التدريب على المهارات الحركية




المهارات الحركية
ويمكن للمهارات الحركية أن تكون مؤثرة بقدر قذف كرة بسرعة 90 ميلاً في الساعة، ويمكن أن تكون عادية بقدر استخدام الشوكة والسكين في تناول الطعام، وكلاهما أمثلة لما يطلق عليه علماء النفس مهارات إجرائية، وعلى الرغم من أن هذه المهارات ربما تستفيد في البداية من التعليمات اللفظية الصريحة ("ضع يدك اليمنى هكذا، وضع قدمك اليسرى خارجاً")، تلك هي أنواع المهارات التي تتم تأديتها فقط عند خوض ما يكفي من التدريبات حتى تصبح جزءًا من الذاكرة طويلة الأمد.ثم تصبح بعد ذلك جزءًا من مجموعة من المهارات التلقائية والتي تبدو أنها تعمل من تلقاء نفسها؛ دون الحاجة إلى جهد ذهني أو تحليل واع. بل إن كثيرًا من التفكير في واقع الأمر قد يتضارب مع مهارات الذاكرة "العضلية" طويلة المدى. إن الرياضيين المحترفين- على سبيل المثال- أقل عرضة "للتوقف" في الأوقات العصبية بالمباراة من الهواة غير المحترفين.
وبالطبع لا تمثل ذاكراتنا العضلية في عضلات جسدنا سوى تلك المعرفة التي نتمتع بها عن قواعد اللعبة، فالذاكرة بجميع أنواعها، سواء كانت واعية أم لا، موجودة بالمخ، وتتكون معظم الذكريات طويلة المدى عندما تتم ترجمة التجربة في صورة تغيرات هيكلية في المخ من خلال التكرار والإعادة. وتعمل تلك الهياكل الجدية على تقوية الوصلات والممرات التي تربط خلايا المخ والتي كانت قد انتقلت أثناء التجربة الأصلية. وعندما يتم تفعيل تلك الشبكة من الخلايا العصبية، يظهر رد فعل من الذاكرة بناءً على ذلك.
قد يكون ذلك مقبولاً بما يكفي فيما يتعلق بالذكريات "الذهنية" الخاصة بالحقائق (إلى أي مدى سيكون عليك العد حتى تصل إلى رقم يشتمل على حرف "ف"؟) أو الخاصة بحدث (متى دخلت هذه السيارة في نقطة التقاطع، عندما كانت الإشارة حمراء، أم صفراء أم خضراء؟).
ولكن ماذا عن الذاكرة "العضلية" بالنسبة لمهارات الحركة؟ ورغم كل شيء، فإن تخيل الضربة ليس قطعًا مثل القيام بالأمر فعليًّا.

يمكن التمرن على مهارات الحركة حتى أثناء الحلم
لقد أظهرت الدراسات الدور الذي تلعبه الأحلام في عمليتي التعلم والتذكر. ووفقاً لبعض الدراسات المعاصرة فإن الأحلام التي نراها خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة مهمة من أجل اكتساب كل من المهارة التصريحية الخاصة بالحقائق والأحداث وكذلك المهارات الإجرائية مثل ضرب كرة القاعدة (انظر الأحلام في العمل Dreams at Work). تتجسد أحلام الناس بصفة عامة حول النشاطات الدنيوية اليومية التي تم القيام بها خلال اليوم السابق- مثل إدخال بيانات أو طلاء خزانة.
وفقًا للبيانات الناتجة عن تصوير المخ، فإن تخيل المهارات الإجرائية، سواء كان ذلك في صورة أحلام أو أثناء اليقظة، لا يقوم فحسب بتنشيط الأجزاء البصرية من قشرة المخ، ولكنه ينشط الأجزاء الحركية كذلك. عندما تخيل "ماكواير" ضربه للكرة، كان بذلك يستخدم جميع الدوائر العصبية المسئولة عن ضرب الكرة، ومنها قشرة المخ البصرية الأولية، وعبر مراكز التخيل البصري في القشرة الجدارية، ووصولاً إلى الأماكن الحركية الأولية والثانوية بالمخ، وكل ذلك يصل إلى النقطة التي يرسل فيها المخ أمرًا إلى عضلات جسده بتلويح المضرب من أجل صد الكرة. ( إذا كان "ماكواير" يحلم بأنه يقوم بضرب الكرة أثناء النوم، لقام في واقع الأمر بتنفيذها إذا لم تصبه الكيمياء البيولوجية الطبيعية للنوم بشلل مؤقت).
ولكن هل يساعد التخيل حقًّا في تحسين الأداء الفعلي للشخص؟ تؤكد العديد من الدراسات صحة ذلك. إن القيام بتدريبات عقلية يعمل في واقع الأمر على تقوية الدوائر العصبية للمخ تمامًا مثلما تؤدى التدريبات البدنية إلى تقوية العضلات. وهذا لا يعنى أن في مقدورك الاستغناء عن التدريبات البدنية لاكتساب مهارة ما والاستعاضة عنها بالتدريب الذهني. ولكن استخدام أساليب التخيل بجانب التدريب البدني يمكن أن يقودا إلى نتائج أسرع وأفضل من ممارسة التدريبات البدنية وحدها. وبهذه الطريقة ستتمكن من تحسين ذاكرتك العضلية حتى ولو لم تكن تستخدم عضلاتك.