الفصل الثاني
النظريات المختلفة في القيادة
تعددت الدراسات، التي تناولت شرح القيادة، وتباينت النظريات، حول تحديد مفهوم القيادة والقائد.

* فهل هي صفات فقط، إذا تحلى بها الفرد يصبح قائداً؟

* أم هي ظروف خاصة، إذا وُجدت ظهر القائد، وإذا تغيرت تغير القائد؟

* أم هي موقف معين لمجموعة أشخاص، فإذا تغير الأشخاص تغير القائد؟

* أم أن القائد يظهر في حالة وجود هدف معين، فإذا تغير الهدف تغير القائد؟

* أم أن القيادة هي تفاعل وتكامل، بين كافة العوامل المحددة لها؟

وتأتي إجابة هذه الأسئلة، من خلال عرض النظريات التالية:

1. النظريات القديمة:

أ. نظرية الوراثة.

ب. نظرية الصفات الجسمية.

ج. نظرية التدريب.

2. نظرية السمات "الصفات" القيادية.

3. نظرية الموقف (الظروف).

4. نظرية الطوارئ.

5. نظرية المسار نحو الهدف.

6. نظرية حاجات التابعين.

7. نظرية التفاعل.

المبحث الأول: النظريـات القديمة في القيادة
لم تستند النظريات القديمة في القيادة على أسس سليمة من التدقيق والبحث، كما هو الحال بالنسبة للنظريات الحديثة. ولهذا السبب فإن مرتكزات هذه النظريات، ضعيفة وغير مقنعة. وفيما يلي، أهم هذه النظريات.

أولاً: نظرية الوراثة "الرجل الموهوب"

1.
تعد من أقدم النظريات، التي استهدفت تحديد خصائص القيادة الناجحة، (The great man theory). وتقوم هذه النظرية على افتراض رئيسي، هو أن القائد شخص موهوب، ذا قدرات فريدة خاصة منحها له الخالق، تجعله متميز عن باقي أعضاء المجموعة، لذلك إذا لم تكن هذه القدرات متوفرة في الفرد أصلاً، فلا يمكن اكتسابها، وأن وجود هذه القدرات في الشخص، توفر له ملكة القيادة، التي تجعله يغير سلوك غيره، لبلوغ الأهداف المشتركة.

2.
وذهب أصحاب هذه النظرية، إلى الاعتقاد بأن "القيادة شيء فطري"، وأن "القادة يولدون ولا يُصْنَعُون" (Leaders are born, not made)، وأن السّمات القيادية "موروثة وليست مكتسبة" (Inherited rather than acquired)، بمعنى أن القادة يولدون قادة، ولا يمكن لشخص لا يملك سمات القيادة أن يصير قائداً، فالملك والأمير والإقطاعي، كل هؤلاء يولدون قادة، لأن لديهم من السّمات الوراثية ما يجعلهم أهلاً للقيادة.

فأفكار هذه النظرية، تركزت ـ إذن ـ حول السّمات الشخصية، التي تصنع القيادة الناجحة، وكيف أن القيادة الناجحة، تتطلب أشخاصاً ذوى مواهب شخصية نادرة، تجعلهم قادرين على قيادة غيرهم. وأن "الرجل الموهوب" يستطيع أن يُحْدث في الجماعة تغييرات، متى كانت مستعدة لتقبلها.

وتعد الأفكار والتصورات، التي ارتكزت عليها "نظرية الوراثة"، انعكاساً لكل الظروف السياسية والاجتماعية و الثقافية، التي سادت في مراحل تاريخية مختلفة، في المجتمع الغربي، واستمدت منها مغزاها وحقيقتها، وتعد هذه النظرية "الأب الشرعي لكل تفكير في موضوع القيادة". حيث بدأت مسيرة نظريات القيادة، من "نظرية الرجل الموهوب".

3.
وعلى الرغم من أن افتراضات أنصار هذه النظرية، قد تفسّر جانباً من القيادة، إلاّ أنها قاصرة عن تفسير جميع الجوانب، لتوفر صفات في القائد يمكن اكتسابها من وجوده في المجتمع. كما أن قدرته على التأثير، لا تعتمد فقط على صفاته، وإنما تتوقف ـ كذلك ـ على خصائص التابعين وحاجاتهم، بجانب طبيعة الظروف والمواقف محل القيادة.

4.
وعلى الرغم من أن الأفكار، التي أسهم بها أنصار هذه النظرية، للكشف عن خصائص القيادة، كانت محاولات تقوم على التأمل، وتفتقر إلى الشواهد التجريبية لتأكيدها، فإن ذلك لا يضعف من أهميتها، إذ أنها تمثل التفكير القديم، حول موضوع القيادة، والذي لا يمكن إنكار أثره على كثير من العلماء والباحثين المحدثين، الذين صاغوا على هديها نظرياتهم العلمية. فظهرت "نظرية السمات"، التي تركزت جهود روادها، حول اختبار فروض "نظرية الرجل الموهوب"، مستعينين في ذلك بأساليب الاستدلال العلمي وطرقه.


ثانياً: نظرية الصفات الجسمية

هي نظرية عرفها شيلدن (W.H Sheldon)، وأسَّسَ محتواها على ضرورة توافر مواصفات جسمية خاصة، لكي يستطيع الفرد أن يحتل المركز القيادي، وقد عرف شيلدن ست وسبعين من المواصفات الجسمية، التي يعتقد أنها تشكل القيادة، إذا توفرت في شخص ما.

وبطبيعة الحال، فإن هذه النظرية لا تقوم على أساس علمي، بل يصعب القول باعتبارها نظرية.

ثالثاً: نظرية التدريب

تأسست هذه النظرية على أساس، أن كل شخص، بإمكانه أن يصبح قائداً، إذا تلقى نوعاً من التدريب المدروس، والمبني على أساس مزاياه الشخصية. وهنا يعطي الشخص قائمة بمجموعة من الصفات القيادية، ليبرز أهم الصفات، التي تتوفر فيه من هذه القائمة، وتلك التي لا تتوفر فيه، ومن ثم، يعالج التدريب نواحي النقص القائمة.

وتبدو هذه النظرية، على ضعفها، أقوى النظريات القديمة، إذا كانت البرامج التدريبية المقدمة، تقوم على أسس علمية، تخطيطاً ومحتوى..

منقول