمن بأن: - التغيير ممكن وليس مستحيلاً. - التغيير شخصي ويبدأ من الذات وليس من الخارج. - التغيير مفيد ولا يحتم أن يكون مؤلماً. غيّر توقعاتك يقال إن عرافة كانت تقرأ كف شاب فقالت له: ” أرى من كفك أن خط الفقر سيستمر في السيطرة على حياتك حتى تصل إلى سن الخمسين “.فقال لها: “ثم ماذا بعد ذلك ؟” ،فقالت له: “ماذا تريد بعد ذلك؟. ستعتاد على الفقر بالطبع”. مغزى هذه القصة أن الإنسان إن لم يرغب في التغيير فإنه سيستمر على ما هو عليه دون أن يشعر بأن شيئاً ينقصه. التغيير الحقيقي يبدأ من طموح لا يحتمل الإرجاء. ويجب أن يكون الطموح واضحاً و مشروعاً ومقبولاً فهو يبدأ من الداخل ليمتد إلى الخارج، فيفعل بجسدك وعالمك، ما تفعله الدفة بالقارب في النهر. قد تشعر بأن التغيير يتطلب بعض “الألم”, اضبط كلماتك: فما تسميه بـ “الألم” ما هو إلا حالة ذهنية سلبية. فتخيل مثلاً عندما كنت طفلاً وتحب لعب الكرة. هل كنت تشعر بألم من المشاركة في مباريات الكرة، أم كنت تشعر بالسعادة ؟ العمل بالنسبة لكثير من الناس يمثل سعادة، ولا يمثل ألماً. إذا كان العمل مؤلماً لك، فعليك أن تراجع نفسك، فربما لا تكون مهنتك هي المهنة المناسبة لك, لأن الألم لا ينتج سوى الألم. لذا عليك أن تبحث حتى تجد المهنة التي تشعر في ممارستها بالسعادة, فمن الأفضل لك قبل أن تغير العالم أن تبدأ بتغيير ذاتك. فلا بد أن في مهنتك ما يجلب السعادة، ابحث عنه و ستجده يقودك إلى النجاح. فكر في المستوى التالي يحكي “فيكتور هانسن” مؤلف كتاب “شوربة دجاج للروح” ، أنه قابل توني روبينز، الكاتب الأشهر و سأله : ” منذ نشرت كتابي و أنا أحقق من خلال مبيعاتي و برامجي التدريبية مليون دولار بالكاد، و أعتقد أن هذا هو الحد الأقصى في مجالنا هذا. ولكني سمعت أنك تحقق حوالي 156 مليون دولار سنوياً، فهل هذا حقيقي؟، فأجابه توني روبنز : “نعم هذا حقيقي!، فسأله هانسن: “هل تستطيع أن ترشدني إلى طريقة أحقق بها ما حققت أنت؟” فأجابه “توني روبنز” : “أنت تقول أنك تعتقد أن المليون هي الحد الأقصى. غير هذا الاعتقاد وستصل إلى ما وصلت إليه. فكر في البليون ، لا في المليون !” فقال له هانسن:”و لكنني لم أغير شيئاً في الكتاب و لا في برامجي التدريبية فما الذي ينبغي أن أغيره حتى أحقق هذا المبلغ؟! فأجابه “روبنز”: “غير تفكيرك !” إذا أردت أن تنتقل إلى المستوى التالي من النجاح فلا تحاول تغير أفعالك أو عاداتك أو تصرفاتك أو حتى مظهرك و كلماتك بل غير تفكيرك، و سيأتي الباقي تباعاً. قوة التفكير ركز على السبب الحقيقي الذي يدفعك للتغيير، ولا تهتم بالسبب المنطقي فهو يهتم بنفسه، اعرف سببك الحقيقي و راجعه و طوره فهو مصدر التغيير الإيجابي، و هو أيضاً معوق التغيير إن لم يكن سبباً قوياً و دافعاً حيوياً. للتفكير قدرة على كسب أصعب الحروب و حل أضخم المشكلات. و ليس أدل على ذلك من أن نظرية النسبية لأينشتين التي ظهرت عام1916 و ظلت كامنة في الكتب التي مكنت الحلفاء من الانتصار في الحرب بإنتاج القنبلة الذرية عام 1945. فعندما تنتقل الأفكار من النظرية إلى التطبيق يصبح لها تأثير القنبلة الذرية, فلا تحتفظ بأفكارك لنفسك، بل تداولها و تناقلها بين ثلاثة أطراف: - نفسك: بحيث تطورها وتزيدها وضوحاً وتراجعها وتصححها وتثق فيها, أو تغيرها و تدرس إمكانيات نجاحها أو فشلها. - الأشخاص المؤثرين: والمقصود بهم من يستطيعون تمويل نقل الأفكار من النظرية إلى التطبيق، مثل المستثمرين والمعلمين والمدربين، ومن يستطيعون توضيح الأفكار وتنفيذها ومناقشتها. فلا فائدة من فكرة لا تولد أرباحاً أو تخرج إلى الواقع. - الأشخاص المتأثرين بالفكرة: وهم من يمسهم تطبيق الفكرة, فمن المحتمل أن تجد لديهم وجهة نظر جديدة تفتح عينك على بعد آخر لم يكن في حسابك عندما تبلورت فكرتك. وهذا يحدث في حالة استطلاع آراء الآخرين على منتج نعدّه كلوحة فنية أو قصيدة شعرية أو بحث جديد و ملاحظة ردود أفعالهم والاستجابة لمطالبهم. التفكير عن قصد… صحيح أن هناك العديد من حالات الإلهام التي تنتاب الشعراء والمفكرين حيث تأتيهم الأفكار بغتة، و قد تغير هذه الأفكار حياتهم. لكن لا يجب أن تنتظر هبوط الأفكار عليك من السماء في حالة من حالات الإلهام، فإذا لم تداهمك الأفكار بغتة داهمها أنت ولا تنتظرها على قارعة الطريق. لكي تقتنص الأفكار عليك بما يلي: تحديد أماكن التفكير : كان أحدهم ينفر من الأسماك، فتحداه أحد أصدقائه أنه سيجعله يشتري أسماكاً و يضعها في بيته بكامل إرادته. وقبل الصديق التحدي، ومرت الأيام، وأهدى الصديق صديقه حوضاً رائعاً لأسماك الزينة. فكان كل من يراه يعجب له، و يبادر في السؤال: “متى ماتت الأسماك التي كانت في الحوض؟” . لكن الرجل كان يسارع إلى شرح الموقف. ومضت الأيام على هذا الحال وكل من يدخل البيت و يبدي إعجابه بحوض الأسماك الذي يلفت الأنظار يبادر إلى سؤاله : “أين أسماك الزينة؟” استمر الحال على هذا المنوال حتى أتى صديق الرجل بعد شهر كامل و معه بعض أسماك الزينة، و قال لصديقه أن يسمح له بوضع هذه الأسماك في الحوض، و على الفور قبل الرجل العرض، و خسر التحدي. مغزى القصة أن المكان يجلب ما هو مخصص له. فإذا حددت لنفسك أماكن للتفكير فستنتابك الأفكار كلما دخلتها. و يمكنك بعد ذلك أن تسميها إلهاماً أو ما شئت. لكل إنسان مكان ينفرد فيه بنفسه و يشعر بداخله بقدرة أكبر على التركيز و التفكير. ...