مفهوم و أهمية الكاريزما
“ في اللحظة التي سرت فيها في مفترق الطرق ، استطعت أن أعرف أنك رجل مميز ، إنسان حقيقي “ . هذه الأغنية، التي غنتها المطربة المشهورة “ شيرلي باسي “ ، هي تذكرة موسيقية بأن الناس تحكم علينا بعين عمياء، فالحكم على شخص ما ينبع من امتلاكه الكاريزما، أو عدمه.
و أوضح أنواع الكاريزما في الغرب يظهر في الشخصيات التي تتجاوز في تأثيرها العمر الذي عاشوه مثل “ غاندي “ ، و الرئيس السابق “ بيل كلينتون “ ، و “ نيلسون مانديلا “ ، و “ مادونا “ ، و “ أوبرا وينفري “ ، و “ محمد علي كلاي “ ، و “ تشرشل “ ، و الأم “ تريزا “ ، و “ ديزموند توتو “ .
و لكن لا يمكننا أن نتجاهل الصورة السلبية للكاريزما؛ فكل من “ هتلر“، و “ عيدي أمين “، و “ ماو تسي تونج “ ، و “ إدوارد موجابي “ ، كلهم قاموا باستخدام الكاريزما في التعبئة للحروب، و هو ما أدى إلى نتائج قاتلة – فالكاريزما و “الخير“ لا يتفقان على الدوام .
و لقد اعتدنا كثيراً على كلمة كاريزما إلى درجة أننا لا نبذل أي جهد في التفكير في السبب الذي يجعلنا نراها بالصورة التي نراها عليها، فلا فهمنا للحامض النووي للكاريزما و لا تلقينا اللا واعي لها يمكنه أن يحد من قدراتنا على استخدامها بصورة إيجابية.
و يفترض المفهوم التقليدي للكاريزما أن عدداً قليلاً من الأشخاص الاستثنائيين هم فقط الذين يمتلكونها، و يتضمن هذا الفهم صفات غامضة؛ سحرية في الغالب، و أنك إما مولود بالكاريزما أو لا ، إلا أن الكاريزما ، كما سنرى ، ليست فطرية بصورة كاملة ، و إنما تعتمد على خلق علاقة بينك و بين الآخرين .
و امتلاك الكاريزما القوية في الغالب يستحضر إلى الذهن شخصية تاريخية أو أحد المشاهير ، أو قائداً قوياً ، أو شخصاً مشهوراً ، و لا يتضح على الإطلاق ما هو السبب و ما هو التأثير .

و بطرق كثيرة ، يبدو من المريح أن ترى الكاريزما شيئاً بعيداً عن المتناول، و محفوظاً في مكان آمن لأولئك الأشخاص الاستثنائيين الذين قدر لنا أن نعجب بهم و نحسدهم بل و ربما نخافهم، و لكن ، هل تعني الكاريزما القوية التي يتمتعون بها أن بقيتنا لا يستطيع أن يحدث تأثيراً بارزاً و باقياً في الذاكرة على الناس الذين نقابلهم ؟ بالتأكيد لا.
هذه الفكرة المريحة الخاصة بأن الكاريزما شيئ بعيد المنال تسمح لنا بأن نستثنى أنفسنا من أية محاولة جادة لاستغلال طاقاتنا الكامنة لإحداث تأثير قوي و دائم ففكرة أن بوسعنا أن نكون أقوياء و قادرين على التأثير بصورة بارزة تبدو مستحيلة أو مرعبة أو كليهما معاً .
و هناك جانب آخر يتحكم في رؤيتنا للكاريزما و هو أنها تتضمن غالباً عدداً كبيراً من البشر، فالفنانون و المشاهير و القيادات الدينية و الروحية، و السياسيون رفيعوا المستوى، و العباقرة، و العسكريون، كلهم أمثلة على الكاريزما الاستثنائية التي أثرت على عدد كبير من البشر.
إلا أنهم على الرغم من تأثيرهم الفائق للعادة و قدراتهم الكاريزمية البارزة يبقون بشراً ، فمع كونهم مؤثرين ؛ بل و مثيرين للدهشة ، فإن تأثيراتهم ليست سحرية ، و لا خرافية ، و لاحتى بعيدة المنال . فبدرجة ما ، يستطيع كل منا أن ينتج صورة مخففة اسمها تأثير الكاريزما .
هذا التأثير يمكن تعلمه تماماً ، فالأمر كله يتعلق بالغوص داخل قدرتك الطبيعية على إحداث تأثير فعال ، حتى إن كانت هذه القدرة خاملة أو لم يتم استغلالها . إن تأثيرك الشخصي هو تأثير الكاريزما ، وسوف يتم استخدام المصطلحين للتعبير عن نفس المضمون .
و بخصوص الإدعاء بأنه بوسعك أن تزيد من مستوى تأثيرك ، فإنني لا أقف وحدي ، فقد سجل آخرون نجاحاً في تطوير هذه القدرة على الرغم من الخلافات البسيطة بينهم فيما يتعلق بالكيفية التي أقاموا بها بذلك .
فعلى سبيل المثال : يقول أحد التأويلات أن ذلك يحدث من خلال استخدام المرء للطاقة الكامنة و أن يصبح حاضراً بصورة كاملة. هذه بالتأكيد عناصر مهمة ، إلا أن الأمر أكثر عمقاً من ذلك ، و بالتأكيد يستغرق وقتاً كي يتطور .