موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
قد يكون الأمر كذلك ، وقد لا يكون
كان في قرية ما عجوز حكيم ، وكان أهل القرية يثقون فيه ، في الإجابة على أسئلتهم ومخاوفهم .
وفي أحد الأيام ؛ ذهب فلّاح من القرية إلى العجوز وقال بصوت محموم : " أيّها الحكيم ؛ ساعدني ، لقد حدث لي شيء فظيع . لقد هلك ثوري وليس لديّ حيوان يساعدني على حرث أرضي ! أليس ذلك أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي ؟ "
فأجاب الحكيم : " ربّما كان ذلك صحيحاً ، وربّما كان غير صحيح " .
فأسرع الفلّاح عائداً لقريته وأخبر جيرانه أنَّ الحكيم قد جُنّ ، وكان يظن أن ذلك أسوأ شيء يمكن أن يحدث له ، فكيف لم يتسنَّ للحكيم أن يرى ذلك ؟ .
إلّا أنّه في اليوم ذاته ، شاهد الناس حصاناً صغيراً قويّاً بالقرب من مزرعة الرجل . ولأنّ الرجل لم يعد عنده ثوره ليعينه في عمله ، فقد أتت الرجل فكرة اصطياد الحصان ليحلّ محلّ الثور ، وهو ما قام به فعلاً .
وقد كانت سعادة الفلّاح بالغة ، فلم يحرث الأرض بمثل هذا اليسر من قبل .
وما كان من الفلّاح إلّا أن عاد للحكيم وقدّم إليه أسفه قائلاً : " لقد كنت محقّاً أيُّها الحكيم ، إنّ فقدي للثور لم يكن أسوأ شيء يمكن أن يقع لي ، لقد كان نعمة لم أستطع فهمها فلو لم يحدث ذلك لما تسنّى لي أبداً أن أصيد حصاناً جديداً ، لابدّ أنك توافقني على أن ذلك هو أفضل شيء ممكن أن يحدث لي " .
فأجاب الحكيم : " ربّما نعم ، وربّما لا " .
فقال الفلّاح لنفسه : " لا ؛ ثانية ؟! ، لابدّ أن الحكيم فقد صوابه هذه المرّة " .
لم يدرك الفلّاح ما سيحدث . وبعد مرور بضعة أيام سقط إبن الفلّاح من فوق صهوة الحصان ، فكسرت ساقه ولم يعد بمقدوره المساعدة في حصاد المحصول .
ومرّة أُخرى ، ذهب الفلّاح إلى الحكيم وقال له : " كيف عرفت أن اصطيادي للحصان لن يكن أمراً جيداً ؟ لقد كنت على صواب ثانية ، فلقد جُرح ابني ولن يتمكن من مساعدتي في الحصاد .
هذه المرّة أنا على يقين بأن هذا هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي ، لابدّ أنّك توافقني هذه المرّة " .
ولكن كما حدث من قبل ، نظر الحكيم إلى الفلّاح وأجابه بصوت تعلوه الشفقة وقال : " ربّما نعم ، وربّما لا " .
استشاط الفلّاح غضباً من جهل الحكيم وعاد من فوره إلى القرية .
في اليوم التالي ، قدم أفراد الجيش واقتادوا جميع الرجال القادرين للمشاركة في الحرب التي اندلعت للتوّ ، وكان ابن الفلّاح الشاب الوحيد الذي لم يصطحبوه معهم .
ومن هنا كتبت له الحياة في حين أصبح محتّماً على الباقين أن يلقوا حتفهم .
إنّ المغزى لهذه القصة يعد درساً نافعاً للغاية .
وحقيقة الأمر ، أنّنا لاندري ماذا سيحدث غداً ، نحن فقط نعتقد أنّنا نعلم ذلك ، وغالباً ما نضخّم من شيء ما ، ونخترع أحداثاً مبالغاً فيها في عقولنا .
فلا نعتبر ما نحن فيه من الأُمور التي لا ترضينا هي أسوأ ما يمكن أن يحدث لنا " فربّ ضارةٍ نافعة " .
فكم من أُمور اعتبرناها (نقمة) ثمّ تبيّن أنها كانت في حقيقة الأمر (نعمة) والعكس أيضاً ممكن ، أمّا إذا احتفضنا برباطة جأشنا وفتحنا عقولنا أمام كل الاحتمالات ، لتأكدنا من أنّ كل شيء سيصبح على ما يرام في نهاية المطاف . وتذكّر :
" قد يكون الأمر كذلك ، وقد لا يكون "
المفضلات