يظهر كل منا ما يشعر به من أحاسيس عن طريق تعبيرات وجهه وتحركات جسمه، وقد اكتشف العالم النفسي البرت مهار ابيان ALBERT MEHARABLAN
من جامعة هارفارد بأمريكا أن أكثر من 93% من عملية الاتصالات تكون غير ملفوظة، وكان مما قاله في هذا الخصوص: أيا كان ما يمر به الشخص بداخله فإن ذلك سيظهر عليه خارجيا في تحركات الجسم وتعبيرات الوجه.. وبقياس السلوك التعبيري للإنسان يمكنك أن تكون فكرة جيدة عما يحدث بداخله وذلك ما يسمى بالسلوك التعبيريAnalogue behavior
فمن الممكن مثلا أن يكون رفع الحاجب اليمن والضغط على الأسنان هو علامة الغضب؛ وحدث أن سألتني ابنتي نرمين في أحد الأيام إذا كانت تستطيع الذهاب إلى منزل صديقتها دينا للاحتفال معها بعيد ميلادها، ثم توقفت لحظة لتلاحظ انطباعي، ثم أضافت: ولكي تكون مطمننا تماما فإن شقيقتي نانسي ستكون معي وأيضا بعض الزميلات من المدرسة، ثم توقفت عن الكلام مرة أخرى لكي تلاحظ انطباعي، فلاحظت أنني نظرت إلى ناحية اليمين ورفعت حاجبي إلى أعلى، فقالت: طبعاً الرأي الأول والأخير يعود إليك فإذا لم توافق فلن أذهب. فسألتها: هل سألت والدتك؟ فقالت: نعم وهي التي طلبت منى أن أخذ منك الأذن. فوافقت على طلبها.
دعنا نرى ما حدث. نرمين تكلمت ثم توقفت لتلاحظ سلوكي التعبيري الخارجي لمحاولة معرفة ما يحدث بداخلي، وعندما شعرت بأنه من المحتمل أن لا أوافق غيرت من أسلوبها حتى حصلت على ما أردات، وكل ما كانت تفعله في الحقيقة هو استخدام المعيار.
في الواقع أن الأطفال يعرفون كيفيه استخدام المعيار منذ سن مبكرة، فنلاحظ أن الطفل ينظر في عين أمه أو أبيه لمحاولة معرفة ما يحدث بداخلهما.. فإذا حدث أن نظرت في عينى طفلا صغيرا لفترة بدون أن تبتسم له أو تكلمه، فستجد أن الطفل يبكي لإحساسه بعدم الأمان.
إذن فالمعيار هو شيء موجود في حياتنا نستخدمه بطريقة طبيعية ولا شعورية.. وما كان من البرمجة اللغوية إلا أن أوضحته بطريقة علمية خاضعة للمقاييس حتى نستطيع أن نتعلمه ونستفيد منه في حياتنا اليومية وفي علاقتنا الشخصية واتصالاتنا بالآخرين لتفادى عديد من المشاكل والأحاسيس السلبية.
كيف يمكنك الاستفادة من المعيار؟
يمكنك الاستفادة من المعيار في المجالات التالية:
1- سهولة الاتصال بالآخرين :فإذا كنت مثلا تتعامل مع شخص ما ولا حظت أنه يكرر سلوكا تعبيريا خارجيا يدل على عدم اقتناعه بما يقول، فيمكنك في هذه الحالة شرح فكرتك بطريقة أخرى تكون مقبولة لديه وعلى ذلك يكون من الممكن إيجاد التوافق بينكما .
2-تحسين العلاقات الزوجية فإذا لاحظ الزوج مثلا على زوجته سلوكا تعبيريا يدل على عدم رضائها على شيء ما، فعليه أن يغير من أسلوبه إلى أن يتفق الطرفان على طريقة مقبولة.
3-تحسين علاقة الآباء بالأبناء :فباستخدام المعيار يستطيع الأبوان معرفة الكثير عن السلوك التعبيري لتصرفات أبنائهم وذلك يساعدهم في تحسين علاقتهم ومساعدتهم في حياتهم.
4-زيادة المرونة:بإدراكك لمفهوم المعيار وكيفية استعمالة، ستصبح مرنا جدا في التعامل مع الناس في أي مكان وفي أي مجال حتى مع اختلاف اللغات والعادات.. فقد كان د. جون جريندر يستخدم المعيار في معاملاته مع الناس في البلاد المختلفة مما كان يساعد على إيجاد توافق شديد بينه وبين الآخرين وبالتالي كان ناجحا في الوصول إلى أهدافه.. فالمرونة في التعامل مع الآخرين يعطيك قوة كبيرة وهذا يزيد من ثقتك بنفسك ومن قدرتك على تحقيق أهدافك.
خطوات استخدام المعيار
1-لاحظ السلوك التعبيري للشخص الآخر.
2-اسأل بعض الأسئلة لكي تتأكد من أن ما تلاحظه من سلوكه التعبيري الخارجي يطابق ما يشعر به هو بداخله.
3-بعد أن تكتشف أن الشخص الأخر يتصرف بنفس الطريقة في التعبير دائما مستخدما أعضاء جسمه عندما يصل لنفس الحالة، وبعد أن تقوم بقياس ذلك عدة مرات، يمكنك عندئذ معرفة ما يحدث بداخله بدون توجيه أي أسئلة له.
هــام :عندما تبدأ في استخدام عملية المعيار فمن الضروري أن تركز أولا على ما يمكن أن تلاحظه عن طريق البصر مثلا، وعندما تشعر أنك تجيد استخدام ذلك، يمكنك أن تضيف استخدام السمع أيضا في الملاحظة، وهكذا إلى أن تتمكن من إجادة العناصر الهامة للمعيار في ملاحظة السلوك التعبيري للآخرين.
د.إبراهيـم الفقـي
المفضلات