تتغير الأحاسيس كما يتقلب الجو, وتختلف الأحاسيس كألوان قوس قزح

. فأنت من الممكن أن يبدأ يومك بالسعادة وأنت تستعد للخروج وتتأنق في

ملابسك

وأثناء ذهابك لعملك لو ضايقك أي شخص بسيارته أثناء قيادتك فأنت

تتركه يمر ببساطة وبدون أي انفعال وتذهب إلى عملك وتبدأ بتحية الجميع

وتتمنى لهم يوما سعيدا, ولم كل هذا؟... فقط لأنك تشعر بالسعادة .

وفي اليوم التالي تستيقظ متأخرا في الصباح حيث إنك قد نسيت ضبط

ساعة التنبيه للاستيقاظ , ويختلط كل شيء أمامك كما لو كان هناك حريق

بالمنزل , وإذا ضايقك أحد في الطريق تكون في منتهى العصبية , وتصل

إلى عملك وأنت في حالة غليان, وإذا بادر أحد بتحيتك متمنياً لك يوما

سعيدا فسيكون ردك : "أرجوك اتركي وشأني فمن أين ستأتي السعادة ؟"

دعني أسألك هذا السؤال ... عندما يقوم رئيسك في العمل بتحيتك صباحا

بابتسامة لطيفة فهل يؤثر ذلك على إحساسك ؟. ولو حدث العكس ولم ينظر

حتى إليك فهل لهذا تأثير على إحساسك؟

أؤكد لك أن الإجابة ستكون "نعم ".

في كتابه "غير فكرك لمجرد التغيير "قال ريتشارد باندلر" يظن بعض

الناس أن الشعور بالسعادة هو نتيجة النجاح , ولكن العكس هو الصحيح

حيث أن النجاح هو نتيجة الشعور بالسعادة ".

فهل أنت أحد هؤلاء الذين ينتظرون شيئا بعينه أو شخصا محددا يجعلك

تشعر بالارتياح والسعادة ؟... هل حدث أنك كنت متلهفا للحصول على

شيء معين , وبعد حصولك عليه قلت في نفسك "هل هذا هو كل ما كنت

أنتظره ؟".

في الحقيقة كل منا كان ضحية للشعور بالضيق في وقت ما في حياتنا,

وكنا أيضا سجناء العواطف السلبية التي قد تكون في صورة خوف أو

حزن أو ألم ... وهناك بعض الناس الذين يحاولون الهرب من مشاكلهم

بتعاطي المخدرات أو شرب الخمور أو التدخين أو الشراهة في الأكل أو

لعب القمار أو حتى مشاهدة التلفاز لفترات طويلة . وللأسف فإن هذه

العادات السلبية تتسبب في أضرار أكثر تسلب الإنسان مقدرته على

الشعور وتعطيه مهربا مؤقتا, وتكون أثارها السيئة أكبر بكثير علي المدى

الطويل .

والآن ... ألم يحن الوقت لنحرر أنفسنا من العواطف السلبية والعادات السلبية ؟

ألم يحن الوقت لنسيطر على عواطفنا ولا نسمح لأي إنسان أو أي شيء أن

يملي علينا ويختار لنا أحاسيسنا.

فلنبدأ بفهم السببين الرئيسين للعواطف ... فبناء على رأي سيجموند فرويد

فإن أول سبب للعواطف هو "الحب والرغبة ". أما السبب الثاني فهو

"الخوف والفقدان ". والسبب الأول يرتبط بالمتعة والسرور, ويدفع

الإنسان للتحول تجاه رغباته ... أما السبب الثاني فيرتبط بالألم ويدفع

الإنسان للابتعاد عن مصدر الألم . وتختلف مصادر العواطف من شخص

إلى أخر وتتحدد طبقا لطريقة تفكيرنا وتفسيرنا للأشياء ومفهومنا ورؤيتنا

للمواقف . فمثلا إذا كان لأي شخص ما رغبة شديدة للتدخين فإنه سيربط

المتعة بتناوله للسيجارة ويتجه للتدخين ... وربما يربط شخص آخر الألم

بعلاقة معينة فيميل لإنهاء تلك العلاقة ويبتعد عنها... وفي كلتا الحالتين فقد

بنيت العواطف على أساس كيفية رؤية الشخص للمواقف والأفكار التي

يضعها في ذهنه ، وبالتالي فرؤيتك لأي موقف هي التي تحدد نوعية

حياتك , وفي ذلك يقول أبراهام لينكولن : "

يكون المرء سعيدا بمقدار الدرجة التي يقرر أن يكون عليها من السعادة "

ففي أي مرة ينتابك الشعور بعواطف سلبية عليك أن تسأل نفسك هل هذه

العاطفة مفيدة أم ضارة؟ . . . هل ستساعدني على التقدم وتحقيق أهدافي؟


والآن إليك المبادئ الأربعة للسعادة:

1. الهدوء النفسي الداخلي:

عندما يكون كيانك الداخلي في سلام و تسمح لقوة الحب بأن تملأ قلبك

وروحك فإن كيانك الداخلي سيجعل مقاومتك شديدة ضد أي من تأثيرات

وأحداث العالم الخارجي , وستتمتع ليلا بالنوم العميق الهادئ بصرف

النظر عن الأحداث التي مررت بها خلال اليوم .


2. الصحة السليمة و الطاقة:

إن كثيرا من الناس يضعون الصحة والطاقة في آخر قائمة اهتماماتهم

ويبدؤون في فهم قيم الصحة فقط إذا انتابتهم المصائب الصحية. ولك أن

تعلم أن الطريقة التي تبرمج بها عقلك و مدى مداومتك على الألعاب

الرياضية كل ذلك يؤثر على مستوى صحتك و طاقتك.

3. الحب و العلاقات:

عندما تكون علاقاتك بالآخرين طيبة , وعندما تكون على علاقة يسودها

الحب مع من حولك ,وتشعر فعلا أنهم يهتمون بك ويحتاجون إليك ستكون

أكثر سعادة .


4. تحقيق الذات:

عندما يكون عندك أهداف ذات قيمة وتشعر بالحماس لتحقيقها ستجد أنك

تعمل في هذا الاتجاه وسيكون شعورك تجاه ذاتك وتجاه مقدرتك على

النجاح إيجابيا .


وفيما يلي نوضح كيف يمكنك تحويل الأحاسيس السلبية إلى أحاسيس

إيجابية في الحال . هناك ثلاث قواعد رئيسة يمكنك عن طريقها أن تتحكم

في الأحاسيس السلبية وتغييرها:

1- تحركات الجسد :


إن الطريقة التي تحرك بها جسمك تؤثر على ذهنك وعلى أحاسيسك

ولنوضح ذلك عليك بإتباع الخطوات التالية :

* أرخ أكتافك وأخفض رأسك وتنفس ببطء وفكر في شيء يسبب لك

الضيق بدرجة كبيرة وردد قائلا "أنا مسرور وفي غاية السعادة "... هل

هذه الطريقة صحيحة ؟... هل تعكس شعورك الحقيقي؟ . . . بالطبع لا.

• والآن اتبع الخطوات العكسية التالية :

ارفع أكتافك ورأسك إلى الأعلى وتنفس بقوة وردد "أنا ضعيف "... هل

هذه الطريقة تعكس

شعورك الحقيقي ؟... بالطبع لا.

في كلتا الحالتين السابقتين حركات الجسم لا تعكس الرسالة التي ترسلها أنت إلى ذهنك

نخلص من ذلك أن الطريقة التي تحرك بها جسمك تؤثر قطعا على إحساسك .

2- تعييرات الوجه:

هل تعرف عدد العضلات في وجه الإنسان ؟... 80عضلة وكل عضلة

متصلة بجزء معين في المخ لذلك فإذا كنت سعيدا ستبتسم وإذا كنت

مسرورا ستضحك وإذا كنت في حالة من الضيق فستعبر عن ذلك بعبوس

الوجه . وبتغيير تعبيرات الوجه يمكنك تغيير أحاسيسك

عندما تبتسم ينخفض مستوى الأدرينالين في الجسم ويرتفع مستوى

الأندورفين ويسبب شعورك بسعادة أكثر وتوتر أقل . فعليك أن تلاحظ في

أول مرة قادمة تواجهك فيها أية مشكلة أن ترسم ابتسامة على وجهك ,

وربما لا يكون ذلك بالشيء الهين والممكن في كل مرة . ولكن قم بعمل

ذلك على أي حال حتى لو تطلبه ذلك منك أن ترسم ابتسامة مزيفة إلى أن

تتقن القيام بذلك بدون مجهود.

3. التمثيل الداخلي :

عند قيامك بعمل أي شيء فإنك تستخدم حواسك الخمس, فالطريقة التي

ترى بها وتسمع بها وتتذوق بها وتشم وتحس بها ,والطريقة التي تعيش

بها أي تجربة لها تركيبها الخاص , فإذا قمت بتغيير هذه التركيبة فيمكنك

بالتالي تغيير التجربة ذاتها.

إذا قمت بتغيير شكل تركيبة أي موقف فيمكنك تغيير الموقف كله أو

التجربة كلها... فعندما يكون عندك إحساس بالضيق فانك تستخدم حواسك

الخمس بتركيبة معينة , أما إذا كنت تشعر بالسعادة فإنك تستخدم نفس

الحواس ولكن بتركيبة مختلفة تماما.

والآن إليك هذه الوصفة الفعالة التي ستساعدك على تغيير أي عواطف

سلبية وتجعلك تشعر بالارتياح والسعادة :

ا - دون إحساسا سلبيا يؤثر عليك الآن .

2- دون لماذا لديك هذا الإحساس ؟

3- قم بتمزيق هذه الورقة وألق بها بعيدا.

4- و الآن دون إحساسا إيجابيا تحب أن تشعر به.

5- تخيل نفسك بإحساسك الجديد.
6- أغمض عينيك ولاحظ أول شيء يخطر ببالك عندما تفكر في هذا

الإحساس وهل هو شيء تراه , تسمعه ، أم تشعر به ؟... ثم لاحظ الشيء

الثاني والشيء الثالث الذي يخطر على بالك .

7 - غير في الصورة , اقترب منها وقم بتكبيرها ثم ادخل فيها ثم غير في

الصوت واجعله صوتا مرتفعا وقويا.

8- غير تحركات جسمك , ارفع رأسك لأعلى مع فرد الأكتاف والتنفس بقوة .

9 - ردد قولك "أنا قوي" خمس مرات .

10 –ارسم ابتسامة على وجهك .


ابتداء من اليوم عليك بأن تمسك بزمام أمور حياتك ولا تحبس نفسك في

حلقة مفرغة, أملأ أي فراغ في حياتك , أبدا في ممارسة هواية جديدة

كالرسم مثلا أو الرياضة ... الخ , وإذا أردت أن تتكلم مع أحد الأشخاص

عن مشكلة ما فقم باختيار الشخص الذي يملك العلم والتجربة لمساعدتك

ولا يقع اختيارك على الأشخاص الذين يقومون بتعقيد المشكلة أكثر فأكثر,


ولا تستمر في سجن نفسك في الماضي لأنك لو استمريت في العيش في

ماضيك فسيصبح هو حاضرك ومستقبلك .

اجعل حياتك رائعة لأن كل يوم هو عبارة عن بداية جديدة, وكل لحظة هي

نعمة من الله عز وجل.


بقلم د. إبراهيم الفقي