حب الخير والبر و الإحسان

أتـــراها مصـــادفة؟

كنت شديد الفخر بابنتي إميلي. ففي سن تسع سنوات فقط، كانت تدخر مصروفها طوال العام وتحاول كسب المزيد من المال عن طريق القيام ببعض المهام الصغيرة في أنحاء المنطقة التي نسكن بها. كانت إميلي عازمة على ادخار ما يكفي من المال لشراء دراجة لتسلق الجبال. وكانت هذه الدراجة شيئًا تتوق إليه بشدة، وكانت حريصة على ادخار مصروفها منذ بداية العام.
سألتها بعد أحد الأعياد مباشرة: "كيف حالك يا حبيبتي؟". كنت أعلم أنها تأمل في امتلاك كل المال الذي تحتاجه بحلول نهاية العام.
أجابت: "معي تسعة وأربعين دولارًا يا أبي. لست واثقة أنني سأحقق الهدف".
قلت لها: مشجعًا: "لقد اجتهدت بشدة يا عزيزتي. تابعي عملك الجيد. ولكنك تعلمين أنك تستطيعين الاختيار من مجموعة الدراجات التي أمتلكها في النهاية؟".
قالت: "أشكرك يا أبي، ولكن دراجاتك قديمة الطراز للغاية".
ابتسمت لأنني كنت أعرف أنها على حق. فباعتباري جامع دراجات قديمة، فإن جميع موديلات دراجات الفتيات التي أمتلكها تعود إلى حقبة الخمسينيات؛ وهي ليست النوع الذي يمكن أن يختاره أطفال اليوم.
وعندما حل موسم الأعياد، ذهبت أنا وإميلي للتسوق، ورأت إميلي العديد من الدراجات غير باهظة الثمن التي ظلت أنها ستضطر للرضا بها في النهاية. وبينما كنا نغادر أحد المتاجر، رأت متطوعًا بإحدى المؤسسات الخيرية التي تعمل من أجل إطعام وإيواء الفقراء يدق جرسه بجوار صندوق كبير لجمع التبرعات. سألتني: "هل يمكن أن نعطيه شيئًا يا أبي؟".
أجبتها: "معذرة يا عزيزتي، ولكن الفكه نفدت مني".
واظبت إميلي على الادخار باجتهاد خلال شهر ديسمبر، وبدا أنها ستتمكن من تحقيق هدفها في نهاية الأمر. ثم فجأة، في أحد الأيام، هبطت من الدور العلوي متوجهة نحو المطبخ وألقت تصريحًا على مسامع أمها.
قالت بتردد: "أمي، هل تعرفين ما سأفعله بكل المال الذي كنت أدخره؟".
ابتسمت زوجتي، ديانا، وهي تقول: "نعم يا عزيزتي".
قالت: "لقد ألهمني الله أن أهبه كله للفقراء".
انحنت ديانا لتصل إلى مستوى طول إميلي، وقالت: "تلك فكرة بالغة الكرم واللطف منك يا حبيبتي، ولكنك كنت تدخرين المال طوال العام. ربما من الأفضل أن تهبي جزءًا منه وتبقي جزءًا".
هزت إميلي رأسها بقوة وهي تقول: "بل كله يا أمي".
وعندما رأينا أنها جادة فيما تقول، قدمنا لها اقتراحات عديدة بشأن الأماكن التي يمكنها التبرع لها. ولكنها كانت عازمة على شيء محدد، ولذلك، في صباح أحد أيام العطلة الباردة قبل العيد، وبدون جلبة أو ضجيج، قامت بإعطاء كل مدخراتها التي بلغت 58 دولارًا لأحد متطوع مؤسسة إطعام وإيواء الفقراء، الذي شعر بدهشة وامتنان شديدين.
وبينما كنت متأثرًا بكرم إميلي وإيثارها، رأيت فجأة أن تاجر سيارات محلي كان يجمع الدراجات المستعملة لتجديدها وتلميعها وإعطائها للأطفال الفقراء في العيد، حينها أدركت أنه إذا كانت ابنتي البالغة من العمر تسع سنوات قادرة على منح ما تملكه، فمن المؤكد أنني أستطيع منح دراجة من مجموعتي.
وبينما كنت أمسك بدراجة أطفال لامعة ولكنها عتيقة الطراز من بين طابور الدراجات في الجراج، بدا وكأن دراجة أخرى في الصف تلمع أكثر وأكثر. هل يجب أن أهب دراجة أخرى؟ كلا، واحدة ستكون كافية بالتأكيد.
ولكن عندما وصلت إلى سيارتي، لم أتمكن من التخلص من شعوري بأنه ينبغي أن أتبرع بتلك الدراجة الثانية أيضًا. وطالما استطاعت إميلي إتباع ما أملاه عليها إلهامها وشعورها، فقد قررت أن أفعل المثل أيضًا. استدرت عائدًا وقمت بوضع الدراجة الثانية في الشاحنة، ثم اتجهت نحو تاجر السيارات.
وعندما أوصلت الدراجتين، شكرني تاجر السيارات وقال لي: "إنك ستدخل سعادة غامرة على طفلين يا سيد كوبر. وإليك تذكرتين".
تساءلت في حيرة: "تذكرتين؟".
قال: "نعم، إننا في مقابل كل دراجة يتم التبرع بها نقدم فرصة للفوز بدراجة رجال جبلية سريعة جديدة من متجر دراجات محلي. لذا، إليك التذكرتين ولديك فرصتان".
ترى لماذا لم أندهش عندما فازت التذكرة الثانية بالدراجة الجائزة؟ ضحكت زوجتي ديانا وهي تقول بسعادة: "لست أصدق أنك فزت بها!".
قلت لها: "لست أنا الفائز. من الواضح تمامًا أن إميلي هي الفائزة".
وترى، لماذا لم أندهش عندما وافق تاجر الدراجات بكل سرور على إعطائي دراجة فتيات جبلية رائعة بدلاً من دراجة الرجال المعلن عنها؟
هل هي مصادفة؟ ربما. إلا أنني أحب الاعتقاد أن الله شاء أن يكافئ فتاة صغيرة على تضحية تفوق سنها؛ في الوقت الذي أعطت فيه والدها درسًا في حب الخير والبر والإحسان والإيمان بالله.
1. شارك مع مؤسسة الأمم المتحدة للإيواء Habitat وساعد في بناء المساكن للفقراء.
إننا نحتمي في ظل بعضنا البعض.
2. اجعل أطفالك يروك في مواقف الكرم مع المحتاجين.
الاهتمام بالآخرين ورعايتهم سيجعلك أنت وأطفالك تحققون تقدمًا في الحياة أكبر مما يمكن أن تحققه أي درجة جامعية أو مهنية.
لست أعرف ماذا ستكون مصائركم، ولكن هناك شيء واحد أعرفه: إن من سيكونون سعداء بحق بينكم هم أولئك الذين سيبحثون عن سبل لخدمة ومساعدة الآخرين ويجدونها.
3. تطوع بالمساعدة في الأولمبياد الخاصة بمدينتك.
إذا أردت أن ترتقي بنفسك، فساعد شخصًا آخر على الارتقاء.
4. لا تقرر أبدًا ألا تفعل أي شيء لمجرد أنك لا تستطيع فعل سوى القليل. افعل ما تستطيع فعله.
إنني مجرد فرد واحد، إلا أنني قادر؛ لا أستطيع فعل كل شيء، إلا أنني أستطيع فعل شيء؛ ومجرد أنني لا أستطيع فعل كل شيء لن يجعلني أحجم من فعل الشيء الذي أستطيع فعله.
5. دائمًا ضع شيئًا في صندوق التبرعات.
من لا يتسم بالكرم ويعطي مما لديه يخدع نفسه عندما يظن أنه سيكون أكثر عطاءً لو كان يمتلك المزيد.
6. عندما يكون أحد أصدقائك في حاجة، ساعده دون أن يضطر لأن يطلب منك المساعدة.
أولئك الذين لا يعطون إلى أن يطلب منهم يكون عطاؤهم قد تأخر كثيرًا.
أعظم أمراض العصر ليس هو الجذام أو السل، وإنما هو شعور المرء بأنه غير مرغوب فيه، وليس هناك من يهتم به، ومنبوذ من الجميع. إننا نستطيع معالجة الأمراض البدنية بالأدوية، ولكن العلاج الوحيد للوحدة، والإحباط، وليس هو الحب.