بقلم :د.أحلام جاسم الحوسني

تعتبر الوظيفة هي الركيزة الأساسية في إدارة الموارد البشرية، فليس هناك ممارسة تقريبا من ممارسات إدارة المورد البشرية إلا وكانت الوظيفة طرفاً فيها، فحين نختار الأفراد المناسبين، فإننا نختارهم لوظائف معينة، وهم مناسبون لهذه الوظائف دون غيرها.


فكما أن الأفراد مختلفون فالوظائف كذلك مختلفة وإن وظيفة إدارة الموارد البشرية في أي منظمة أو مؤسسة هي التوفيق بين هذين الاختلافين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، حيث إن الهدف الرئيسي لإدارة الموارد البشرية هو رفع كفاءة وفاعلية استخدام العنصر البشري.ان منظمات العمل العربية تفتقر إلى عنصر تخطيط المسار الوظيفي ووضع الخطط الوظيفية للعاملين، وذلك بسبب انعدام أو عدم وضوح الرؤية للمنظمة، وعدم وجود التخطيط الاستراتيجي السليم للعمل والعاملين.


ان تخطيط وتنمية المسار الوظيفي يركز على تحقيق التوافق والتطابق بين الإفراد من جهة وبين الوظائف والنمو الوظيفي من جهة الأخرى، وما يطرأ على هذا العالم بأجمعه من تغييرات وثورات معرفية وتكنولوجية، ويزداد الاهتمام في كل منها إلى الدرجة التي يمكن القول ان هناك مدخلاً فردياً ومدخلاً تنظيمياً لتخطيط وتنمية المسار الوظيفي.


حيث إن المدخل الفردي يركز على مساعدة الأفراد على معرفة أهدافهم ومعرفة إمكانياتهم وقدراتهم، وتعريفهم بالوسائل اللازمة لتحقيق هذه الأهداف والتبصر بمستقبلهم وواقعهم الحالي، وتزايد أهمية تخطيط هذا المسار على مستوى الفرد في مراحل معينة من أهمها مرحلة أول وظيفة للفرد (عادة بعد تخرجه من مراحل التعليم) وفي مرحلة الاستقرار العائلي، وحيث إن هذا التخطيط سوف يساعد الفرد على تحقيق أهدافه المنشودة ورضاه الوظيفي.


أما المدخل التنظيمي فإنه يركز على اتباع أساليب إدارية (كالتدريب والنقل والترقية والتقاعد المبكر، التدوير) لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بهدف تحقيق أهداف المنظمة من الإنتاجية، وذلك بدءاً بالتحديد الجيد لاحتياجات المنظمة من العاملين والبحث عنهم من المصادر المناسبة، وجذبهم للالتحاق بالوظيفة وبالأخص في الوظائف التي تتطلب كفاءات ومهارات عالية، يلي ذلك توجيه العاملين الجدد في وظائفهم وتدريبهم لشغل الوظائف الجديدة، والاستغناء عن الموظفين غير المناسبين، والإقلال من نسبة البطالة المقنعة، وتأهيل العاملين على ترك الخدمة، ولكن من يقوم بتلك المهمة؟


هناك عدة أطراف ضليعة في ما يجب أن يتم في تخطيط المسار الوظيفي، فالفرد هو الأقدر على معرفة آماله وقدراته والربط بينهما، ومعرفة الطريق المناسب إلى تحقيق ذلك بالقدرات، أما المنظمة ممثلة في مدير الموارد البشرية من مسؤولية اكتشاف التوافق بين الوظيفة والفرد، ويتم ذلك من خلال ممارسات يتم التخطيط لها وتنفيذها، أما المدير التنفيذي فله دور مهم في ملاحظة أي اختلالات في التوافق بين الفرد والوظيفة، والتوصية لمدير الموارد البشرية بإجراء أو نصح الفرد في اتجاه محدد.


ومن الوسائل والأساليب الفعالة التي يمكن للمنظمة أن تستعين بها لاكتشاف التوافق بين الفرد والوظيفة من عدمه هو عدة أساليب ومنها على سبيل المثال تقييم الأداء، مختبرات المسار الوظيفي، مراكز التقييم، بحوث الرضا الوظيفي، استخدام مخزون المهارات، أما في مرحلة الدخول للعمل فهناك أسلوب توفير علاقات جيدة مع مصادر توفير العمالة وأسلوب استخدام ممارسات جيدة في التوظيف ومنها طلب التوظيف، الاختبارات، المقابلات.


أما مرحلة توفير وظيفة ومناخ مناسب فهناك أسلوب توفير الوصف الوظيفي المتكامل، وتأهيل الموظف الجديد، التدوير، توفير مهام بها تحد، اشتراك لمديرين في ممارسات المسار الوظيفي، أما حين يتم اكتشاف عدم التوافق بين الفرد والوظيفة فهناك أسلوب النقل، الترقية، التدريب، أما مرحلة الخروج من المنظمة فهناك وسيلة التقاعد المبكر، والمساعدة في البحث عن وظيفة أخرى خارج المنظمة.


وقد يتساءل بعض القراء وبالأخص الاقتصاديون منهم عن العائد والتكلفة لنظام المسار الوظيفي، فإنني أستطيع ان أوجز بأن التكلفة سوف تكون حول تكلفة المسؤولين عن البرنامج وأجورهم، تكلفة المختبرات وورش العمل الخاصة بمساندة العاملين في تحديد مسارهم الوظيفي، تكلفة المستشار، تكلفة إدارة اجتماعات النصح والمشورة، تكلفة إعداد واستخدام مراكز التقييم، تكلفة النقل والترقية والتدريب.


أما العوائد منها عوائد غير مباشرة، وتتمثل في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، والرضا الوظيفي عند الأفراد، العمل على تحقيق أهداف المنظمات من خلال تحقيق جودة أداء عالية وبأقل جهد وأقل ثمن مع حسن وتميز في الأداء والإنتاجية.