إصلاح الخدمات العامة جزء هام من اقناع الناس باهمية الاصلاح
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليا بالاقتصاد
دبلوم علوم نفسية وتربوية
دورة اعداد المدربين T.O.T
alrahmanabd@gmail.com

أطلق مشروع الأمم المتحدة الإنمائي في الفترة بين عامي 2002-2005 مشروعاً أعطى تحليلاً مفصلاً للهيكلية التنظيمية والتوصيفات الوظيفية وسير العمل في مكتب رئيس الوزراء ووزارة الإدارة المحلية وقسم الزبائن. وقد عالجت الدراسة الخدمات المقدمة في الجهتين الأخيرتين. لكن المشروع لم يكتمل بسبب مقاومة في بعض الجهات المستفيدة واعتقاد مشروع الأمم المتحدة الإنمائي بالحاجة إلى مدخل أوسع نحو الإصلاح الإداري يتجاوز المؤسسات الحكومية الفردية.
وفي أواخر عام 2006، أطلق مشروع الأمم المتحدة الإنمائي والحكومة السورية برنامج إصلاح الخدمات العامة. وهو مشروع يمتد تنفيذه على ثلاثة أعوام تحت إشراف مكتب رئيس الوزراء، وتمثل هيئة تخطيط الدولة الجهة النظيرة. ويساعد مشروع الأمم المتحدة الإنمائي والحكومة السورية في تمويله. تبلغ الموارد المالية المتاحة حالياً 11 مليون دولار تغطي الدراسات والتنفيذ خلال السنة الأولى للبرنامج.
ويشمل مشروع إصلاح الخدمات العامة 11 وزارة ومؤسسة بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية والإدارية على مستوى الحكومة المركزية، بما في ذلك الحسابات، والشؤون الداخلية والبريد والاتصالات والتكنولوجيا والنقل والشؤون الاجتماعية. يهدف مشروع إصلاح الخدمات العامة في مرحلته الأولى إلى تحديد أهم الخدمات المقدمة للمواطن في كل من المؤسسات والوزارات الإحدى عشر. أما في مرحلته الثانية فيهدف المشروع إلى إعادة هندسة الإجراءات المشمولة في هذه الخدمات بغية تبسيطها. ويقصد من تبسيط الإجراءات البقاء في المجال العملي من دون تجاوز القوانين. ولن يتم اعتماد تقانة المعلومات إلا كحل أخير، حيث ستسمح في النهاية من ربط نتائج المشاريع بالحكومة الإلكترونية[1]. يتوقع المشروع ضرورة تدريب الموظفين في المؤسسات المستفيدة لكنه لا يغطي كلفة تركيب الآلات.
وبعد تحديد خدمات الوزراة والوصول إلى مرحلة التنفيذ، "تنفصل" الجهة المستفيدة عن مشروع إصلاح الخدمات العامة ويصبح مشروعاً قائماً بذاته. حيث تتم صياغة وثيقة مشروع منفصلة لكل جهة مستفيدة، والتي يتوقع أن تساهم بجزء من موازنتها لدعم المشروع. وهذه حالة وزارة العدل حيث تجري حالياً أتمتة قرارات المحاكم في محافظة درعا.
التقييم
لاحظ خبراء كل من مشروع التحديث المؤسساتي والقطاعي ومشروع الأمم المتحدة الإنمائي عيوباً في الأسلوب المتبع في إنشاء مكاتب النافذة في الوزارات. وهي تضم بشكل رئيسي مكاتب الاستقبال في مداخل الأبنية الحكومية، فقد كان هذا الأسلوب شكلياً فقط لم يستطع فعلياً تسريع تقديم الخدمات أو تعزيز جودتها.
يُجري حالياً مشروع التحديث المؤسساتي والقطاعي ومشروع الأمم المتحدة الإنمائي اعتماد أسلوب لتحسين تقديم الخدمات للمواطنين يعتمد على مراجعة الإجراءات التي يتضمنها تقديم خدمات معينة، وتبسيطها. وتستلزم شراكة الحكومة السورية مع مشروع الأمم المتحدة الإنمائي في مشروع إصلاح الخدمات العامة التزاماً واضحاً من جانبها بما يتعلق بهذه الخطوة.
يلعب مشروع التحديث المؤسساتي والقطاعي مع مشروع الأمم المتحدة الإنمائي أدواراً متممة في الجهود المبذولة لتحسين تقديم الخدمات للمواطنين. حيث يركز مشروع التحديث على الخدمات المختارة التي تقدمها الوزارات الاقتصادية للمستثمرين، بينما يركز مشروع الأمم المتحدة الإنمائي على الخدمات ذلت الطبيعة الاجتماعية والإدارية. إلا أنهما يختلفان في المنهجية المتبعة. فبينما يؤكد مشروع التحديث بقوة على أهمية تقانة المعلومات والاتصالات في تقديم الخدمات والتواصل مع المواطنين، نجد أن مشروع الأمم المتحدة الإنمائي يعتبرها خطوة مكملة يمكن تطبيقها في مرحلة لاحقة. لكن من المهم التنويه إلى أنهما متفقان على تبسيط الإجراءات والتوحيد القياسي كشروط مبدئية لتحسين جودة تقديم الخدمات وسرعته.
الخطوات التالية
يمكن اقتراح عدد من الإجراءات لتوسيع مدى الجهود الحالية وتقييم تأثيرها على المدى المتوسط. وهذه الاقتراحات كالتالي:
§ مسح شامل للمعاملات والخدمات المهمة بالنسبة للمواطنين: ويركز مشروع الأمم المتحدة الإنمائي حالياً مع مشروع التحديث المؤسساتي والقطاعي على المعاملات المتعلقة بمهامهما أو التي تدعم أسلوبهما التنموي. وليس هناك دليل على أن جهود هذه المشاريع ستغطي كل المعاملات المهمة للمواطنين. ويمكن من خلال المسح الشامل التأكد من تغطية جميع المعاملات والخدمات المهمة بالنسبة للمواطنين. ويمثل هذا المسح نتيجة ثانوية للمراجعات الوظيفية المقترحة في وثيقة الاستراتيجية والخطة الرئيسة هذه تغطي جميع الوزارات وتشمل قسماً خاصاً حول الخدمات المقدمة؛
§ توسيع تجارب مركز خدمة المواطنين ومشروع إصلاح الخدمات العامة لتغطي المحافظات والبلديات: تركز الجهود الحالية التي يبذلها مشروع التحديث ومشروع الأمم المتحدة الإنمائي على الإدارة المركزية. ويستوجب توسيع هذه الجهود لتغطية المحافظات والبلديات، التي توفر الخدمات للمواطنين في مناطق إقامتهم؛
§ تأمين التمويل لتغطية الدراسات الإضافية وضمان التنفيذ: لا تزال جهود مشروع التحديث المؤسساتي والقطاعي ومشروع الأمم المتحدة الإنمائي في مرحلة الدراسة. باستثناء مبادرة مشروع التحديث المؤسساتي والقطاعي، فليس ثمة دليل على توفر التمويل لدعم التنفيذ. ولا بد من تمويل إضافي لتوسيع مجال عمل مركز خدمة المواطنين ومشروع إصلاح الخدمات العامة بعيداً عن الحكومة المركزية وضمان تنفيذها على المدى المتوسط؛
§ إجراء تسوق سري[2] لمعرفة رضا الزبائن بشأن تحسين تقديم الخدمات: يمكن اعتماد التسوق السري لتقييم جودة الخدمات المقدمة واتخاذ الإجراءات التصحيحية في مرحلة مبكرة؛
§ لا يسعنا التأكيد بشكل كاف على أن تحسين تقديم الخدمات من قبل الإدارة يحتاج إلى برنامج تدريب شامل ومتخصص ومتواصل. ويجب أن تسمح نتائج تقييم جودة تقديم الخدمات، سواء كانت عبر "التسوق السري" أو عبر تقنيات أخرى، بتوفير تغذية راجعة للموظفين الذين يعملون باتصال مباشر مع المواطنين ومع مدير القسم المعني، وبقياس التقدم بانتظام شريطة توفير التدريب لتحسين مهارات الموظفين. وستظهر التجربة ما إذا كان من الضروري إضافة تغييرات على الإجراءات الإدارية المطبقة أو ما إذا كان من اللازم تطبيق المزيد من إعادة الهيكلية التنظيمية وإعادة التعيين.
ويجب، من وجهة نظر بعيدة المدى، أن يؤدي مشروع "مركز خدمة المواطنين" التجريبي الممول من الاتحاد الأوروبي ومشروع التحديث المؤسساتي والقطاعي، إلى إعادة إنتاج خبرة جيدة وتوفير إطار عمل ومنهجية لبناء شبكة وطنية واسعة لـ "مراكز خدمة المواطن" تضم الخدمات التي يعالجها مشروع إصلاح الخدمات العامة/مشروع الأمم المتحدة الإنمائي.
الهدف العام
لتحسين الجودة والكفاءة والسرعة ولتقليل بيروقراطية الخدمات المقدمة من قبل الإدارة السورية لكل رجال القانون والأفراد والمنظمات غير الحكومية والشركات الخاصة المشابهة على أساس المبادئ القانونية الإدارية التالية: 1) الموثوقية وقابلية التوقع؛ 2) الانفتاح والشفافية؛ 3) المسؤولية؛ 4) الكفاءة والفعالية[3].
وذلك لتحسين المعلومات المقدمة للمواطنين وتوفير خدمات مرنة مع حسن الاستجابة.
الهدف
§ التأكد من أن الخدمات الإدارية المقدمة حالياً من قبل الوزارات يجري تقديمها تحت إشراف المحافظات؛
§ تحسين العلاقة بين الإدارة العامة والمواطنين (الحكومة الإلكترونية)؛
§ إنشاء مراكز خدمة المواطن لجميع القطاعات؛
§ إنشاء أنظمة تسمح بمراقبة الخدمات المقدمة؛
§ تحسين الإدارة والتحليل ومتابعة شكاوى المواطنين.
النشاطات
§ وضع تشريعات وإجراءات إدارية جديدة تجعل بعض الأقسام وخدماتها أقرب إلى المواطنين، وذلك وفقاً لمنهجية يتم من خلالها نقل سلطة اتخاذ القرار من الوزارات المركزية إلى المحافظات؛
§ وضع تشريعات وإجراءات جديدة للتأكد من تقليل البيروقراطية وتخفيف عدد الوثائق المطلوبة للحصول على الخدمات الإدارية والتي قد تعتمد في بعض الحالات على الثقة والشرف، على مسؤولية المواطن نفسه؛
§ يقوم فريق مراقبة بتقديم تقارير إلى مركز دعم القرار على مستوى رئيس مجلس الوزراء وبمراقبة القطاعات التي يحتك بها المواطن يومياً؛
§ القيام بزيارات ميدانية للأقسام المعنية وطلب الخدمات كأي مواطن عادي بغية الحصول على معلومات حول جودة الخدمات وتقييم طريقة التعامل مع المواطنين وطريقة حصولهم على الخدمات، وتقديم تقرير من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحسين، بما في ذلك تدريب الموظفين في قسم "رعاية الزبائن"؛
§ دعم الإدارات التي تفتقر إلى التنظيم أو الموارد البشرية والمادية من أجل تقديم الخدمات بطريقة "لطيفة مع الزبائن"؛
§ إجراء دراسات جدوى لنقل نشاطات خاصة بالإدارة، مع الاهتمام بشكل خاص بمقارنة المنافع من حيث الجودة والتكاليف؛
§ تحديد الأقسام والوحدات الإدارية حيث يمكن اعتماد الإدارة بالنتائج؛
§ نشر أدلة عن الإجراءات الإدارية وتنظيم سير العمل؛
§ صياغة خطة لاعتماد المعاملات الإلكترونية؛
§ تطوير إجراءات النافذة الواحدة واعتمادها مع إعطاء الأولوية لما يلي:[4]


[1]- أكد أحد مصادر معلومات الفريق كثرة حالات تجاهل التكنولوجيا الحديثة في الإدارة العامة. وقد صدرت بطاقات هوية حديثة مؤخراً تحمل معلومات حيوية كالسجل العدلي، لكنها بالكاد تستخدم من المواطنين والموظفين.

[2]- التسوق السري أداة تستخدمها شركات أبحاث السوق كأداة لقياس جودة خدمات البيع بالتجزئة. حيث ترسل الشركات متسوقين سريين "يمثلون" دور المتسوق أو ليتسوقوا بشكل حقيقي مقابل نقود أو بطاقات تسوق أو حسومات على السلع أو الخدمات. ويمكن أن تضم التعليمات الموجهة إلى المتسوقين السريين نصاً حول السلوك والأسئلة والشكاوى وعمليات الشراء والقياسات المطلوبة، مثل الزمن المستغرق حتى الحصول على انتباه الموظف أو الخدمة، أو الإجابات التي حصل عليها من طرح الأسئلة. وقد جرى تكيييف هذه الأداة لاستخدامها في الخدمات العامة، وهي مطبقة غالباً في المملكة المتحدة.

[3] المبادئ الأوروبية للإدارة العامة – دراسة سيغما (SIGMA) رقم 27، SIGMA /منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 1999-

[4] الأولويات هي نفسها المذكورة في الخطة الخمسية. وربما احتاج الأمر المزيد من عمليات المراجعة لخطط إصلاح الإدارة العامة في قطاعات أخرى غير القطاع الاقتصادي من أجل تحديد إجراءات أخرى خاصة بالتراخيص والأذونات يمكن أن تستفيد من الإصلاح.