تعرف على ما يحتاجه الموظفون



(يستحيل إرضاء الناس في كل الأمور؛ ولذا فإن همنا الوحيد ينبغي أن ينحصر في إرضاء ضمائرنا) أحمد سالم بادويلان.
القيادة حمل ثقيل, فها هو عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد يُقر بحقيقة تاريخية لما قال يوم تولى خلافة المسلمين: "ألا إني لست بخيركم, ولكني رجل منكم, غير أن الله جعلني أثقلكم حملًا", وسنحاول هذا المقال بإذن الله توضيح أهم الاحتياجات التي يحتاجها الموظفون، فلاشك أن المديرين الذين ينجحون في تلبية الاحتياجات اليومية لموظفيهم هم الذين يعتبرون قادة ومحفزون جيدون, وهناك بعض الأشياء التي يحتاجها الموظفون، وهي ما سنتعرف عليها من خلال عناصر المقال وهي:
1- الاحترام.
2- ملكية البيئة.
3- وضوح الأدوار.
4- الإحساس بالانتماء.
5- التعويض العادل.
أولًا ـ الاحترام:
يشمل الاحترام أشياءً كثيرة, ليس أقلها الثقة التي يمنحها المديرون للموظفين ومقدار ما يمكله الموظفون من السلطة والحرية وما يتلقون من مكافآت, وتوجد دلالات عميقة للاحترام وتبدأ بالألقاب, وفي الواقع قد يختار الموظفون ألقابًا أكثر احترمًا من كلمة موظفين, ففي "ديزني" الموظفون مجرد "أعضاء", أما في سلسلة المحلات المشهورة "وال مارت" فهم "زملاء", فإذا أطلقت ألقابًا ذات معنى فهذا احترام لأعضاء فريق العمل لديك.
وثمة مجال آخر بسيط يبدي فيه المدير احترامًا لموظفيه وهو أن يعرف اسم كل فرد ويلقي عليهم تحية الصباح كل يوم, وبمعنى آخر لا بد أن تعامل أعضاء فريقك على أنهم زملاء موثوق بهم وليسوا مرؤوسين بعيدين عنك.
إن الاستماع للاقتراحات والتعبير عن الشكر حتى لو كنت غير موافق على تلك الاقتراحات, يعتبر من أسس الاحترام الهامة التي عليك مراعاتها، استمع لما يقوله أعضاء الفريق, ابدأ بنفسك بأن تحسن الاستماع وبأن تكون منفتح الذهن, اطلب من أعضاء الفريق تزويدك بآرائهم وأفكارهم واستعن بها, فعندما يمعن القائد في تجاهل النصائح والمدخلات من أعضاء فريقه فالفريق كله يعاني من ذلك.
إن القائد الذي لا يستمع لفريقه يضيع على فريقه فرص الفوز ويخيب آمال لاعبيه الذين يرغبون بتقديم أفضل وأهم وإسهاماتهم, والقائد الذي يقول "هكذا يجب أن يكون عليه الحال", يتسبب في إضعاف احتمالات وجود الدافع لدى الفريق لتقديم إسهاماتهم.
وفي هذا يقول جاك وود فورد: " قلَّ من البشر من يصمد أمام الثناء الذي يتضمنه الإنصات باهتمام ".
ثانيًا ـ ملكية البيئة:
يريد العاملون أن يشعروا بأن لهم بيتًا وليس مكانًا مؤقتًا، وعليك أن تضع اسم الشخص على المكان ـ حتى لو كان مكتبًا صغيرًا ـ، وعليك أن تتركهم يزينون مكاتبهم ومكان علمهم, وإذا ما أرادوا أن يزينوا غرفة طعامهم أو إضافة شيء مريح، عليك أن تظهر استعدادك لإعطائهم بعض المال لتغطية احتياجاتهم, ويحكي "روبرت كريتيندون" فيقول:
(قمت بزيارة إحدى المؤسسات في "كونكتيكت" حيث وجدت مكاتب المديرين التنفيذيين مزينة بطريقة تدل على الذوق, ومجهزة حسب الذوق الشخصي للمدير التنفيذي)، فيجب أن يكون للعاملين مكان عمل يفخرون به, فهذا يزيد من إنتاجيتهم ويحسن من صورة المؤسسة.
وعليك أن تجعل العاملين يعرفون أنهم يسيطرون على بيئتهم, وفي ذلك يقول روبرت كريتيندون أيضًا: (فعندما قامت شركتنا بتوحيد عدد من الأقسام لخلق مصدر واحد للرسم وخدمات الطباعة, تركنا الحرية للعاملين في التخطيط والتصميم الداخلي واختيار الاسم لهذا الكيان الجديد؛ ولأنهم أحسوا بملكيتهم لهذا المكان فقد عملوا بكل جد واهتمام في هذا الموقع).
إن الملكية تقوى الشعور بالسلطة وكأنها تقول للعاملين: إن لكم السيطرة على مكانكم وعملكم, فيمكنكم اتخاذ القرارات الخاصة بالعمل والتي تجعلكم أكثر فاعلية, فلديكم القدرة والحرية على تحسين العملية الصناعية وهذا يساهم ماديًّا في تقدم الشركة.
ثالثًا ـ وضوح الأدوار:
التواصل هو المفتاح الذي يجعل الفريق يحافظ على إنتاجيته ويتابع عمله بسهولة ويسر, وتستطيع أن تحصل على أفضل ما تريد من فريقك إذا أسست روتين عمل رسمي للحوار داخل الفريق.
احرص على وضوح الأدوار والمسؤوليات, كل فرد في الفريق بحاجة لمعرفة سبب وجوده في الفريق, وأن يعرف أيضًا أسباب وجود الآخرين وما دور كل واحد منهم وما يجعلهم جميعًا فريقًا واحدًا, ومن الوسائل المساعدة في تصحيح الأخطاء أن نستخدم أداة "ورقة عمل لتوضيح الأدوار", فعندما تقرأ كيف يرى عضو في الفريق واجبات ومواضع الأعضاء الآخرين، تبرز أمامك الأشياء التي ينبغي لك توضيحها وإعادة التأكيد عليها أو تعديلها.
رابعًا ـ الإحساس بالانتماء:
يريد الناس دائمًا أن يكونوا جزءًا من أي شيء, أن ينضموا إلى الآخرين في فريق أو فئة, ويمكنك أن تشجع تمسكهم بالهوية وذلك بأن تترك لهم فرصة أن يطلقوا على أنفسهم اسمًا معينًا, وهذا على الأخص يساعد على إزالة الحواجز داخل فريق العمل الذي تَكَّون من أعضاء من مختلف أقسام الشركة.
وهذا ما قام به فريق عمل "تكنولوجيا المعلومات" في إحدى الشركات، فقد أطلقوا على أنفسهم اسم "كسارات البندق" وكانوا يفخرون بأن لهم هذه الهوية, وتشيع الأسماء في العسكرية, فالوحدات لها أسماء والكليات، وحتى فرق كرة القدم وكل هذا يصبح بلا لون إذا لم يصفوا أنفسهم بأسماء مثل "المد الأحمر", و"الإعصار الذهبي", وحتى في الوحدات الصغيرة في الشركة يكون للهوية الفريدة تأثير كبير على الإحساس بالانتماء.
وتوجد طرق أخرى كثيرة لتشكيل الإحساس بالتقرب وتجميع الأفراد في مجموعة, قم بمنح الموظفين فرصة ارتداء ثياب متميزة في يوم ما يفضلونه, ابتدع لهم قميصًا يتميزون به في الشركة, وقم بعمل نزهات خارجية ويمكن تناول الطعام بالخارج بصفة منتظمة.
ولابد أن تضع في ذهنك المناسبات الأخرى مثل: الذكرى السنوية لالتحاق أي عامل بالشركة, وعليك أن تقيم منافسات ودية مع الأقسام الأخرى أو منافسات داخل قسمك أنت؛ لأن العالمين يريدون أن يشعروا وكأنهم أفراد أسرة واحدة, كما يريدون أن يكونوا في المكان الذي يعرف الناس فيه أسماءهم.
خامسًا ـ التعويض العادل:
لقد كان الاعتبار الأول دائمًا هو كم أجر هذا العمل؟ ولكن بعض أفراد الموارد البشرية قد أسرعوا في إيضاح أن ما يريده العاملون في الحقيقة هو العرفان والمشاركة والاستحسان من قبل صاحب العمل, وفي دراسة عن أهم عشرة اهتمامات للعاملين كانت النقود في المركز الأوسط.
يقول "روبرت كريتيندون" عن التعويض العادل: (فإنك لن تستطيع أن تجذب أو تبقي على العاملين الجيدين طويلًا إلا إذا شعروا بأنهم يعوضون بطريقة عادلة عن وقتهم, ولنرجع إلى الأساسيات, فإن قضية الأجر هي عملية متبادلة حيث يقوم الشخص باستبدال عمله مقابل نقود, فإذا قيم العامل جهده بأنه مستهلك فهناك توقعًا واضحًا بأن تكون المكافأة مناسبة في المقدار).
وأخيرًا نستفيد ـ عزيزي القارئ ـ بأن القائد عليه أن يضع نصب عينيه تلبية احتياجات موظفيه الأساسية ليكون قادرًا على الحفاظ عليهم ومضاعفة إنتاجيتهم وتطوير مهاراتهم.
المراجع:
1- عدة المدير الجديد, روبرت كريتيندون.
2- كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس, ديل كارنيجي.
3- قيادة فريق العمل, مطبوعات كلية هارفرد لإدارة الأعمال.
4- حتى لا تفشل، أحمد سالم بادويلان.