أبعاد التواصل غير اللفظي

الحركات
تأتى الحركات كبعد آخر من أبعاد التواصل غير اللفظي. فمن الممكن أن تظهر الحركات الرمزية عندما يتكلم الشخص، أو عندما يستمع. وكلا النوعين له دلالة. عندما يتكلم الشخص، تضيف الحركات الملائمة للكلمات إضافياً لمغزى الكلام؛ فهي تزخرف ما يقال، فمثلاً، قد يستخدم أحد الأشخاص حركة الكاراتيه المعروفة باسم "سيف يد" أو يضرب كف يده بقبضته كما لو كان يدق مسمارا بمطرقة, وتستخدم هذه الحركات عندما يكون الشخص المتكلم شديد الغضب، وفي حالة من الاستثارة الانفعالية، وينوى إثارة نقطة بالغة الأهمية. وهناك حركات بالغة البساطة يمكنها أن تعبر عن الاهتمام والاحترام. فعندما يميل رأس أحد الأشخاص أثناء الكلام، فهذا يعنى أنه يتشوق لسماع كلماتك. وهذا هو السبب في استخدامنا لتعبير "أعرني أذنيك"، كما أن الانثناء البسيط وفتح كفي اليد أثناء الكلام يشيران إلى أن هذا الشخص منفتح على الحوار القائم ويرغب في تبادل الأفكار.


أما الحركات غير المنسجمة مع الكلام، فتعطيك إشارة إلى أن هناك نوعاً من عدم الأمانة أو التغطية على الحقيقة يحدث. تذكر المثال الذي ذكرناه سابقاً عن ذلك الشخص الذي يقول: "صدقني، أنا أتكلم معك بذهن متفتح"، فيما يعقد ذراعيه بشدة على صدره. وتتطلب الحركات والوضعيات غير المنسجمة مع الكلام انتباهك واهتمامك لكي تحدد أي الرسالتين المتعارضتين هي الصحيحة. اللفظية أم غير اللفظية. يجاهد البعض في تقييم الرسائل غير اللفظية لأنهم لا يسمعون لحدسهم بأن يؤثر عليهم. ولعل أفضل تعريف سمعناه لكلمة الحدس هو: "ما أنت متأكد من أنك تعرفه، ولكنك لست متيقناً تماماً من ذلك!".


هناك اعتقاد في مجتمعنا، بأن النساء يستخدمن حدسهن بشكل أفضل من الرجال، كما أنهن يلاحظن التفاصيل الدقيقة أكثر من الرجال. لذا فعندما تكون النساء جزءاً من فريقك التفاوضي، فاجعلهن أول من يتكلم عندما يناقش فريقك مجريات الأمور في أوقات الاستراحة. اسمح لهن بأن يعبرن عن رؤاهن والكيفية التي يرين بها المواقف والأفراد. وفيما بعد، لن تشعر فقط بالامتنان لأنك استمعت لما قلنه، ولكن لأنك اتبعت نصيحتهن وإرشادهن. وهناك المزيد عن الفوارق بين الجنسين سوف نناقشه في القسم القادم.


ثمة تحذير:
لا تقفز إلى صياغة الكثير من الافتراضات بشأن تعبيرات الوجه والأصوات والحركات التي تشاهدها. فكر بعقلانية وهدوء قبل أن تأخذ أي تصرف استناداً إلى شيء تعتقد أن الحرف الآخر قد عبر عنه من خلال رجفة مثلاً في عضلات الوجه, أو صوت له دلالة، أو حركة يد. ابحث عن الحركات والأنماط السلوكية المتكررة قبل أن تخلص إلى استنتاج نهائي. والقصة التالية ينبغي أن تمثل لك جرس إنذار؛ فهي توضح لك، في إطار مرح، أن الشخص يمكنه أن يصوغ افتراضات خاطئة. كان "هانك" في رحلة عمل في باريس، وكان الفندق الذي يقيم فيه عتيقاً ذا حوائط متهالكة، وقد استيقظ "هانك" في الثانية صباحاً على صوت رجل وامرأة يقهقهان بصوت مرتفع وقد بدا أنهما يستمتعان بسهرة مرحة مع التلفاز.


ولما كان في باريس، فقد اعتقد "هانك" أنهما اثنان حديثا الزواج ويستمتعان بالسهر معاً، وعاد إلى النوم بعد ذلك بقليل. ولكنه استيقظ بعد فترة على نفس صوت القهقهة. وفي صباح اليوم التالي، بعد أن أحضر عامل الفندق القهوة والكعك ل "هانك"، خرج الأخير إلى الشرفة وجلس يأكل. وبعد قليل، انفتح باب شرفة الحجرة المجاورة لحجرته، ولدهشته خرج إلى الشرفة زوجان في السبعينات من العمر أو على مشارف الثمانينات. وألقى عليه الزوجان تحية الصباح وقد اعتلت وجهيهما ابتسامة عريضة.