الفصل الأول
مفهوم القيادة ووظائفها
المبحث الأول: تعريف القيادة وعناصرها
أولاً: تعريف القيادة

1.
تعددت وجهات النظر، في تحديد معنى القيادة، فأصبحت لها معانٍ مختلفة، لدى مختلف الكتاب، وفيما يلي عرض لبعض التعريفات للقيادة:

* القيادة:
هي فن التأثير في الأشخاص، بدرجة تجعلهم يحققون أهداف الجماعة بحماس، وعن طيب خاطر، وتشجعهم على التطوير، ليس فقط للرغبة في العمل، ولكن للرغبة في العمل بحماس وثقة.

* القيادة:
هي التأثير الفعال في نشاط الجماعة، وتوجيهها نحو الهدف، والسعي إلى بلوغ هذا الهدف.

* القيادة:
هي فن التأثير في الأشخاص، وتوجيههم بطريقة صحيحة، يتسنى معها كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم، في سبيل تحقيق هدف معين.

* القيادة:
هي فن معاملة الطبيعة البشرية، أو فن التأثير في السلوك البشري، لتوجيه جماعة من الناس، نحو هدف معين، بطريقة نضمن بها طاعتهم وثقتهم، واحترامهم وتعاونهم.

* القيادة:
هي العمل الدائب للقادة والمديرين، حيث: يواجه المشكلات، ويقِّوم المعوج من الأمور، ويحقق التعاون بين العاملين، ويُدعِّم روح الفريق، ويحقق الكفاية المستمرة في مستوى الأداء، ويحقق الترابط والانسجام، بين الأهداف الفردية والأهداف الجماعية، ويكتل الجهود جميعها في اتجاه واحد، نحو الهدف النهائي.

* القيادة:
هي تأثير شخصي متبادل، يظهر بوضوح في حالات معينة، ويوجه من خلال وسائل الاتصال بين الرئيس والمرؤوس نحو تحقيق الأهداف المنشودة.


2.
من التعريفات السابقة، يتضح إجماع الآراء، على أن القيادة: "هي فن التأثير في الأشخاص، وتوجيههم بطريقة صحيحة، يتسنى معها كسب طاعتهم واحترامهم وولائهم وتعاونهم، في سبيل تحقيق هدف مشترك". ومن هذا التعريف، يتبين أن عملية القيادة، لا تقوم إلاّ إذا وُجِدَ من يَقُوْد (أي القائد)، ومن يُقَادُونْ (أي التابعون)، ووجود "هدف مشترك" مطلوب تحقيقه.


ثانياً: عناصر القيادة

1.
من التعريفات السابق عرضها للقيادة، يتضح أن هناك ثلاثة عناصر رئيسية، لابد من توافرها لوجود القيادة، وهي:

أ.
وجود جماعة من الناس (شخصين أو أكثر).

ب.
وجود شخص من بين أعضاء الجماعة، قادر على التأثير الإيجابي في سلوك بقية الأعضاء.

ج.
أن تستهدف عملية التأثير، توجيه نشاط الجماعة وتعاونها، لتحقيق الهدف المشترك، الذي تسعى إلى تحقيقه.


2.
وجود جماعة من الناس (شخصين أو أكثر)

المقصود هنا "الجماعة المنظمة"، أي الجماعة التي لها تنظيم محدد، ويختلف موقع أعضاؤها طبقاً للمسؤوليات المناطة بهم. ويكون للجماعة قائد، لديه القدرة على التأثير في الجماعة، وتوجيهها، وتعاونه معها، وتعاونها معه لتحقيق الهدف المشترك، الذي تسعى لتحقيقه. لذا، فالجماعة المنظمة شرط أساسي لوجود القيادة.

3.
عملية التأثير

إن كل التعريفات السابقة للقيادة، تصورها على أنها عملية تأثير (Process of Influence) إيجابي، يقوم به شخص "القائد"، نحو أشخاص آخرين "المرؤوسين"، بهدف توجيه نشاطهم وجهودهم في اتجاه معين. ولتحقيق عملية التأثير الإيجابي، يلزم أن يتحلى القائد بالمهارة في فن القيادة، ويستخدم وسائل التأثير القيادي القائمة على "الرضا"، وليس على "القهر" أو "الإكراه".

أ.
المهارة في فن القيادة:

تحلي القائد بالمهارة في فن القيادة، يظهر من خلال أربع خصائص أساسية:

(1)
القدرة على استخدام القوة، بطريقة مؤثرة ومسؤولة.

(2)
القدرة على تفهم "أن قوى التحفيز للبشر"، تختلف من وقت لآخر، وباختلاف المواقف.

(3)
القدرة على الخلق والإبداع.

(4)
القدرة على التصرف بأسلوب يخلق المناخ، الذي يساعد على استجابة الأفراد للتحفيز.


ب.
وسائل التأثير القيادي

تتعدد وسائل التأثير، التي يمكن أن يستخدمها القائد، للتأثير في الجماعة. فقد يكون التأثير عن طريق الوسائل الآتية:

(1)
منح المكافآت على الجهد المبذول، وتلقى هذه الوسيلة استجابات جيدة، لدى أفراد الجماعة، تتمثل في رضاهم وارتياحهم لتقدير القائد لمجهوداتهم.

(2)
إظهار القائد خبرته ومهارته، إذ من المحتم أن يكون القائد على مستوى أعلى من مرؤوسيه خبرة ومهارة، لكي يكتسب احترامهم ويصبح له قوة تأثير عليهم.

(3)
تنمية قدرات أفراد الجماعة، وزيادة تدريبهم وتشجيعهم، وتوسيع مداركهم، يساعد على رفع الروح المعنوية، وبالتالي سهولة التأثير فيهم.

(4)
التأثير الشخصي، النابع من تمتع القائد بصفات وخصائص تثير إعجاب المرؤوسين به، ورغبتهم في إرضائه والتشبه به، بل قد يتخذونه قدوة لهم.

(5)
تأثير التقاليد، مثل طاعة الحاكم أو الأب، أو أي شخص آخر في مركز السلطة.

(6)
الخوف من العقوبات، والأذى النفسي أو الجسماني، له تأثير كبير في توجيه تصرفات المرءوسين، في اتجاه معين.

(7)
تأثير الشرعية: قد يتقبل الأفراد نفوذ القائد، نظراً لاعتقادهم أن لديه الحق في القيادة، وعليهم واجب طاعته.


وتتحدد درجة نجاح القائد أو فشله، في قيادة الجماعة، بمدى قوة وسيلة التأثير وفاعليتها، التي قد يستخدمها لتوجيه الجماعة وتغيير سلوكها. فقد تستهدف وسائل التأثير في الجماعة، إحداث تغيير في سلوك أفرادها، من دون أن يتمكن القائد من الحصول على نتيجة، ويطلق على عملية التأثير هذه، محاولة القيادة (Attempted Leadership). وقد تؤدي وسائل التأثير إلى تغيير سلوك الجماعة، في الاتجاه المرغوب، نتيجة للجهود التي بذلها القائد، ويقال هنا، بأن وسائل التأثير، أدت إلى ما يسمى بالقيادة الناجحة (Successful Leadership)، وأخيراً، قد يكون التغيير الحاصل في سلوك الجماعة، قد تم فعلاً نتيجة لتوجيه القائد لأفرادها، فضلاً عن تمكينهم من إشباع حاجاتهم، وتحقيق أهدافهم كجماعة، مما يوفر لديهم الاقتناع بالقائد، وثقتهم به، واطمئنانهم إلى قيادته، ويقال هنا، إن وسيلة تأثير القائد في الجماعة كانت فعالة، وتسمى القيادة هنا، بالقيادة الفعالة (Effective Leadership).


4.
تحقيق الأهداف المشتركة

تستهدف عملية التأثير في الجماعة، تحقيق الأهداف المشتركة، والمرغوبة لدى الجماعة. وتبرز صعوبة تحقيق مثل هذه الأهداف، إذا تعارضت أهداف القائد، مع أهداف الجماعة وأفرادها. وتكمن كفاءة القائد في معالجة هذا التعارض، بالشكل الذي يضمن إرضاء جميع الأطراف، وصولاً إلى الأهداف المطلوبة، التي تستهدفها عملية التأثير.

وعملية التأثير التي يمارسها القائد، لا يقصد بها التأثير في الآخرين، لاستغلالهم لغايات غير مفيدة لهم، أو مفيدة لقائدهم فقط، بل هي عملية توجيه التابعين، والتأثير فيهم لتحقيق الأهداف المشتركة، والمرغوبة له وللجماعة.

من كل ذلك، يتضح أن القيادة ظاهرة نفسية واجتماعية، تقوم على علاقة اعتمادية متبادلة، بين القائد وباقي أعضاء الجماعة، التي يقودها. ينتج عنها تأثير القائد في الجماعة، ورغبة الجماعة في الانقياد له لإشباع حاجاتها. وأنه لا مجال لوجود القيادة من دون أتباع، وأن بروز القائد في الجماعة وبقاؤه، مرهون بوجود هدف محدد تسعى الجماعة إلى تحقيقه، وأن هذا الهدف، هو نقطة الالتقاء المهمة، بين القائد والجماعة، ومجال نشاطها وطبيعة تكوينها.
منقول