المسببات الخارجية
اما إذا كانت الأزمة ناتجة عن مسبب خارجي فيمكن عندئذ استخدام الأساليب التالية:
أ- أسلوب الخيارات الضاغطة: مثل التشدد وعدم الإذعان والتهديد المباشر.
ب- الخيارات التوفيقية: حيث يقوم أحد الأطراف بإبداء الرغبة في تخفيف الأزمة ومحاولة إيجاد تسوية عادلة للأطراف.
ج- الخيارات التنسيقية: أي استخدام كلا الأسلوبين الأخيرين، أي التفاوض مع استخدام القوة. ختاما فان ما قدمناه يمكن أن يصلح دليلا يسلط الضوء إلى حد ما على مفاصل الأزمة بخاصة الإدارية أو السياسية منها، الامر الذي يؤدي إذا ما تم التعاطي مع ابرز مفرداته ايجابيا من قبل صناع القرار إلى وضع تصور اولي لحل الأزمات التي تواجه الطاقم السياسي بين الحين والحين الآخر، سيما وان سلسلة الأزمات في البلاد يبدو أنها مرشحة للاتساع من حيث المدى والنوع مع الاخذ بنظر الاعتبار، ملفات لم تزل تنتظر الحسم السياسي وأخرى في طور التشكل أو الاستفحال.



كيف الادارة الماليزية أدارت أزمة الحج سنويا
في دراسة مقدمة "دور التوعية في منع الزحام أولويات التنفيذ" في الملتقى العلمي الخامس لأبحاث الحج، تنص مشكلة الدراسة على أن البحوث والدراسات العلمية والتجارب والتقارير المبنية على الملاحظات الميدانية أثبتت أن توعية الحجاج من بلادهم يعتبر أحد الحلول الإستراتيجية للقضاء على أزمة الزحام عند رمي الجمرات. أشارت الدراسة إلى أن ظاهرة الزحام في الحج, وخاصة أثناء رمي الجمرات ما زالت تتكرر بشكل سنوي تقريبا ويذهب ضحيتها العديد من الحجاج كل عام وأكثر من 362 لقوا حتفهم في العام المنصرم. وأوضحت الدراسة أن نسبة الحجاج الذين قدموا من ماليزيا بلغت (4%) من إجمالي حجاج القارة ونسبة (3%) من إجمالي حجاج القارة ـ. وقد أصيب منهم خلال نفس الفترة حاج (واحد) فقط أثناء رمى الجمرات. وهذا يعني أن حجاج ماليزيا من أكثر الحجاج تجنباً لمواقع وأوقات الزحام نتيجة لبرامج التوعية والتدريب العملي التي يتلقونها في بلادهم وبوقت كافي قبل وصولهم إلى المملكة لأداء الحج. أيضاً أوضحت الدراسة أنه من خلال المقابلات الشخصية مع بعض المسئولين أشاروا إلى أن الحجاج الماليزيين من أكثر الحجاج تنظيماً والتزاماً بتعليمات وزارة الحج ومؤسسات الطوافة. تستطرد الدراسة من خلال دراسة وتحليل محتويات برامج التوعية والتدريب المنفذة في ماليزيا، أتضح أن ماليزيا أنشأت مؤسسة خاصة لشئون الحج عام 1959 حيث يقوم كل مواطن ماليزي مسلم منذ ولادته بدفع مبلغ معين لهذه المؤسسة سنوياً. على أن تقوم هذه المؤسسة باستثمار هذه المبالغ والصرف منها على الحاج الماليزي عند رغبته في أداء الحج، وجزء من هذه الأموال يصرف على توعية الحاج وتدريبه على أداء مناسك الحج بشكل آمن وصحيح. أيضاً كما أوردت الدراسة إن برامج التوعية والتدريب هذه تشتمل على محاضرات وندوات نظرية عن أنظمة وتعليمات الحج متضمنة تدريب الحجاج على أداء مناسك الحج من خلال استخدام نظام المحاكاةvirtual reality tour)) حيث تم تجهيز مواقع مماثلة تمامًا للمواقع التي يمر بها الحاج منذ وصولة لأداء فريضة الحج وحتى عودته إلي بلده. فمثلاً تم بناء مجسم للكعبة وتدريب الحجاج على كيفية الطواف وكذلك موقع رمي الجمرات لتدريب الحجاج على الطريقة الآمنة والسليمة لرمي الجمرات وكيفية تجنب مواقع وأوقات الزحام. كما يتم اختبار الحجاج بعد تدريبهم لمعرفة مدى الاستفادة من تلك البرامج. أي أن الحاج الماليزي يأتي إلى المملكة العربية السعودية وقد تدرب عمليًا على كيفية أداء الحج. هذه البرامج التوعوية ساهمت مساهمة فاعلة في جعل الحجاج الماليزيين أقل عرضة للموت أو للإصابة أثناء أداء فريضة الحج وأثناء كوارث الزحام التي حدثت خلال السنوات السابقة موضع الدراسة فهم أكثر الحجاج تنظيماً وتنفيذاً للتعليمات وعلى وعي تام بجميع المراحل التي يمر بها أداء الحج. ومن خلال جمع البيانات والمعلومات التي حصلت عليها الدراسة لم تجد تجربة مماثلة للتجربة الماليزية لدى أي دولة من الدول. تعقيباً على هذه الدراسة ,يتضح لنا مدى أهمية تطبيق إدارة الأزمات في الحج والتجربة الماليزية خير مثال على ذلك. نجد في هذه التجربة استخدام وتطبيق عنصر المحاكاة مع الحجاج الماليزيين وأثر ذلك في زيادة الوعي لديهم وبالتالي التقليل من مخاطر حدوث وفيات بينهم أثناء الحج. لذا يتضح لنا أيضًا أنه لا مجال للعشوائية والتخبط في جميع أمور حياتنا وبالأخص تلك المناسبة الدينية السنوية التي تعاني منها الأجهزة الحكومية المختلفة بسبب الزحام الشديد وغياب التنظيم والتوعية الوقائية في مثل هذه الأزمات ، فالأزمة هذه يجب النظر لها على أنها الأزمة التي يجب إدارتها بإيجاد الحلول الجذرية لها ليس على مستوى المملكة بل على مستوى العالم الإسلامي وبالأخص عندما ندرك أن هذه الأزمة سنوية متكررة أي بمعنى غياب عنصر المفاجأة بها.
ختامًا
ورد في مقال إدارة الأزمات:الفن الصعب عندما يحدث ما لا تتوقعه كيف تواجه المواقف والأحداث التي لم تخطط لها؟ أن جيري سيكيتش لخص أهمية تخطيط إدارة الأزمات في كتابه (كافة المخاطر) حين كتب "لا تختبر أي إدارة اختبارا جيدا إلا في مواقف الأزمات". أيضًا يُـعتبر الإنسان أهم مورد في المنظمات لذا نرى أنه لا يوجد بديل لوجود أشخاص أكفاء لديهم خبرات عالية يمكنهم التصرف بسرعة وجدارة لإيجاد حلول جذرية لحل المشاكل الناتجة عن الأزمات. يجب على المدير التوجّه مباشرةً إلى العاملين في المنظمة وتقديم خطة الأزمات لهم طالبا دعم كل فرد منهم وعليه أن يدرب العاملين معه لاختبار واقعية الحلول الموضوعة، بحيث يتعود العاملون بمرور الوقت على التعامل مع الأزمات باعتبارها أحد مواقف العمل العادية ولا يركزون على الأزمة ذاتها مثل التجربة الماليزية واليابانية السابق ذكرها. إن أزمة إداراتنا هو عدم تبني إدارة الأزمات وتفعيلها كأحد الحلول الجذرية والمهمة للمنظمة في العالم العربي والإسلامي إلا في ما ندر. أيضًا عدم تأصيل العلمية المنهجية قبل وأثناء التعامل مع الأزمات.. جملة القول من خلال ما تقدم يتضح لنا النوعان في المنظمات ورب سائل يسأل هل منظماتنا في حال الاستعداد أم الاستهداف لكن المتابع يجيب أن أي استعراض للأزمات المتكررة والمتعددة في واقعنا يبين لنا أنها في حال الاستهداف إلى أجل غير معلوم.


إلى اللقاء فى سلسلة أخرى إن شاء الله


د/ يسرى عبد الفتاح