ان الانسان السوي به من المميزات الواضحة التي يستدل بها من سلوكه ، واول هذه الميزات المرونة مقابل الابتعاد عن التصلب والجمود ، والمرونة تعني مواجهة المواقف الحياتية والتغيرات الضاغطة في مسيرة الحياة بكل شجاعة وحزم ، فكلنا نواجه الاحداث والصراعات الخارجية ونبذل مجهوداً حثيثاً لمحاولة حسمها ، ففي علاقتنا مع زوجاتنا نواجه احياناً احداثاً ، وكذلك عند توجيه ابناءنا وفي طريقة تربيتهم واسلوب ممارسة الحياة وكذلك في اماكن العمل ، ونتخذ القرارت التي تنبع من دواخلنا بغية حسم الامور بالتوافق والرضا مع الاحساس التام بأهمية هذه القرارات ومدى ثباتها ، حتى بات الناس يتعاملون مع بعضهم البعض بكل ثقة عبر ما ينطقون به ويتفوهون به ، ويؤكدونه ذلك في تصرفاتهم وسلوكهم حتى بات السلوك القريب الى الثبات في الرأي والدفاع عنه سمة من سمات تحضرالافراد و الشعوب ، ونبذت هذه المجتمعات سمة الكذب او التبرير الزائف للاقوال والافعال او التلون في السلوك وما الى ذلك من صفات سيئة .
اننا الان امام نمط من الشخصية مازال به من السمات تختلف عن السمات الاخرى تماماً ، صاحبها لايهدأ له با ل ولا يستقر على رأي ولايمكن ان يؤخذ منه قرار واضح او صريح ، فهو يتقلب بعدد دقائق الساعة ، وله عدة اراء وخصوصاً في التعامل وازاء ذلك يقول علماء النفس ان تسمية هذه الشخصية جاءت نتيجة حالة المزاج الذي لايستقر على صورة ثابتة ، فهو سريع التقلب في الشعور والعاطفة من حالة الايجابية الى نقيضها في السلبية ، ويتأرجح في المزاج من الانفعا ل الى الهدوء والسكينة ،و من حالة الفرح والسرور الى حالة الحزن والغم حتى رأى البعض من علماء النفس ان نمط هذه الشخصية اكثر ميلا للشخصية الفصامية لولا ا لبنية الجسمية التي تميل الى البدانة فمعظم الفصاميين هم من اصحاب البنية النحيلة .
تعد الشخصية المتقلبة شخصية ذات ميل شديد للتصرف باندفاع قوي دون مراعاة لاية ضوابط او تبعات ومن صفاته ايضاً ميل الى الحدية في التصرف والسلوك ومن الصعب ان يتوافق اجتماعياً بالرغم من وجود مؤشر قوي وواضح بعدم قدرته على التوازن الوجداني ، فهو يتذبذب دائماً في اتخاذ القرار ويتذبذب بين القلق والغضب الى العصبية الزائدة فضلا عن عدم معرفته واستقراره بما يريد حتى سمي بالنزق " النوع النزقي Impulsive type " .
ومن صفاته ايضاً انه اناني وله القدرة العالية على الهروب من المواقف الحياتية التي بها تعهد او التزام او توكيد للذات ، فهو متحلل بكل معنى من كل انضباط او التزام قيمي يؤدي الى انضباط في التعامل. ويمكن القول ا ن نمط هذه الشخصية هو نمط الشخصية السلبية او العدوانية احياناً ، فعدم الالتزام والتقيد بالكلمة او العهد لدى صاحب الشخصية المتقلبة يدفع بالاخرين الى فقدان الصلة به او التعامل معه او حتى نبذه بمرور الوقت وبمرور الوقت ايضاً تصبح هذه الشخصية شاذة اجتماعياً .
تتكون هذه الشخصية بسبب القسوة في التربية خلال مراحل العمر الاولى وخصوصاً السنوات الستة الاولى ، كذلك بعد وطأة القسوة المفرطة في التعامل اثناء مراحل العمر حتى الرشد مع الحرمان من العاطفة والمحبة داخل الاسرة ، لذا فأن تربية التصلب والجمود والقسوة تترك لدى الفرد شخصية اكثر تصلباً ، لاتعرف المرونة ، وتكون متقلبة في الرأي والقرار ، ومن الصعب عليها التكيف الصحي السليم ولهذا تتكون لدى هذه الشخصية بعض السلوكيات تبدو واضحة للمقربين من ابرزها :

- الشك بالاخرين مع موقف عدائي دفين تجاههم لايظهره .
- الاحساس الدائم بأنه على شفا خطر في التعامل مع الاخرين .
- احساس داخلي باليأس .
- الشعور بالاغتراب الداخلي .
- التعامل مع الاخرين بحذر وكأنه تحت وطأة التهديد .

هذه الشخصية تواجهنا في التعامل الحياتي اليومي وتستثار بأقل حافز يوجه اليها وربما يؤدي احياناً الى عملية جذب او شد لاتفه الاسباب والامور حتى نعتقد اننا نفقد التفاهم لكثرة اللف والدوران في الحديث مع هذه الشخصية ، ويجزع البعض منا ويريد انهاء الحديث معها لكثرة التقلب في المزاج وعدم الاستقرار والوضوح في الرأي ، وكثيراً من هؤلاء الاشخاص ذوي الشخصيات المتقلبة يعترفون بأنهم متعبيّن ولايستقروا على رأي او الاعتماد على قولهم بشكل ثابت .

منقول