أمامنا الآن خمسة مراحل أساسية, يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من عملية اتخاذ القرار:
جمع الوقائع.
الاستشارات.
اتخاذ القرار.
إيصال القرار.
المتابعة.

فهل يتبع كل المدراء والقادة هذه المبادئ؟ ما من مدير يتخذ قراراً دون التفكير جيداً بكيفية متابعته, ولن يتخذه دون أن يعرف أنه قرار ضمن صلاحيته دون معرفة الوقائع التي يجب أن ينبني عليها القرار ... ويجب كذلك معرفة السبيل للحصول على هذه الوقائع ... هناك دائماً شخص ما من الداخل أو من الخارج, له خبرة مباشرة بقرارات مماثلة... لذا لا يجب أن يخشى المدير من أخذ مثال خبرة الآخرين... ولا أحد يجب أن يحمل نفسه معلومات لا جدوى منها. لكن ما أن يعرف المرء ماذا يريد أن يتخذه, لا يمكن أن يكون عارفاً بكل الوقائع ...إذن متى تجهّزت تماماً ... ماذا بعد؟

نصل إلى نقص التشاور (الاستشارات) والتي تقود عادة المواجهات مع الآخرين ممن يطالهم القرار... بعرض وجهات النظر يضمن المدير (القائد) أن لا تقف في وجه قراره أية معارضة, وفي قفزة فوق اعتبارات زملاءه يكون قد سار إلى حفرة من صنع يديه. لذا, لا يجب الرمي بمفاجأة, وأنت لست مضطراً لها ... فحتى لو لم ترَ فيها أية مشكلة, فقد يراها الآخرون... إذن الاستشارات هي عملية واقعية ونفسية في آن...

هناك سببان هامان جداً لاستشارة الآخرين. أولهما معرفة ما إذا كان هناك أية وقائع لم تتوفر أو فهمت خطأً فالمرء دائماً يجد أن هناك شيئاً لم يدركه أما السبب الثاني فهو نفسي, حين يتخذ المدير القائد القرار, هناك أشخاص قد لا يعجبهم, لكن القائد يريد منهم تنفيذه بحماس معقول ودون اعتراضات .. لكن قبل اتخاذ القرار فإن عليه أخذ رأيهم والإصغاء إليه.

التشاور يعني اسعي إلى معلومات, ونصيحة, والأخذ بعين الاعتبار مشاعر ومصالح الآخرين.. لنفترض أن مديراً يريد اتخاذ قرار يؤثر على فريق عمله فمن المنطقي أن يتشاور معهم قبل اتخاذه.. وقبل هنا هي جوهرية.. فالمسألة هنا ليست مسألة طلب المباركة للقرار الذي سبق واتخذه. ولا يمكن لأي كان أي يمتلك كل الوقائع بمفرده أو أن يكون لديه كل الأفكار عما يجب فعله, ومن غير ان يتخذ أحد القرار على الفور, لذلك بإمكانه التفكير ملياً بالأفكار والمعلومات التي تصله عبر المشاورات وقبل أي شيء آخر, يكون بهذا يعطي نفسه فرصة لإعادة النظر بخياراته.

أحدى المشاكل البارزة, ليست في اتخاذ القرار بل بإيصاله إلى من يتأثر به.. في الواقع كل القرارات تؤثر في الآخرين, وإذا نفذت بشكل سيئ دون تفكير مسبق فتسكون النتائج سيئة.

بالطبع, ليست كل القرارات على ذات المستوى الأهمية. أو من النوع عينه... أولاً هناك القرارات الطارئة التي تتطلب عملاً سريعاً واضحاً, مضبوطاً, في الأزمات .. ثانياً, القرارات الروتينية ذات الطبيعة اليومية الروتينية ... لكن لا يجب السماح (( للروتين)) أن يتحول إلى عمل دون تفكير ثالثاً, هناك القابلة للنقاش ... تلك التي تشمل التغيرات. وغني عن القول أن هذه هي القرارات التي تتطلب أكبر وقت وأكثر التحضيرات.

نستلخص من كل هذا:
المشاكل يمكن أن تبرز مع القرار الصحيح مثلها مع القرار الخاطئ.
لا يجب السماح للروتين أن يصبح رمزاً لعدم التفكير.
لا يجب اتخاذ قرار لا يستطيع متخذه أن ينفذه.
القرار باتخاذ القرار, قرار بحد ذاته.
قبل اتخاذ القرار يجب التأكد أن من حقك أن تتخذه.
تعلم من تجربة الآخرين.
لا يمكن لأحد أن يحصل على معلومات كاملة.
لا ترمي بمفاجأة, ليست مضطراً لها.
التشاور لا يعني بالضرورة أن تكون الآراء إجماعية.
ما أن يؤخذ القرار يجب الالتزام به.
لتكن لديك الشجاعة, أن لا تتخذ قراراً.
القرارات يجب أن تسوّق إلى من يتأثر بها.

الصعوبة في استخراج مهارات الناس ومواهبهم في العمل, سببها سنوات من التفكير غير الكافي حول القيادة, التواصل واتخاذ القرار, إضافة إلى الفشل في تعلم ما يجب تعلمه حول هذه الأمور... تقليدياً, عمل القائد هو حماية من حوله من الناس من مخاطر ومساوئ التغيير القاسي الممزق... لكن الإدارة العصرية تهتم بخلق وتنفيذ التغيير.
التغيير في الصناعة مثلاً, يعني الاندماج, الاستيلاء على الإدارة, عن طريق الشراء, التخلص من الفائض, تحويل القيم التقليدية, والخلاص من طلبات مرهقة مقبولة سلفاً. الكثير من تأثيرات كل هذا مؤلم جداً.
وينظر إلى المدراء كمسببين لهذا القلق والألم, بينما رسميوا اتحادات العمالية يبرزون من كل الأزمات, قادة تقليديين, يحمون من يتعرض لمثل هذه المواقف.
تفهم القيادة على أساس النوعية الشخصية التي يملكها شخص ما إلى درجة أكبر من أقرانه, لها صلة كبرى بالموضوع ... لكنها بعيدة عن أن تكون القصة كلها.

من كتاب (المدير الفعّال) خليل سيباني, دار الراتب الجامعية, ص 11-27.