هل فكرت يوماً أن تغير حالتك لتصبح رجلاً سعيداً ؟ الأمكر ليس مستحيلاً فيمكنك تحويل حياتك عن مسارها الرتيب في لحظة واحدة ، كما يفعل الناجحين والعظماء.
هذا السر أباح به الاقتصادي الشهير "روجر بابسوك" وتناوله كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" وقال في رسالته : حين أنظر فأجد نفسي في غمرة الانقباض ، وخضم المنغصات ، أستطيع أن أقصي القلق عن نفسي ، وأن أنحول في [عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابط للتسجيل اضغط هنا ]واحدة إلى رجل متفائل سعيد ، وإليك الطريقة التي اتبعها:
أدلف إلى مكتبي ، وأغمض عيني ، ثم أقصد هكذا إلى أرفف معينة لا تحمل إلا كتب التاريخ ، وانتقي منها وأنا مغمض العينين ، كتباباً لا أدري هو "غزو المكسيك" لمؤلفه "برسكوت" أم "حياة القياصرة الاثنا عشر" لمؤلفه "سوتوثيوس" ، ثم افتح الكتاب الذي التقطته ، وأنا مغمض العينين أيضاً ، حيثما اتفق .. وهنالك افتح عيني واقرأ مدى ساعة.
كلما أوغلت في القراءة ازداد إحساسي بأن العالم منذ خلق، ما فتئ يرزخ تحت الكارثة تتلوها الكارثة ، وما برحت المدينة منذ قيامها تتلظي بالمحنة ، فإن صحف التاريخ ملأى بكل ما تقشعر له الأبدان من الأهوال ، ولا تكاد تخلو صفحة من ذكر الحرب ، أو مجاعة ، أو وباء ، أو ضر ينزله الإنسان بأخيه الإنسان فما إن انتهى من المطالعة حتى أحس أن الظروف المحيطة بي مهما تكن سيئة في رأيي ، سوداء حالكة في نظري ، فهي في الحقيقة أفضل مما لقيه العالم في عصوره الغابرة وحقبه السالفة ، وهناك يمكنني مواجهة مشكلاتي التافهة وجهاً لوجه.
الفكرة التي استهدفها "روجر بابسوك" خلال سطوره السابقة هي باختصار : اقرأ التاريخ ، وانظر أي المشكلات كان يرزح تحتها العالم منذ 10.000 سنة ، وقس مشكلاتك "التافهة" إليها بمقياس الخلود !



من رضي فله الرضا :

نفس الفكرة يؤكدها الشيخ محمد الغزالي في كتاب "جدد حياتك" عندما قال : سعادة الإنسان أو شقاؤه أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها ، إنه هو الذي يعطي الحياة لونها البهيج والمقبض كما يتلون السائل بلون الإناء الذي يحتويه :" فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط" يعنى أن الأمر يرجع للاعتبار الشخصي ، فإن شئت جعلتها تطهيراً ورضيت ، وإن شئت جعلتها هلاكاً وسخطت ، فالعمل الواحد بما يصاحبه من حال نفسي يتغير تقديره تغيراً كبيراً.

والأحوال النفسية تجعل القليل كثيراً والواحد أمة ، وإلى هذه الأحوال – كماً وكيفاً – يرتد مستقبل الإنسان ، وتأخذ حياته مجراها ، والنفس وحدها مصدر السلوك والتوجيه حسب ما يغمرها من أفكار، والإنسان عندما يرتفع عن سطح الأرض تتغير الأشكال والأحجام في عينه وتكون نظرته إلى ما دونه أوسع مدى وأرحب افقاً ، وهو هو لم يتغير ، وكذلك ارتفاع الإنسان في مدارج الارتقاء الثقافي ، والكمال الخلقي ، إنه يغير كثيراً من أفكاره وأحاسيسه ، ويبدل أحكامه على كثير من الأشخاص والأشياء.


احمد الله :


يقول الشيخ محمد الغزالي : مع أن نعم الله تلاحقنا في كل نفس تتنفسه ، وكل نبضة في عروقنا فإننا في أحيان كثيرة لا نحس بذلك الفضل الغامر ، أو نقدر صاحبه سبحانه وتعالى ، إننا نظن كل شئ معداً من تلقاء نفسه لخدمتنا ، وأن علم مافي الوجود الاستجابة لرغباتنا لا لسبب واضح سوى اننا نريد ذلك وعلى الكون كله التنفيذ ! بالضبط كما يعيش الأطفال المدللون.

واستطرد في كتابه قائلاً : إن العافية التى تمرح في سعتها ، وتستمتع بحريتها ليست شيئاً ، وإذا كنت في ذهول عما أوتيت من صحة في بدنك واكتمال حواسك ، فيجب أن تصحو وبسرعة ، واحمد الله ولي امرك وولي نعمتك ، ألا تعلم أن هناك خلق ابتلاهم الله بفقد هذه النعم ؟

من الخطأ أن تظن أن رأس مالك هو ما تملكه من ذهب أو فضة ، إن رأس مالك الأصيل هو المواهب التي سلحك القدر بها ، من ذكاء وقدرة وحرية ، وفي مقدمة تلك المواهب ، ما أنعم الله عليك به من صحة وعافية تتألق بين رأسك وقدميك ، والغريب أن أكثر الناس يختصر هذه الثروة التي يمتلكونها ولا يشاركهم فيها أحد.
والحق أن ما في الحياة من متاعب يأتي من فوضى الناس وسلوكهم الطائش أكثر مما يأتي من طبيعة الحياة نفسها ، ولو استرشدنا بمنارات الله التي أنزل علينا ، وأدركنا الخير الواسع الذي أتاح لنا ، لكان لنا وللحياة شأن آخر ، غير أن أكثرنا يحتقر ثروة الحياة والعافية التي يملكها ، وبسبب ذلك يعجز عن الانتفاع بها ، ثم يبكي أماني هينة لم يحصل عليها ، ولو حصل عليها لكانت بعض الواقع الثمين الذي يقدره حق قدره.