عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
هل نرسخ ثقافة التعلم السريع في التعليم الجامعي
«مليكة تبحيري» منسقة تكوين بمؤسسة تكوين الاطر في الميدان الصحي تقول: « كان يوم السادس عشر من سبتمبر / 2010 م، هو أول يوم دراسي للسنة الجامعية بالنسبة للطالبات... وعادة ما تجد الطالبات في هذا اليوم بعض الصعوبات لاستئناف الدراسة بعد العطلة.
|
وكانت لدي أول حصة من أربع ساعات بعد الظهر، في مادة منهاج البحث العلمي وهي مادة صعبة وتتطلب من الطالبات قدراً كبيراً من التركيز... بدأنا الحصة بوضع ميثاق السنة الدراسية فبدا الأمر مثيراً للاهتمام... بعد ذلك طلبت من المتعلمات مغادرة القاعة فبدأت بعض التساؤلات والضحكات... وخارج القاعة أخبرتهن أن الدرس سيكون عبارة عن رحلة بالقطار... ومرة أخرى بدا الأمر مثيراً... ثم دخلنا قاعة الدرس واخذ الجميع مقاعدهم وبدأت الرحلة.
وجدت من الطالبات تجاوباً كبيراً لم أعهده فيهنّ... لقد تبدد كل الفتور الذي كان يبدو عليهنّ أول الحصة ! أخر الحصة قسمت المتعلمات إلى مجموعات الشرح الثنائية ... ثم بعد ذلك وفي خمس مجموعات، قمنا بمسابقة للإجابة على أسئلة من مادة الدرس... فساد جو من المتعة و المرح داخل الفصل. في اليوم الموالي كان موعدنا مع الحصة الثانية من نفس المادة...كانت الساعة الثامنة صباحا...وعندما وصلت إلى ساحة المبنى وجدتها فارغة تماما!!! أين الطالبات؟ عادةً ما أجدهنّ دائما هناك وهنّ يحاولنّ استغلال أخر الدقائق قبل بدئ الحصة في الحديث أو ... فقلت في نفسي ربما شعرنّ بالتعب بعد اليوم الأول وقررن عدم الحضور... وعند اقترابي من قاعة الدرس ...علت وجهي ابتسامة عريضة لما رأيت...لقد كان الجميع، وعلى غير عادتهن، أمام الباب ينتظرن بتشوق بدء الحصة! ».
بهذه الممارسة استطاعت « مليكة » أن ترسخ ثقافة فيما يعرف بالتعلّم السريع Accelerated learning لدى طالباتها الجامعيات.
من أهم خصائص التعلّم السريع كما تقول المصادر هو « إمكانية تطبيق تقنيات / آليات / فلسفة التعلّم السريع في مجال العمل والحياة، ونقل الخبرة إلى أرض الواقع ». ربما تتفق معي عزيزي القارئ في أن المتدرب / الممارس المعتمد في التعلم السريع هو من يرسخ ثقافة التعلّم السريع في مؤسسته، فهو من يمتلك مهارات التطبيق والتدريب التي تأهلة لتدريب الآخرين. إليك هذا الموقف:
في نهاية اليوم الأخير من الدورة قدّم المدرّب للمتدربين ( استاذ جامعي، استاذين من معهد، وموظفين لوظائف مختلفة ) أحد أنشطة مرحلة الأداء لحلقة التعلّم السريع بعنوان: بطاقات بريدية للمتابعة وفيه: يطلب من المتدربين أن يرسلوا بطاقات بريدية لأنفسهم، وأن يكتبوا عليها كيف سيطبقون ما تعلموه ( في العمل أو في الحياة العملية )، وأرسلها لهم بعد البرنامج بشهر. ليوفر للمتدربين فرصة لتقييم ما حققوا من خططهم، مع تلقيهم للدعم والتعزيز. فمثلاً: من الممكن تحديد موعد للقاء المجموعة بوقت ومكان محدد بعد شهر من البرنامج.
ولما كان أحد المبادئ الرئيسة من حضور الدورة التدريبية هو الاستفادة من ما يطرح في تلك الدورة من تجارب وممارسات وأفكار تعلّمية جديدة، ونقل ما يناسب منها بعد دراستها.
لذا تقدم الاستاذ الجامعي... بطلب إلى رئيسه، حول توظيف الأفكار والاستراتيجيات التي تم التدرّب عليها في دورة التعلّم السريع في التدريس الجامعي تنفيذاً لهذا المبدأ. وأرفق الأستاذ أوراق العمل والخطة المعدة من قبله، وأبدى استعداده القيام بالتدريب للأساتذة الآخرين، وتطبيق تلك الاستراتيجيات على المقرر المناسب لها.
وبعد أسبوع جاء الرد شكراً لإحاطتنا علماً بمثل هذه التجارب الرائدة. وأنتظر الأستاذ ما سيتبع ذلك ولكن لم يحدث أي تطوّر .... ؟ وحين تمت متابعة الأستاذ الجامعي من قبل المدرب، كان الرد ... آسف لم أتشرف بنقل الخبرة المتميزة لغيري ... طلاب كانوا أو اساتذة ؟ ............. هل هذا يجوز !
يقول ( Peter Senge , 1990 ) في كتابه الشهير " المنظمة المتعلمة- النظام الخامس": لا يكفي أن يتعلم شخص واحد ثم يقوم بتحديد ما تحتاجه المنظمة ويتبعه الباقون، إن المنظمة التي ستنجح في المستقبل هي التي تكتشف كيف تستفيد من طاقة التعلم لدى جميع أفرادها، إذ أن علم المنظمة أكبر من مجموع علم أفرادها، إلا أن العامل الأساس هو كيف ننقل علم الفرد إلى المنظمة ككل.
إن الجامعة، كأي منظمة متعلمة تنمو باستمرار ، يمكن أن تحتوي على من هو معاق تعليمياً ، أو معيقٌ تعليمياً، أو محدود ومحدِّد للآخرين. ويمكن أن تحتوي على عادات ثقافية بإمكانها أن تعيق أي عملية تعليم وتطوير. ولذلك، فإذا أردت أن تخلق ثورة تعليمية في مكان عملك، عليك أن تتطلع إلى مؤسستك ككل ، وتتيح لأفكار التعلم السريع أن تلمس الجميع، وتبث الروح في الجميع.
إليك أيها الأستاذ / الإداري الجامعي بعض الأفكار التي يمكن أن تفيدك كبداية في معرفة ما يمكنك فعله لتحضير منظمتك للثورة التعليمية، وفي نفس الوقت في خلق مجتمع أكثر صحية وملاءمة للعمل والحياة.
أفكار للنمو متعدد الأبعاد:
- احرص على تدريب نسبة كبيرة من مسؤولي التدريب والتطوير في جامعتك على تقنيات وفلسفة التعلم السريع.
- وزع إضافات خاصة ( بوسترات أو بطاقات أو مواد معينة للعمل) تشرح أفكار التعلم السريع في المكاتب. واحرص على أن تكون هذه الإضافات جذابة وجميلة. ضعها في أي مكان يرتاده الموظفون بشكل دائم
- استضف خريجين من دورات سابقة اتَّبعت أسلوب التعلم السريع، واطلب إليهم أن يشرحوا تجربتهم وقصص نجاحهم للموظفين الجدد الذين التحقوا للتو بهذه الدورات.
- قم بعمل فيديو يصور تجربة ناجحة في مجال التعلم السريع وتوزيعه في الجامعة. يمكن أن يحتوي الفيديو على شهادات حية أو مقاطع من ورشات عمل تم فيها تبني التعلم السريع، أو غير ذلك.
- درّب مجموعة كبيرة من أعضاء الجامعة على كيفية إجراء تدريب حيّ خاص (شخص لشخص) بطرق التعلم السريع.
- ثقِّف الإدارة باستخدام السمنارات وورشات العمل وحلقات البحث والعروض والنقاشات الثنائية.
- اطلب من المدراء أن يتبادلوا الأفكار مع أخصائيي التعلم السريع عن كيفية تطوير العمل التدريبي في الجامعة.
- لاحظ أفراد فريق العمل الذين يقدمون أفكاراً هامة لتطوير تجربة التعلم السريع في جامعتك، وقدم لهم مكافآت مناسبة.
- توقف عن تقديس الجامعة، نحن هنا لا نقترح أن تكون جاف المشاعر وقاسياً، بل قم بما يلزم لتطوير التعلم في المؤسسة، دون انتظار الموافقة من الأعلى، ودون انتظار اجتماع طارئ يعطيك الضوء الأخضر.
- احرص على أن يكون التعلم السريع ضمن جدول أعمال الاجتماعات على مستوى الأقسام والإدارة العامة.
- نظِّم اجتماعات دورية لممارسي التعلم السريع في جامعتك حيث يمكنهم تبادل المعلومات والأفكار والمعدات، وتجديد أفكارهم سوية.
- حضّر خطة من ثلاثة مراحل لتبني التعلم السريع في المؤسسة، احصل على دعم مدراء الصف الأول لهذه الخطة.
- وبما أننا لا نرغب بأي شكل من الأشكال بقول الكلمة النهائية في التعليم والتدريب، ولأنه ليس هنالك من وجود لمثل هذه الكلمة النهائية، فإننا نرجوك ألا تأخذ أيا من أفكار هذا المقال أو استنتاجاته كعقيدة نهائية. نحن نحاول فقط أن نفتح الباب أمام نوع جديد من التفكير والنقاش والفعل الإيجابي، ومهمتك أنت أن تقوم بهذا التفكير والنقاش والفعل!
|
المفضلات