ثبت علميا بأن الشخص العادي السليم نفسيا في مجتمع واعي متوازن تكاد تصل نسبة الإسقاطات السلبية لديه إلى نسبة موازية للإسقاطات الإيجابية التي تلقاها من المحيط ... طوال عمره ....
وتزداد نسبة الإسقاطات السلبية مع إزدياد الجهل والفقر ... والعادات الإجتماعية التي لا تدع مجالا لحرية الشخص ... وتفرده وتميزه ...!!
و نحن كمجتمعات عربية نميل إلى زيادة النسبة السلبية حتى لا يعود بينها وبين الموجب تناسب...
فالمعروف عنا كثرة الإسقاطات السلبية على أطفالنا ...
وعلى أصدقائنا ...
وعلى أقاربنا ...
وعلى أزواجنا ...
وعلى المجتمع ...
وعلى المشاهير ...
وعلى السياسيين ...
وعلى المثقفين ...
بل وحتى على أنفسنا .. !!
وهذه الإسقاطات تتمثل بسماع الشخص لملاحظات سلبية قد تكون عابرة .... ولكنها على الجانب الآخر مؤثرة و تترك صداها وأثرها في النفس .. بل أنها تساهم بقوة في تشكيلنا الداخلي و الخارجي
إسقاطات تعيش معنا طوال أيام حياتنا ...
فالوالد يقول لأبنه أنك فاشل ... ومخيب للأمال .... وخواف
والمدرس يقول للطالب أنك ... غبي .. وغشاش ... ومهمل
والصديق يقول لصديقه أنك ... سارق .. وإمعه ... وجبان
والزوجة تقول لوزوجها ... أنت خائن ... ومتسلط ... وناكر للجميل
والمدير في العمل يقول ... أنت عصبي ... و كذاب .. وغير متعاون ...

وهكذا يستمر هطول الإشارات السلبية على الشخص في كل يوم من أيام حياته ... يرفضها مرة ... ويقاومها مرات ... ولكنه في عقله اللاواعي ... يقتنع بها ... ويصدقها .... ويرسم من خلالها تصرفاته ... ويبني على أساسها علاقاته ... ونمط حياته ...

ومع تراكم هذه الإشارات السلبية وتأصلها .... يصبح من الصعب على الشخص رفضها أو إزاحتها عن كاهله ... أو التهوين من قدرها ... مهما حاول هو أو المحيطين به مسح ذاكرته السلبية .... وتكوين صورة جديدة موجبة عن نفسه ...
ومهما حاول التظاهر ... ونسي أو تناسى ذلك وقتيا ...

فإنه سيعود لذلك بقوة حين تتغير الأحداث بشكل جذري ... أو معاكس لما هو معتاد ...

فمثلا لو حاول لفترة تدريب وإقناع نفسه بأن ينسى عقدة الخوف التي أرتسمت في مخيلته ... سلبيا مع السنين ...
وعند حدوث أي حدث بسيط ... ( مثل تعطل المصعد الذي يحمله) .... فإن الصفات السلبية لشخصيته الحقيقية ستظهر واضحة دون رتوش ... وسيتذكر أنه وكما كان يسمع كثيرا .... جبان خواف .... فينتابه الخوف ... ويضغط على أعصابه ... ليعود للشعور بالخوف بقوة ....!!
مظهرا للجانب الذي كان يحاول تحاشيه ..

وهكذا ...
فإن التربية ... هي الأساس ...
وبيدنا نغرس في نفوس الأخرين السلبية .... ونخلق منهم أشباه للإنسان ... المرضى النفسيين ..
ونعود لرشدنا متأخرين ...
نحاول أن نعالج العلة ...
ولكن هيهات ... فالسلبية أكبر من أن نحاول إزالتها كليا ... متى ما توطنت الجوف ...

وفقكم الله