عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 32
العمر ليس عائقا
إذا كنت ممن يرى أنه فاتته الفرصة لتحقيق أهدافه وقد مضى به العمرسريعا وأصبح أكبر من أن يستطيع إنجازعمل أو تحقيق طموح فأنت مخطئ... فالعمر ليس عائقا أمام ما تطمح إليه بل هي أفكارك التي توجه إرادتك،
وإني لأعجب من شباب في مقتبل العمر يرددون عبارة ( إن العمر ضاع!! ) ويتقاعسون عن السعي في سبيل تحقيق طموحاتهم، في حين أن كثيراً من الناجحين والمشاهير الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ الحضارة الإنسانية قد دخلوا بوابة التاريخ في مراحل عمرية مختلفة، بل إن بعضهم قد بدأ متأخرا لكنه حين قررأن يبدأ ووثق في قدراته وإرادته وثبت على مبدأ... غير مجرى التاريخ وحقق المعجزات ومن هؤلاء الكبار:} الرازي :
أبو بكرمحمد بن الرازي أحد أشهر الأطباء في التاريخ، فهو مسلم من أصل فارسي بلغت شهرته الأفاق وسمي بأبي الطب العربي لما كان له من الأثر العظيم في هذا المجال حيث إنه قبل 600 سنة كان لكلية الطب الباريسية أصغر مكتبة في العالم أهم ما فيها كتاب واحد يضم كل المعارف الطبية منذ أيام الأغريق، وظل المرجع الأساسي لأوروبا لأكثر من أربعة قرون من الزمن دون مزاحم لمؤلفه المسلم الكبير ( الرازي ) الذي أقام له الباريسيون نصبا في باحة القاعة الكبيرة في مدرسة الطب اعترافا منهم بفضله، وعلقوا صورته في ساحة ( سان جرمان )،
هذا ما يعرفه العالم عنه، ولكن هل تعلم أنه كان في بداية حياته كبقية رفاقه لم تبرق عليه أي بارقة تنبئ بنبوغه الفذ؟!،
وحين ضاق من هذه الرتابة وهذا الفراغ هجر الغناء وعزم على ( التغيير الجذري ) فترك بلدته وتوجهوهل تعلم أنه كان في شبيبته يضرب العود واشتهر كمغن وعازف حتى بلغ ( الثلاثين ) من عمره؟!
وحين ضاق من هذه الرتابة وهذا الفراغ هجر الغناء وعزم على ( التغيير الجذري ) فترك بلدته وتوجه نحو بغداد سعيا وراء تحقيق آماله وطموحاته، وبكل تصميم قرر دراسة الطب وتعلم فن العلاج الإغريقي والفارسي والهندي والعربي الحديث العهد، حتى حصل على منصب رئيس الأطباء وبلغت شهرته الآفاق وفتحت له أبواب قصور الخليفة وأصبح له تلاميذ ومرتادون،
وحين توفي كان قد ألف (230) عملا ضخما وترجمات ومخطوطات صغيرة تبحث ليس فقط في الطب بل أيضا في العلوم الدينية والفلك والفيزياء والرياضيات، كل هذا الإنجاز العظيم كان لرجل قرر أنه قد أضاع ما يكفي من عمره في اللهو وأن عليه ألاّ يضيع الباقي من عمره، لم يقل إنه بلغ الثلاثين وأنه أصبح كبيرا على العلم والتعلم والدراسة بل قرر ان يبدأ، وجعل لنفسه هدفا نبيلا واضحا غيَّر به مجرى التاريخ وأحدث ثورة في الطب القديم وقدم خدمة جليلة للإنسانية جمعاء دون استثناء حين قرر أن يبدأ فأثبت أن( العمر ليس عائقا )
السير جيرهام بيل
السير جيرهام بيل كان مديرا لإحدى الجامعات البريطانية، وهومثال حي على أن العمر أبدا ليس بعقبة في تحقيق الطموح إذا كانت لك نفس تواقة للحياة والعطاء، مملوءة بالأمل والجد والصبر،
ففي عام 1978 أحيل للتقاعد لبلوغه ( الستين ) ونظمت الجامعة له حفلا وداعيا لتركه العمل فيها دعي إليه الأساتذه والشخصيات التربوية، وحين تقدم السير جيرهام لإلقاء كلمته في حفل تقاعده قال بكل ثقة:
وضعت لنفسي عشرين هدفا لابد أن أحققها خلال السنوات العشر القادمة وما إن قال ذلك حتى ضجت القاعة بالهمس والسخرية من كلامه، وأخذ يعدد أهدافه واحدا تلو الأخرفكان منها، بيت واسع لعائلته،وتذاكر سفر لبناته وأطفالهن حتى يتمكن من زيارته.
وبعد عام واحد فقط تولت ( تاتشر ) رئاسة الوزراء في عام 1979 وشكلت حكومتها الجديدة التي كان من ضمنها السير جيرهام حيث عرضت عليه تعيينه مستشاراً لسياسة الجامعات البريطانية فلم يكن منه إلا أن رفض العرض معتذرا بأهدافه التي يسعى لتحقيقها وجعل شرط قبوله تحقيق هذه الأهداف العشرين فطلبت ( تاتشر ) معرفتها لترى إمكانية تحقيقها، وفعلت ذلك، وتولى السيد جراهام المنصب الجديد،
وحقق أكثر مما تمنى، كما أنه أبدع في منصبه وافاد الدولة في مجال التعليم ووفرعليهاالكثير من المليارات، وفي عام 1991 أقيلت حكومة ( تاتشر ) وجميع مستشاريها لقدوم حكومة جديدة، ويقرر مدراء الجامعات البريطانية عمل حفل توديع للسيد جيرهام الذي بلغ ( الثانية والسبعين ) من عمره، وفي كلمته التي ألقاها قال:
وضعت لنفسي عشرين هدفا أسعى لتحقيقها، في السنوات العشر القادمة!!- فضجت القاعة كالعادة بالهمس مابين ساخر ومتعجب ومبتسم لكن السير جيرهام تابع كلامه ذاكرا أهدافه العشرين التي كان أولها تأسيس مركز اتصالات الأول من نوعه في العالم،
ففي القرن التاسع عشرمن يسيطر على التوابل هو الأقوى لذلك استعمرت بريطانيا الهند وامتلكت توابلها وباتت الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس، وفي القرن العشرين من يملك النفط هو الأقوى في العالم فسيطرت أمريكا على منابع النفط في الخليج، أما في القرن الواحد والعشرين حيث من يسيطر على الاتصالات سيكون هو الأقوى،
لذلك يرى أنه لابد أن تملك بريطانيا قوة الاتصالات كي تعود لها صدارتها على العالم، وبعد بضع سنوات من تلك الحفلة خصصت بريطانيا للسير جيرهام جزيرة ينفذ بها حلمه ويقيم بها مركزه للاتصالات وقد ناهز الثمانين، حيث لم يقف العمر أبدا عقبه في طموحه ولم يلتفت لسخرية الساخرين أو تثبيط المحبطين ولم ير تقاعده عن العمل تقاعدا عن الحياة والأمل، بل استمر يحلم وينجز ويفيد ويستفيد و قدم لبلاده الكثير.
العمر ليس عائقا أمامك إذا كان لك طموح أو أمل تسعى لتحقيقه، فطموحك لن يتخلى عنك حتى تتخلى أنت عنه، ومادام في العمر بقية فهناك دائما مجال للعمل والنجاح، ولك في سيرهؤلاء العظماء الذين لم يقف السن عائقا في وجوههم عبرة وعظة
المفضلات