التدريب من خلال العقل
تخيُّل مهارات الحركة يحسّن من الأداء

قبل أن يتوجه إلى أرض الملعب، يقوم "مارك ماكواير" ضارب الكرة، بتخيل كيف سيقوم بصد كل كرة سيلقى بها عليه اللاعب رامى الكرة، فهل ذلك التمرين متعلق بقوة التفكير الإيجابي؟ ربما، ولكن وفقًا للدراسات الحديثة التي تقوم على تصوير المخ، فإن الأمر أكبر من ذلك، حيث يقوم ماكواير من خلال تخيله لما سيفعله في ساحة الملعب ذهنيًّا، بتفعيل نفس دوائر المخ العصبية التي كانت ستعمل عندما يقوم بتسديد ضربة فعلية بمضربه، إنه بذلك لا يجعل دوائره العصبية معدة للعمل فحسب، بل إنه يدريها كذلك تدريبًا "غير مباشر" والذي يمكن أن يترجم في صورة أداء أفضل في الملعب.


236 سنوات النضوج
ويمكن للمهارات الحركية أن تكون مؤثرة بقدر قذف كرة بسرعة 90 ميلاً في الساعة، ويمكن أن تكون عادية بقدر استخدام الشوكة والسكين في تناول الطعام، وكلاهما أمثلة لما يطلق عليه علماء النفس مهارات إجرائية، وعلى الرغم من أن هذه المهارات ربما تستفيد في البداية من التعليمات اللفظية الصريحة ("ضع يدك اليمنى هكذا، وضع قدمك اليسرى خارجاً")، تلك هي أنواع المهارات التي تتم تأديتها فقط عند خوض ما يكفي من التدريبات حتى تصبح جزءًا من الذاكرة طويلة الأمد.ثم تصبح بعد ذلك جزءًا من مجموعة من المهارات التلقائية والتي تبدو أنها تعمل من تلقاء نفسها؛ دون الحاجة إلى جهد ذهني أو تحليل واع. بل إن كثيرًا من التفكير في واقع الأمر قد يتضارب مع مهارات الذاكرة "العضلية" طويلة المدى. إن الرياضيين المحترفين- على سبيل المثال- أقل عرضة "للتوقف" في الأوقات العصبية بالمباراة من الهواة غير المحترفين.
وبالطبع لا تمثل ذاكراتنا العضلية في عضلات جسدنا سوى تلك المعرفة التي نتمتع بها عن قواعد اللعبة، فالذاكرة بجميع أنواعها، سواء كانت واعية أم لا، موجودة بالمخ، وتتكون معظم الذكريات طويلة المدى عندما تتم ترجمة التجربة في صورة تغيرات هيكلية في المخ من خلال التكرار والإعادة. وتعمل تلك الهياكل الجدية على تقوية الوصلات والممرات التي تربط خلايا المخ والتي كانت قد انتقلت أثناء التجربة الأصلية. وعندما يتم تفعيل تلك الشبكة من الخلايا العصبية، يظهر رد فعل من الذاكرة بناءً على ذلك.
قد يكون ذلك مقبولاً بما يكفي فيما يتعلق بالذكريات "الذهنية" الخاصة بالحقائق (إلى أي مدى سيكون عليك العد حتى تصل إلى رقم يشتمل على حرف"ف"؟) أو الخاصة بحدث (متى دخلت هذه السيارة في نقطة التقاطع، عندما كانت الإشارة حمراء، أم صفراء أم خضراء؟).
ولكن ماذا عن الذاكرة "العضلية" بالنسبة لمهارات الحركة؟ ورغم كل شيء، فإن تخيل الضربة ليس قطعًا مثل القيام بالأمر فعليًّا