الأحـلام Dreams
● ماهية الأحلام وكيفية حدوثها

تُعَدّ الأحلام إحدى الظواهر النفسية المهمة، التي تحدث أثناء النوم، والحلم عبارة عن صورة عقلية متسلسلة، يدركها النائم. ويرى المحللون النفسيون أن الحلم، يحقق إشباعاً رمزياً للرغبات. ومن ثم، فهو طريق إلى التفريغ، يؤدي دوراً في التوازن النفسي، وللحلم محتوى ظاهر، من الأفكار والخيالات والأحداث، كما يذكره الشخص الحالم، كما له محتوى كامن، يتكون من الرغبات المكبوتة، التي يتم التعبير عنها بطريقة غير مباشرة في المحتوى الظاهر. والإنسان يحلم كل ليلة ينامها، من دون استثناء. ولكن الغالبية العظمى من هذه الأحلام، تنسى لدى الاستيقاظ من النوم.

وأكثر ما ترتبط الأحلام بالنوم المصحوب بحركة العين السريعة، ويفسر ذلك البيولوجيين بأن هناك نبضات، تخرج من المنطقة السقيفية، ذات الخلايا العملاقة (Giganto-Cellular Tegmental) ، تثبط النبضات القادمة من الجسم الركبي الجانبي (Lateral Geniculate Body) ويظل هذا التثبيط في حالة اليقظة، وفي النوم غير المصحوب بحركة العين السريعة. ويخبو مباشرة قبْل النوم المصحوب بحركة العين السريعة، بما يسمح لنبضات المنطقة السقيفية، أن تصل إلى الجسم الركبي الجانبي، وهي المحطة بين الشبكية وقشرة المخ البصرية، إذ تفسر هذه النبضات كأنها قادمة من الشبكية، وترى كأحلام .
● أنواع الأحلام

ويمكن أن نقسم الأحلام إلى الأنواع الآتية:

حلم يُحقق رغبة: وهو الحلم الذي يأتي لإشباع رغبة، يتمنى الإنسان تحقيقها. وهذا النوع من الأحلام، يكثر لدى الأطفال، الذين يحلمون بما يتمنون، مثل الطفل الذي وعده والده بشراء دراجة، يحلم كل ليلة أنه يركب الدراجة. وهذا النوع هو ما يُقال عنه (الجوعان يحلم بسوق العيش).
حلم يُشبع حاجة بيولوجية: كحلم النائم الشاب، الذي تلح عليه الرغبة الجنسية، فيحلم بإشباعها من خلال الحلم. أو النائم الذي تمتلئ مثانته، فيحلم بإفراغها. أو النائم العطشان، فيحلم بالبحث عن الماء والارتواء منه.
حلم يُحافظ على النوم: وهو الذي تتحول فيه المثيرات الخارجية إلى حلم. مثل من ينام ثم أتى إلى جواره من يتحدثون، فيتحول كلامهم إلى حلم يعايشه النائم، حفاظاً على النوم. أو من ينام في الظلام، ثم يدخل شخص الغرفة فيشعل ضوءها، فيسقط على عين النائم، فيحلم بنيران مشتعلة أو حريق، حفاظاً على استمرارية النوم.

وقد يهدف الحلم إلى أكثر من معنى، فيحافظ على النوم، في الوقت نفسه، الذي يشبع فيه حاجة بيولوجية. مثل الذي يشعر بالعطش أثناء نومه، ويحلم بأنه يبحث عن الماء، ثم يجده ويرتوي، حلماً، ولكن يظل العطش كحاجة بيولوجية، لم يتم إشباعها، فيستمر كمثير داخلي يعمل على إيقاظ النائم.

حلم يتنبأ بالغيب: وهذا النوع من الحلم، يُطلق عليه الرؤيا. وفيه قد يجتاز الشخص حاجز الغيب الزماني، إذ يرى أشياء قبْل أن تحدث في الواقع، أو يجتاز حاجز الغيب المكاني، فيرى أشياء وقعت فعلاً في مكان آخر من العالم، وهو لا يعلم عنها شيئاً، ثم يعلم أن ما رآه في حلمه قد وقع بالفعل. وهذا النوع من الحلم (الرؤيا) هو الذي قال عنه الرسول ـ رواه البخاري، الحديث رقم 6475 لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة . ومن أمثلة الرؤيا ما قصّه علينا القرآن الكريم في سورة يوسف، في قوله تعالى: سورة يوسف، الآيتان 4 و5. إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَابُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ . ثم قبل نهاية السورة، يورد القرآن الكريم قوله تعالى: سورة يوسف، الآية 100. وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَا يَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا . ومن أمثلة الرؤيا، كذلك، ما ورد في السورة عينها، في قوله تعالى: سورة يوسف الآية 43.وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْر ٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ . ثم يفسره يوسف ـ كما ورد في قوله تعالى: سورة يوسف، الآيات 47 و48 و49.قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلا ً مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ. وتحقق تفسير يوسف، وأنقذت رؤيا الملك وتفسير يوسف لها، مصر من مجاعة لعدة سنوات بفضل الله.

ومن هاتين الرؤيتين، اللتين أوردهما القرآن الكريم، نرى أن تفسير الرؤيا لا يقدر عليه إلا من أوتي علماً وحكمة. كما يعتمد الحلم (أو الرؤيا) على الموقف النفسي لصاحبه؛ فقد يرى شخصان أحداث حلم واحد وصوره، ولكن يُفسر كل منهما بشكل مختلف عن الآخر، حسب موقفه النفسي ودوافعه اللاشعورية .
● سبل التفسير وآدابه وكيفيته من المنظور الإسلامي

1. تنقسم الرؤيا إلى ثلاثة أقسام:

ـ رؤيا حسنة صالحة هي بُشرى من الله.

ـ رؤيا سيئة مكروهة هي أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم وليتلاعب به في منامه.

ـ رؤيا مما يُحدث به المرء نفسه، أو يهم به في يقظته فيراه في منامه ويدخل فيها ما يعتاده الرائي في اليقظة. كمن عادته أن يأكل في وقت فنام فيه، فرأى أنه يأكل، وما عدا ذلك فهي أضغاث أحلام، أي الأحلام المختلطة الملتبسة، ولا يصح تأويلها لاختلاطها وعدم التئامها على أصول التعبير.

2. إذا كانت الرؤيا حسنة صالحة، استُحِبَّ لرائيها أربعة أشياء

ـ أن يحمد الله عليها.
ـ أن يستبشر بها.
ـ أن يتحدث بها لمن يحب دون من يكره.
ـ أن يُفسرها تفسيراً حسناً صحيحاً، لأن الرؤيا تقع على ما تُفسر به.

3. إذا كانت سيئة مكروهة استحب لرائيها سبعة أشياء، إن فعلها لن تضره أن شاء الله تعالى وهي:

ـ الاستعاذة بالله من شرها.

ـ الاستعاذة من الشيطان ثلاثاً.

ـ التفل عن اليسار ثلاثاً.

ـ التحول عن الجانب الذي كان نائماً عليه.

ـ الصلاة.

ـ أن لا يُحدث بها أحداً.

ـ ولا يفسرها لنفسه.

ودليل ذلك كله ما رواه البخاري من حديث آبي سعيد الخدري أنه سمع النبي يقول:إذا رأى أحدكم رؤيا يُحبها، فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من

الشيطان، ليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره.

● التفسير والتحليل النفسي للأحلام

الحلم من الناحية النفسية، عبارة عن نشاط عقلي يحدث أثناء النوم، ويتمثل في سلسلة من الصور والأحداث التي تظهر في صور من الخيال، والتي يمكن أن يكون لها معنى نفسي أو محتوى، يمكن تفسيره وتأويله.

من ناحية التفسير والتحليل النفسي للأحلام، نجد ما يأتي:

تحليل الأحلام Dream Analysis : ويقوم على محاولة تفسير الحلم، وكشف المحتوى الباطن له.
تكثيف الحلم Dream Condensation : وهي عملية أولية تتم في الحلم، وتنتقل بالحالة من موضوع إلى موضوع بشكل غير استطرادي، وفي شكل صور بصرية غير منطقية، تجاوز منطق الزمان والمكان.
محددات الحلم Dream Determinants : وهي عوامل البيئة، التي تلعب دوراً مهماً في وجود الحلم، وتُعطيه مظهراً معيناً..
خداع الحلم Dream Illusion : من وظائف الأحلام، إبقاء حالة النوم، بإيهام الحالم وخداعه، بأن رغباته قد تحققت وإلا أيقظته رغباته.
مثيرات الحلم Dream Instigators : وهي مخلفات النهار في الأحلامDay residues وهي ما يتبقى من التجارب والأفكار والأحداث التي تُسبب القلق أثناء الحياة اليومية بالنهار، وتمثل إحساساً لا شعورياً بالذنب، وتلعب دوراً مهماً في تشكيل محتويات أحلام الليل.
رغبة الحلم Dream Wish يُمثل المحتوى الباطن للحلم رغبة مكبوتة أو لا شعورية عند الفرد.
الأحلام النمطية Typical Dreams أحلام تتشابه عند كل الناس، ولها الدلالة نفسها، وهي نوعان:

ـ أحلام لها المحتوى نفسه.

ـ أحلام تتشابه شكلاً ولكنها في الحقيقة تختلف. ويتوقف التمييز بين الاثنين على المتداعيات التي يُكملها بها الحالم لكي يمكن تأويلها.

والأحلام النمطية هي الأصل الذي تستقي منه الأساطير والخرافات.

الأحلام غير المُقنعة Undisguised Dreams تُمثل رغبة مكبوتة، ولكنها رغبة لم تلبس القناع الكافي، بحيث تبدو مكشوفة في الحلم، كأن يحلم الجوعان بوليمة فاخرة.

● الأحلام وطبائع البشر

والحلم له علاقة بالبنية البشرية المتميزة في المجتمع. ولذلك هناك ما يُعرف بانثروبولوجيا الحلم أي الجنس البشري والحلم، ولذلك فإن تفسير الحلم يجد جذوره الجماعية في أوضاع اجتماعية ـ ثقافية خاصة.

كما أن الحلم له مكون نفسي ـ فسيولوجي، وفي الوقت ذاته له مدلول عن الخلفية Background النفسية ـ الثقافية للفرد، بل إنه ذو ارتباط بالمعطيات البيئية في العالم الواقعي للفرد .
منقول