هل فكرت يوماً في تغيير نفسك؟ د.طارق السويدان بادئ ذي بدء نقول إن التغيير أصبح له اليوم منهجيته وصار علماً يدرس وتقدم فيه شهادات الماجستير والدكتوراه، وكما هو الحال في أي علم يبدأ بسيطاً، ثم يتطور حتى يتحول إلى منهج متكامل قابل للتطبيق. ويمكن أن نخوض في تفصيلات وفلسفات هذا العلم ولكني أفضل عرضه بصورة مبسطة ميسرة تفهمها كل شرائح المجتمع. فهذا العلم موجه أساساً إلى المؤسسات ويبحث في كيفية تطويرها وتحديثها، وهنا تأتي منهجية التغيير بشكل كبير. ماهية التغيير: هناك مراحل يمر بها الإنسان من الطفولة إلى الشيخوخة مروراً بالشباب والكهولة. فهل التغيير مرتبط بهذه المراحل؟ بعض الناس لا يتغيرون إلا إذا حدثت مصيبة أو وصل إلى عمر معين. في أحد لقاءاتي قالت لي إحدى الأخوات: إنها لن تتغير إلا بعد أن يصبح عمرها 40 سنة، فهل تضمن أن تصل إلى هذا العمر؟ ثم إذا كانت مقتنعة بالتغيير فلماذا التأخير؟! فالتغيير عملية تحول من الواقع الذي نعيش فيه إلى حاجة نرغب فيها أو حالة منشودة. نحن اليوم نعيش في واقع نحيا فيه في مستوى معين ونسأل أنفسنا عدة أسئلة: الأول: هل نحن سعداء؟ ويجب أن نجاوب أنفسنا داخلياً، إذ لا يهم في تقدير السعادة المظهر الخارجي أو كم من الناس يحترموننا أو يقدروننا، أو مكانتنا في المجتمع. الثاني: هل نحن راضون عما وصلنا إليه في كل جوانب حياتنا.. في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى وفي عباداتنا، وفي أعمالنا أو علاقتنا بأهلنا؟ إن الخطوة الأولى في التغيير أن يشخص الإنسان واقعه بالضبط وليس بزينته التي تخفي الكثير، ولا بالمظاهر الخارجية فقط. الثالث: هل يمكن أن نكون أفضل مما وصلنا إليه أم أن هذا أعلى مستوى؟ المسألة واضحة جداً، فكل إنسان يستطيع أن يصل إلى مستوى أفضل في علاقته مع ربه ونفسه وأهله والناس أجمعين وفي إنجازاته وعطائه.. ففي كل مجال يستطيع الإنسان أن يكون أفضل. الرابع: هل لدينا مشاريع نعيش من أجلها؟ الخامس: هل هناك هدف من حياتنا؟ إذا تبلورت هذه الأسئلة جميعاً واتضحت بصورة واضحة وكانت إجاباتنا أننا سعداء ولكن يمكن أن نكون أسعد وأننا راضون.. ولكن هناك بعض الجوانب لا نرضى عنها، ويمكن أن تكون أفضل كثيراً مما نحن عليه. فهذه الأسئلة سوف تعبِّر لنا عن تعريف التغيير وهو: الانتقال من الواقع الذي نعيش فيه إلى حال نتمناها، وهي أن نكون أسعد وأن نرضى عن أدائنا ونكون أفضل وتصبح لدينا مشاريع لها أثر في حياة البشر. وأؤكد هنا أننا جميعاً بلا شك نريد تغيير أنفسنا وسلوكيات من حولنا.. ابناً أو زوجاً أو زوجة أو موظفاً.. وغيرهم. وكل الدراسات العلمية وصلت إلى قناعة كبيرة بالنتيجة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم منذ ما يزيد على ألف وأربعمائة عام: إن الله لا يغير ما بقوم حتى" يغيروا ما بأنفسهم (الرعد:11). باختصار.. إننا لا نستطيع أن نغير إنساناً آخر ما لم يغير من نفسه، فنحن نستطيع إيجاد مناخ للتغيير أو حافز أو دافع له. إذا فهمنا هذا نكون قد خطونا الخطوة الأولى وهي تعريف التغيير.