إِرَادَةُ عُمَرَ

ما الهدف الذي تريد أن تَشْحَذَ له الهمم والإرادة؟
نهضة المسلمين. نريد أن يسعد بنا نبينا يوم القيامة. ولكي يرضى عنّا ربي يوم القيامة. ولكي نُذْكَر يوم القيامة في صحائف ويقال: هذا الجيل سعى إلى إرضاء ربه، ولن يحاسب على النتائج. سيحاسب على المجهود الذي بذله.
القضية الآن هي: هل تَنْوي إخراج الإرادة التي بداخلك أم لا؟
نريد إرادة مماثلة لإرادة عمر بن الخطاب عند موته. كان مطعوناً تسع طعنات ينزف منها الدم، وكان جوفه يَرْفُض اللبن الذي يحاولون أن يسقوه إيّاه. كان يُغْشَى عليه ثم يفيق. ثم يغشى عليه ويفيق. ثم يرفع رأسه وهو يَحْتَضِر ويسأل: أَصَلَّى النّاس؟ ثم يقول: مَنْ يشهد لي عند ربي يوم القيامة أنني أديت أمانة المسلمين؟
هل تتخيل الإحساس بالمسئولية إلى أي مدى؟ يريد عمر أن يؤدي واجبه حتى النفس الأخير وهو يحتضر.
فيخرج ابن عباس ويقول لعمر: أنا أشهد لك يا أمير المؤمنين. فيمسك به عمر ويقول له: "أتقسم بالله أن تشهد لي؟ أم تقولها لي الآن؟ قال: أقسم بالله سأشهد.
فقال: الآن يستريح عمر.

الصُعُودُ إِلَى الهَدَفِ

كيف ترى وضع الإنسان المسلم وهو يخوض معركة البقاء؟
الإنسان المسلم مِثْلَ مَنْ يتسلق الجبل. يضع يده وقدمه على صخرة ويثبتهما، لكنه لا يستطيع أن يتطلع بعينه إلى مواطئ قدمه أو يده. لابد أن تتطلع عينه إلى أعلى. إلى الهدف الجديد الذي سيكون موطئاً لقدمه في الخطوة التالية، فلو تطلع إلى مكان يده أو قدمه، لسقط من أعلى الجبل.

كيف إذن ستتحرك يده وقدمه؟
لقد حددت عينه إلى الهدف بدقة، وسوف تصعد قدمه ويده إلى المكان الذي رصدته عينه تلقائياً.
يقال: حذار أن تتسلق الجبل وأنت أعمى الجسد.
"نحن نتطلع إلى النهضة بأعيننا، ولهذا سوف نصعد.
يقولون: ما المتعة في تسلق الجبال وهي عملية كلها خوف وقلق وتعب ومخاطرة؟..هل المتعة هي في الوصول إلى قمة الجبل؟..لا..ليست المتعة في الوصول إلى قمة الجبل أو النهاية، إنما المتعة والنشوى هي في التسلق خطوة بعد خطوة، ومتعة الذي يتسلق صخرتين، تختلف عن متعة الذي يتسلق الهرم، ومتعة الذي يتسلق إفرست. وفي تسلق الجبال يقولون: حذار من النظر لأسفل. فلو نظرت لأسفل ستقع.

بم تقصد بقولك هذا؟
أقصد ألا ننظر لواقع المسلمين الحالي ونقول: ما فيش فايدة. لا يجب أن ننظر تحت أقدامنا، إنما ننظر لأعلى حيث المجد والعلا والنهضة، إنس الواقع الأليم الذي نحن فيه. ولتكن عينك على النهضة، والنهضة تتحقق بالإرادة.

طَاقَةٌ هَائِلَةُ

كيف تتفجر الإرادة؟
الإرادة تَكْمُن بداخلنا، وأحياناً تكون خافتة، ثم نبدأ في تنميتها. فتتحول أنت نفسك، بنفس حجمك وإمكانياتك لطاقة هائلة غير عادية. قدرات غير عادية.
قدرة غير عادية أن تفعل أشياء فوق قدرتك على التخيل، وهذا ما فعله المسلمون لأجيال كثيرة.
إرادة غير عادية تفجرت بداخلهم، أدت إلى تحقيق إنجازات فوق الخيال، فجيوش المسلمين حين تقارنها بجيوش أعداء المسلمين، على مر تاريخ المسلمين، لا تصدق أن أعداد جنودنا يمكن أن يهزموا هذه الجيوش الجرارة، المتفوقة علينا عدداً وعدة.

هل القدرة على تنمية الإرادة تتفاوت من شخص لأخر؟
كل الناس عندهم نفس القدرة. كل إنسان قادر على تفجير إرادته لتنتشر وتدخل مسام جسمه وكِيَانه وخلاياه.
والإرادة تشع بها العيون، وتشف عنها النفس. من عجائب النفس البشرية أن الله سبحانه هو الذي أودع الإرادة فيها. فنحن جميعاً جئنا من آدم الذي قل عنه المولى سبحانه: (ونفخت فيه من روحي). ما الفرق إذن؟
الفرق في قدرة الإنسان على استخراجها من الأعماق، والنبي قال إننا متساوون في ذلك. إنما العلم بالتعلم. وإنما الحلم بالتحلم، وإنما الصبر بالتصبر. كل شيء يأتي بالتدريب. ولهذا حكي لنا الله قصص الأنبياء. حكاها لكي نقلدهم في الإرادة.

هل هناك شيء لو فعلته تتفجر الإرادة بداخلي؟
نعم، أن تكون لديك القدرة على تخيل الهدف، وتخيل تفاصيله عندما يتحقق. القدرة على التخيل هي هذا الشيء الذي يفجر الإرادة. ارسم أدق تفاصيل هدفك وحلمك ، وتعايش معها، عندما يكبر الحلم ويملأ كل مساحة وجدانك وعقلك. هكذا تولد الإرادة. هناك أشخاص يخافون من التخيل والحلم، وهؤلاء لا يحرمون أنفسهم من تحويل الحلم إلى حقيقة والخيال إلى واقع.
كل علماء النفس قالوا: بداية الإرادة حلم. والحلم إذا سيطر على العقل والفؤاد فلا بد أن يتحقق. اجعل حلمك يملأ كيانك.
النبي صلى الله عليه وسلم زرع في الصحابة القدرة على تخيل الجنة. والصحابة حققوا المستحيل لأنهم كانوا يرون الجنة.