شخصية ضعيفة و اكتئاب في المستقبل
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله متفق عليه. و في حديث آخر : (( مرو أولادكم بالصلاة لسبع و اضربوهم عليها لعشر )) ، وذهب كثير من الفقهاء في مسألة ضرب الرجل لزوجته الناشز : إلى أن الضرب يجب أن يكون باليد أو بمنديل لا غير، وذهب آخرون إلى .....

جواز استعمال السوط أو العصا شرط أن يكون الضرب خفيفًا، أي على مبدأ التلويح بالعصا أكثر من

الضرب بها. وهناك قيد يتعلق بمكان الضرب، إذ يجب ألا يكون على الوجه لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا تضرب

الوجه ولا تقبح))، ونهى عليه الصلاة والسلام أن يكون الضرب على المواقع الحساسة كالرأس والصدر والثديين والقلب

والبطن والفرج، لما في الضرب على هذه الأماكن من خطر الإيذاء، وذهب عدد من الفقهاء على أن الضرب يجب ألا يزيد

على عشر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يجلد أحد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله))، وهناك من

يرى ألا يتجاوز الضرب ثلاثًا.

هذا في مسألة ضرب انسان بالغ مخطئ ، فكيف بطفل لم يبلغ سن الرشد !


جاء كل هذا قبل أن يؤكد علماء النفس اليوم أن أن اعتماد الضرب وسيلة وحيدة في تربية الأبناء من شأنه أن ينتج في

النهاية أطفالاً عنيدين وعدوانيين في نفس الوقت.
ويقول الباحث النفسي بهاء ناصر:" الكثير من الأطفال الذين يتعرضون للضرب يحاولون ممارسة هذا السلوك على من هم

أصغر منهم داخل المنزل، كما أن عادة ضرب الأبناء تعمل على إيجاد جو متوتر داخل المنزل".
ويرى ناصر أن استمرار ضرب الأبناء على كل صغيرة وكبيرة يؤثر في النهاية على سلوكهم وتصرفاتهم، وأضاف: "كما

أثبتت الدراسة أن هذا النوع من الأطفال
انخفض أداؤهم التعليمي بشكل كبير جداً بفعل ما يتعرضون له من ضرب متواصل".


شخصية ضعيفة

ويوضح ناصر أن ضرب الأبناء بشكل مستمر بهدف تربيتهم ينتج في النهاية أبناء ذي شخصية ضعيفة، وغير قادرة على

التعامل مع المجتمع، كما أنهم لن يكونوا قادرين على اتخاذ قرارات بمفردهم، وستكون حياتهم أشبه بالمعقدة.
وتابع قائلاً: "هذا بالإضافة إلى أن هؤلاء الأبناء قد يتحولون في مرحلة ما إلى أشخاص لا مبالين، فربما يلجأ الأب إلى

ضربهم بهدف تربيتهم، لكن مع تكرار الضرب تنقلب الأمور على حالها، ويصبح الطفل لا مبالياً، وهو يدرك أن أي خطأ

سيقوم به ستكون نتيجته الضرب بالعصا أو بغيرها، وينتهي الأمر، ويكون الطفل قد اعتاد على ذلك".

الثواب والعقاب


ويرى الباحثون أن الكثير من الآباء يهتمون بالعقاب، وينسون الثواب أو يتناسونه ويقول الأخصائي النفسي ماجد برهوم:

إن الآباء يلجؤون إلى معاقبة أبنائهم لأنهم قاموا بأفعال خاطئة، لكنهم لا يكافئونهم إذا قاموا بأفعال أو تصرفات إيجابية.

وأضاف برهوم: "وفي بعض الأحيان يعتقد الأبناء أن التصرفات الإيجابية التي قاموا بها غير هامة؛ لأنهم لم يُثابوا عليها

من الآباء، وربما تعتقد فئة أخرى من الأبناء أن ما قاموا به من تصرفات إيجابية يدخل في إطار الخطأ البسيط الذي لا

يُعاقب عليه بالضرب".
ويؤكد برهوم على ضرورة تنمية التصرفات الإيجابية من خلال المكافأة على تلك التصرفات وعدم اللجوء إلى العقاب وحده

كوسيلة لتربية الأبناء.

موضحاً أن هناك الكثير من الطرق التي يمكن أن يعاقب بها الآباء أبناءهم بعيداً عن الضرب والعصا مثل: منع المصروف

اليومي عنهم لفترة محددة، أو إلغاء زيارة كانت مفترضة أو اعتاد الأبناء عليها إلى المتنزه أو حديقة الحيوان، أو الجلوس

على كرسي لمدة مثلاً عشر دقائق دون السماح له بالحركة، الغضب منه، وحرمانه من مشاهدة برنامج محبب لديه،

وهناك طرق كثيرة عدا الضرب.


وتابع قائلاً: "أحيانا نلجأ إلى ضرب الأبناء بهدف منع بعض التصرفات والأخطاء، لكننا لا ندرك أننا نساهم في ظهور

سلوكيات وآثار أكثر خطورة من تلك التصرفات التي كانوا يقومون بها".


إصابة بالاكتئاب

وقال برهوم: هناك دراسة أمريكية أظهرت أن الأطفال الذين يتعرضون لإيذاء بدني أو إهمال تزيد لديهم احتمالات

التعرض لاكتئاب شديد في مرحلة البلوغ. وقالت الدراسة: إن الأطفال الذين تعرضوا لإيذاء بدني تزيد لديهم مخاطر

الإصابة باكتئاب خطير على مدى حياتهم بنسبة 59%مقارنة مع نظرائهم من الأطفال الذين لم يتعرضوا لهذه الإساءة.
ووجدت الدراسة أن الأطفال الذين تعرضوا لإيذاء بدني أو إهمال أو الاثنين معاً كانت لديهم احتمالات أكبر للتعرض

لاكتئاب شديد بعد البلوغ. وقال التقرير: "إضافة إلى ذلك فإن هذه النتائج تكشف عن أن الاكتئاب بدأ في مرحلة الطفولة

عند الكثير من الأطفال".


في الاستفتاء الذي أجريناه في أفكار علمية و الذي ساهم فيه أكثر من 400 شخص من عدة بلدان عربية كانت نسبة من

يضربون أبناءهم بصفة دائمة عندما يخطئون 90 % !! و من يضربونهم نادرا 7% فقط ! وهي نسبة مرعبة بلا شك

وقد حدثني أحد الآباء عن معاناة شديدة عاناها مع إحدى بناته و التي أصبحت ترفض الذهاب إلى المدرسة بل و تبكي كثيرا كلما اقترب موعد الدراسة و ذلك بعد أن كانت تسبق جميع أخواتها في الاستيقاض صباحا رغبة و حبا في المدرسة ! و ما ذاك إلا بسبب تعرضها للضرب و هي بنت السابعة على يد احدى معلمات المدرسة.

و كثيرا ما يكون ضربنا لأبناءنا ضرب انتقام لا تربية بدليل أننا لا نلتزم هدي الاسلام و هدي نبيه عليه الصلاة و السلام

عندما نهى عن ضرب الوجه ، بل ان حديث عائشة رضي الله عنها السابق ذكره يضرب أروع الأمثلة لما يجب أن تكون

عليه تربية الأولاد في الاسلام . و أخيرا و بعد أن عرفت أخي القارئ مضار كثرة استخدام الضرب في التربية ضع نصب

عينيك قوله عليه الصلاة و السلام : (( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول )) .