عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
مخاوف قد تمنعك من النجاح (2)
ثانيا- اقتحم معقل الخوف، واشتبك معه
فإن الخوف بطبعه خائف يهرب ممن يقتحم عليه معاقله... فافعل الشيء الذي تتهيبه، فسرعان ما تجد في ذلك متعة وسرورا.. يقول الإمام علي (رضي الله عنه): إذا خفت من أمر فقع فيه فإن شدة توقيه أكبر منه. إن الخوف يتلاشى إذا هاجمنا عليه. ويهجم علينا إذا تهيبناه.. فلا تحاول أبدا أن تهرب من الأشياء التي تخافها، بل قم بمجابهتها، وتعلم من الطيارين حين تخمد عزائمهم فإن المدربين يضطرون على إصدار أوامر لهم بالتحليق مباشرة لكي يتغلبوا على الخوف قبل أن يتمكن منهم.. وهكذا فإن تحدي مصدر الخوف نفسه يؤدي إلى تلاشي الخوف مهما كان مصدره.
ثالثا- تظاهر بالشجاعة، حتى وإن لم تكن شجاعا، فقلَّ أن تشبّه امرؤ بقوم ولم يصبح مثلهم.. ولا يهمّ إن كنت تخاف في داخلك وأنت تتظاهر بذلك، أو لم تكن تخاف.. فالشجاعة ليست في أن لا تخاف، بل هي في أن لا تعمل بخوفك. إننا ربما نميل إلى اللجوء إلى الخوف، وهو ميل طبيعي في بعض الأحيان، ولكننا- في كثير من الأحيان- نحن الذين نصنع المخاوف ونقاوم الشجاعة في نفوسنا، فخوفنا هو ثمرة لأفكارنا وفشلنا غالبا هو ابن شرعي لاختيارنا المتعمد المقصود، ونستطيع حتما إذا عرفنا أن نقذف بالخوف بعيدا إطلاق طاقاتنا التي أسأنا توجيهها..
رابعا: ابدأ عملا ولو صغيرا في مواجهة خوفك وترددك، فالخوف بالون يملأ العين، ولكنه ملئ بالهواء، فإذا واجهته بإبرة، فسوف يفرغ منه الهواء، ويتلاشى.. ويتفق أحيانا أن تكون الخطوة الأولى في هذا السبيل عملا ابتدائيا جدت، فمثلا مجرد الترحيب، أو فتح مناقشة..
أذكر شابا أخذت عليه المخاوف كل الاتجاهات، فانكفأ على نفسه، حتى كأنك لا تسمع له صوتا، ولا ترى له حضورا وكان يعمل في شركة كبيرة، وحينما يذهب لمحل عمله، كان يوجه رأسه إلى الأرض، ويمر على من يتلقاه من دون أن يبادر أحدا بتحية، فاقترحنا عليه أن يبدأ السلام على زملائه فهذا أمر بسيط، ولا يكلف شيئا، بشرط أن يرفع صوته حين التحية. وفي اليوم التالي كلما مرّ بأحد زملاء العمل رفع صوته ببشر قائلا: السلام عليكم: فلان... صباح الخير يا فلان.. كيف حالك يا فلان... وهكذا بدأ الخطوة الأولى...
فارتاح للنتائج وبلغ من ارتياحه أن تشجع فأقدم على المزيد من كلمات الترحيب، وبدأ يسأل الأشخاص عن عوائلهم، ويستجيب لأسالتهم.. ثم توطدت علاقاته مع كل العاملين في الشركة... وذات يوم طلب منه أن يلقي خطابا بينهم ففعل، ونجح في ذلك... وقاده الأمر إلى أن أصبح ممثلا للعالمين لدى إدارة الشركة.. ثم تقلّد منصب نائب المدير العام.. وهكذا قاده العمل البسيط إلى نتائج باهرة، فالنجاح يؤدي إلى النجاح..
خامسا: اجعل من خوفك سلما للشجاعة
اكتب قائمة بالأشياء التي تخاف من ممارستها، ثم قرّر أن تواجه خوفك في كل واحد منها بالترتيب. فإذا كنت مثلا تخاف من التحدث أمام الجميع، فقرّر أن تنتهز أية فرصة مؤاتية لكي تتحدث فعلا أمام زملائك.. وبعد أن تكون مارست مجموعة من الأمور التي كنت تخشاها فسرعان ما تجد أنها لا تشبع نهمك من الشجاعة، وتبدأ البحث عن أمور أكثر تهيبا منها..
وبهذا الطريقة تصبح مخاوفك أداة للتغلب عليها، ووسيلة لاستمتاع بطيب العيش.
سادسا- تحرّك بدل أن تجلس وتفكّر في مخاوفك
يعتقد البعض أن وراء الكثير من المخاوف عقلا مسرفا في النشاط، وجسما مترهلا قليل العمل. ولهذا فإن من النصائح الجيدة لهم أن يكونا أقل استعمالا لرؤوسهم وأكثر استعمالا لأيديهم وأرجلهم. من عمل نافع أو لهو حلال، فنحن نصنع المخاوف ونحن جلوس، ولكننا نقضي عليها بالحركة. فالخوف قد يكون إنذارا لنا بأن نعمل ونتحرك.
لقد جاءني أحد الشباب وهو مصاب بنوع من الشلل نتيجة الخوف، وكان يشعر بالبؤس والاختناق والهزيمة. فقال:أشعر بأنني على وشك الانهيار تماما، فلا أستطيع أن أتجاوز مخاوفي، إنها تحاصرني في كل مكان، فماذا أفعل؟
قلت: ما هو عملك الآن؟.
قال: ليس لي عمل الآن.
قلت: هل تدري أن كثرة الفراغ تؤدي إلى المخاوف، فمن لا يشتغل بشيء، يشتغل به الخوف..
قال: ماذا أستطيع أن أصنع؟
قلت: اصنع أي شيء..اركض في الشارع حتى تُصاب بالإعياء، أو اسبح حتى تتعب من السباحة جدا، أو اذهب إلى أي مكان يعمل فيه عمال وانخرط معهم في عمل تطوعي، فسرعان ما تجد أن مخاوفك ولّت عنك إلى غير رجعة.. فما تحتاج إليه هو العمل والنشاط، لأنك تحولت عن نشاط بدنك إلى مجرد التخيل والتفكير، فإذا أتعبت بدنك بالجري، أو عمل آخر فإنك ستكون جديرا بالراحة، والاسترخاء والنوم الهنيء...
وأضفتُ: إن عقلك حيث لم يجد عملا يؤديه في توجيه أطرافك، اشتغل بصنع المخاوف لك.. والحلّ الآن هو أن تخرج مخاوفك من رجلك.
يقول أحد الكُتّاب: لخّصت لي أمّ كانت تعاني مخاوف متعددة قصة حياتها، وتجربتها مع الخوف فقالت:
كنت أعاني مخاوف كثيرة عندما كنت في مقتبل العمر منها الخوف من الجنون. ولم تزايلني هذه المخاوف بعد زواجي، على أننا ما لبثنا أن رزقنا طفلا وانتهي الأمر بأن صار لنا ستة من البنين. ولما كنت أتولى جميع أمري تقريبا بنفسي، فقد كنت كلما شعرت ببداية القلق، أسمع الطفل يبكي، أو الأطفال يتنازعون فأخفّ إليهم لأسوى الأمور، أو أتذكر فجأة أنه آن أن أعد العشاء، أو أن عليّ أن أكوي الثياب وغيرها. فكانت مخاوفي على نفسي لا تزال تقطعها واجباتي في المنزل، فزالت تدريجا، والآن أعود بالذاكرة إليها لأتلهى.
وقد لا يكون مغزى هذه القصة أن يكون للمرء ستة من البنين، ولكن من الصحيح أن صغر الأسرة، وكثرة الفراغ يؤديان إلى تولّد المخاوف. ومن الصحيح كذلك أن كثيرين ممن تخامرهم المخاوف الملحة قد يجدون متعة جديدة في الحياة إذا شغلوا أنفسهم بالعناية بغيرهم، وذلك بالمساهمة في النشاط الاجتماعي.
سابعا: تعامل مع الخوف كما تتعامل مع الحريق
فكما لابد أن يتم إخماد الحريق منذ اللحظات الأولى من اشتعاله، وكلما بادر الإنسان إلى إخماده كان التغلب عليه أضمن، والخسارة أقل، وكانت قدرة الإنسان أوفر، كذلك الأمر بالنسبة إلى الخوف، فهو كالحريق مخرب للنفس، ومن هنا كان لابد من التمرس بالقمع الإرادي له في بداياته، وقبل أن يتحكم في النفس مما يضيع الكثير من الفرص..
فالخوف كالنار يتزايد بشدة إذا لم يجد ما يجابهه ويتحكم فيه. أما إخماده في البداية والتحكم بنشاطه في أول الأمر فإنه من السهولة بمكان.. أما أن تترك نفسك تنزلق في غياهبه بعد اشتعال أوامره في القلب، فإنه يجعل التغلب عليه صعبا..
تعلم من الشعوب القديمة التي كانت ترسم طقوسا وتقاليد تدرّب ناشئتها على الشجاعة بواسطة التمرس بها وإثباتها، فقد كانت المباريات بين الشاب وإثارة المعارك بينهم بالمبارزة أو بالمصارعة، أو بمواجهة الوحوش الضارية أو بمواجهة الطبيعة الهائجة المتمثلة في برد قارس، أو حرّ لافح، أو عاصفة مزمجرة، أو أمواج هائجة، أو غير ذلك من مواقف تثير الرعب في بعض النفوس، وذلك من أجل التدريب على مواجهتها والصمود بإزائها.
ثامنا: حلّل بدقة أسباب المخاوف
ويمكنك أن تقوم بذلك إذا بدأت تحلّل الموضوعات وكأنها خارجة عن ذاتك. إنك إذن ستجد أن ما كان يخفيك أو يثبط همتك لا يعدو أن يكون وهما من الأوهام وهراء في هراء. ذلك أننا كثيرا ما نكبّر من حجم ما يثير الخوف أو يثبط الهمّة ونعطيه حجما أكبر من حجمه الحقيقي، ولكننا بالنظرة الموضوعية إلى ذلك الشيء عن طريق إخراجه إلى النور تستطيع أن تقهره وأن تقلصه بحيث يعود على حجمه الطبيعي.
ويمكننا أن نستعين ببعض الأصدقاء الذين نثق بهم لكي يبصرونا بحقائق الأمور التي تخيفنا. ذلك أن الإنسان يعرف حجم الأشياء حينما ترتبط بغيره أفضل مما يعرفها عندما ترتبط بنفسه.
...........
المفضلات