الاكتئاب والشباب معادلة غير موزونة والحب والطاقة، مرض الاكتئاب الذي يُعد من أكثر الأمراض النفسية جحيماً بالنسبة إلى حامله،

يتبعثر عشرات الشباب والشابات على مقاعد مقاصف الجامعات؛ يجلسون ويتبادلون المزاح والتهكم، لكنهم لا يبدون كذلك في لحظات الحديث عن المستقبل والدراسة والعمل، أو حين يكونون فرادى في ساعات الصمت والقراءة .



“لا أحس بوجودي . . لا أفهم صفحة واحدة من المحاضرة، أقضي كل يوم 12 ساعة على النت والباقي نوم . . أكثر وقتي في البيت أقضيه وأنا أشرد في الحيطان . . إلخ” .


هذه العبارات التي نسمعها من شبان وشابات في العشرينات من أعمارهم ليست عابرة بل تنم عن فراغ ووحشة كبيرين يعانونهما، وعن خوف وإحباط أمام الوجود بأدلة كثيرة، محالات مثل: الاضطهاد والفقر والبطالة وفقدان الصداقة والفراغ العاطفي والفشل المستمر والخوف من المستقبل ومن التعبير عن المشاعر والانسجام مع الذات والخوف من التواصل (الرهاب الاجتماعي) وعدم تفهم الأهل لأبنائهم وكلها عوامل أكدها الطبيب النفسي محمد الحلاب وأضاف: هذه العوامل يقع تحت سيطرتها شباب اليوم أكثر من غيرهم بسبب خبرتهم غير الطويلة في الحياة ومشكلاتها وبسبب ما يعانونه من ضغوط نفسية متزايدة مقارنة مع أجيال سابقة، وهي توصل تدريجياً إلى الشعور بالإحباط واللاجدوى ثم يقع صاحبها في المرض، ومن ناحية أخرى قد يتعرض الفرد إلى صدمات عصبية في فترة المراهقة تؤدي إلى خلل في الجهاز العصبي لا يلبث أن يتحول في مرحلة الشباب نحو اضطراب يؤدي إلى ضعف القدرة الذهنية والذاكرة، كل هذه العوامل تسبب بشكل أو بآخر المرض .


الأمور السابقة التي تحدد معالم واقع الشباب السوري في ظل اختلال كيفية التعاطي معه بعد دخول التكنولوجيا في السنوات الأخيرة تعيد توازن المعادلة بين الشباب الجامعي ومرض الاكتئاب .


ويقول أحد الباحثين الاجتماعيين إن الرغبات العاطفية التي تدفع الشباب إلى البحث عنها عند ***** الآخر مع عدم توفير الفرصة لها بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية تؤدي إلى التقوقع ثم الدخول في مرحلة من السبات الاجتماعي يرافقه ضعف في الأداء والتفاعل الاجتماعي، وليست حالات الانتحار التي تُعد إحدى عوارض المرض والتي ازدادت في السنوات الأخيرة بشكل كبير بين الشباب إلا دليلاً آخر على انتشاره بسبب الحرمان العاطفي الذي يهيئ للفرد الراحة النفسية والقدرة على مواجهة ظروفه اليومية .


وفي بعض النقاط نستطيع القول إن الشابات الجامعيات يعانين أكثر من الشبان في مجتمعنا الذكوري، بسبب الخوف من العنوسة والتعبير عن المشاعر وسيطرة الأهل ومراقبة المجتمع لكل أقوالهن وأفعالهن .


ومن يلقي نظرة سريعة على شباب وشابات الجامعات، كيف يقضون أوقاتهم؟ كيف يحلون مشكلاتهم العائلية؟ ما هو الإنتاج الذي يشعرهم بأهميتهم ووجودهم؟ سيجد الفرق كبيراً بينهم وبين شرائح شابة أخرى، فعلى سبيل المثال نجد أصحاب المهن الحرة لا يعانون عوارض للمرض غالباً، لأن الإجهاد الجسدي والعمل المتواصل ينسيهم ما يواجهونه من ضغوط نفسية، ومن ناحية أخرى لا ينتظرون أن يمن عليهم أحد بوظيفة بعد أن ينالوا شهادة أصبح أغلبها لا ينفع بالنسبة إلى العمل، إضافة إلى أن الشباب الجامعي يقتصر دوره على تحصيل درجات علمية بطريقة روتينية خالية من أي إبداع في الغالب، خصوصاً إذا كان قد دخل الفرع بحكم مفاضلة الثانوية دون أن يرغب فيه .