عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
الأصول التاريخية لتحليل الشخصية من الخط
يرجع تاريخ تحليل الخط إلى ألف سنة قبل الميلاد حينما قام رجل صيني يدعى كيو جو سو بالتعرف على حقيقة مفادها أن الشخص يمكن أن يظهر شخصيته من مجرد الخط الذي يخطه his strokes. وبعد هذا ببضع مئات من السنين ظهر الفيلسوف أرسطو والمحب للأنظمة التصنيفية ليعلن أن كتابة اليد تظهر شخصية كاتبها وله العديد من الأقوال مثل: الكلام المكتوب ما هو إلا عبارة عن رموز للكلام المنطوق "written words are the symbols of spoken words" وله أيضا: جميع البشر ليس لديهم نفس الكتابة all men have not the same writing. في السنة الـ 120 بعد الميلاد وصف Suetonius Tranquillus في كتاب عن القياصرة شخصية أوكتافيوس أوغسطس Octavius Augustus من خط يده. الصينيون كان لديهم علم بأهمية تحليل الخط ففي السنة 1060 إلى 1110 بعد الميلاد أعلن الملك والفيلسوف والرسام الصيني المعروف Jo-Hau أن خط اليد يمكن أن يظهر لنا صفات النبل والعقل والصفات الفظة في الشخص. ثم تكلم بعد ذلك عديدون في هذا الموضوع لعل أبرزهم الروائي المعروف ويليام شكسبير الذي كتب: أعطني خط يد إمرأة وسأخبرك شخصيتها "give me the handwriting of a woman and I will tell you her character".
المحاولة الجدية لتحليل خط اليد قام بها الشاعر الأمريكي ألين إدجار الذي حلل العديد من الخطوط وألف كتابا ثم خرج بعلم الأوتوجرافيري Autographery. لاقى إدجار العديد من الانتقادات حول ما نشر. وكتب بعده روبرت وإليزابيث باريت براونينغ كتابا عنوانه: الكلمات المظلمة على الورقة البيضاء تكشف عن الروح "Dark Words on White Paper Bare the Soul.". في عام 1662 ظهر طبيب إيطالي يدعى كاميلو بالدي (وفي بعض المراجع: كاميلو بالدو) ليؤلف كتابا في هذا الموضوع ويتبع أسلوبا أكثر منهجية وبذلك يعتبره الكثيرون أب علم الجرافولوجي.
قام رجل الدولة الألماني الأمير أوتو إدوارد ليوبولد فون بيسمارك بتوحيد ألمانيا في عام 1842 وأعلن أن كل مواطن ألماني عليه أن يكتب بخط يده بالطريقة التي يكتب هو فيها التي أسماها طريقة فون بيسمارك the von Bismarck method الشيء الذي جعل الشعب الألماني يكتسب العديد من الصفات السلبية كالعناد والخصومة والشعور بالتفوق والوحدة والصرامة، تلك الصفات التي كان يتمتع بها هذا الأمير.
ظل تحليل الخط فلسفة أكثر منه علما إلى غاية القرن التاسع عشر حينما قام مجموعة من رجال الدين والقساوسة الفرنسيين بدراسة تحليل الخط لعل أبرزهم القسيس فلاندرين الذي قام بتعليم القسيس ميكون. القسيس الفرنسي جين ميكون قام بالعديد من الأبحاث التي جعلته يؤلف كتابين في هذا الموضوع هما the mystries of handwriting و A system of Graphology وجعلته أيضا يضع مصطلحا مناسبا لتحليل الخط وهو الجرافولوجي (من أصل إغريقي: جرافو وتعني خط أو كتابة ولوجوس وتعني علم أو نظرية). في أوائل القرن العشرين قام العالم السويسري جوليس بترتيب وتنظيم العديد من معايير وخصائص الجرافولوجي في أنظمة شمولية وعامة.
قام الفرنسي كريبيكس الذي يعتبر أب الجرافولوجي الفرنسي بتصنيف الخطوط إلى مجموعات وعينات لا زالت تستخدم في الجرافولوجي الكلاسيكي رغم أن بعضها تم تطويره من قبل الفرنسيين. وفي أوروبا أسس دكتور لودفيج كلاجيس المدرسة النظرية في تحليل الخط في ألمانيا واستمرت الأبحاث في تشيكوسلوفاكيا عن طريق روبرت ساوديك والأبحاث في سويسرا عن طريق ماكس بلفير وفي النمسا عن طريق آخرون. اهتم بهذا العلم العديد من علماء النفس أمثال سيجموند فرويد وكارل جنق والفريد بينيت مطور نظام IQ وكذلك السير ويليام هيرشل مطور نظام التعرف على بصمات اليد. ثم بدأت دراسات علماء النفس في تحليل الشخصيات من خلال الأشكال والرسوم والرموز بالإضافة إلى الخطوط بشكل متصل أو منفصل عن علم الجرافولوجي وتوسعت تطبيقات علم تحليل الخط لتشمل المجال الجنائي في فحص الوثائق document examination وفي مجال تحليل الشخصية personality analysis وبدأ تطبيق تحليل الشخصية وفق معايير رقمية ووفق إحصاءات وأرقام وقياسات موحدة ليظهر في علم الجرافونومي graphonomy أو الجرافونوميكس graphonomics. صيغ هذا المصطلح في الستينات من القرن العشرين وقدم له في عام 1971 السويدي ألين ثم تم إهمال هذا العلم وأحيته جمعية الجرافونوميكس الدولية والسبب يعود إلى الرغبة في نقل الجرافولوجي من فن إلى علم وقد يعود السبب أيضا إلى ظهور الكومبيوتر وتطبيقاته والطرق الإحصائية المعالجة حاسوبيا في التحليل. وحاليا توجد العديد من برامج تحليل الخط الكتابي وأعتقد- عن تجربة شخصية- أن مستقبلها يبشر بخير خاصة مع تقدم لغات البرمجة وظهور تقنية التعرف على الخطوط المكتوبة باليد بشكل آلي عن طريق أنظمة متقدمة.
انتشر تحليل الخط من أوروبا إلى أمريكا ففي أمريكا بدأ الدكتور بونكير دراساته على تحليل الخط وأسس الجمعية الأمريكية لتحليل الخط التي تحول اسمها إلى الجمعية العالمية لتحليل الخط كأول جمعية تعنى بالخط في أمريكا ثم بدأت جهود العلماء في نقل طرق ومدارس التحليل من أوروبا إلى أمريكا عن طريق الخبيرة الأمريكية: البروفيسورة أريكا كاروس في الثمانينيات من القرن العشرين والتي تشرفت بأن أكون أول العرب الذين تتلمذوا تحت يدها وحصلوا على أعلى الشهادات موقعة منها. تم تأسيس العديد من الجمعيات والروابط في أمريكا لعل أبرزها الرابطة الأمريكية لمحللي الخط والمؤسسة الأمريكية لتحليل الخط. تبنت الكثير من الجامعات تحليل الخط كمادة دراسية في علم النفس أو وكدرجات علمية ودراسة أكاديمية نظامية منفصلة (دبلوم وبكاليريوس وماجستير ودكتوراة) في بعض دول العالم. في أمريكا ظهرت مثل هذه الجامعات والكليات بالإضافة إلى الجامعة الافتراضية على الإنترنت لبارت باجيت والتي تتخصص في الدورات التدريبية. علم تحليل الخط أصبح منتشرا في العديد من الدول كإسرائيل وإيطاليا وروسيا والصين والعديد من الدول الأوروبية.
فيما يتعلق في تاريخ نشأة علم الجرافوثيرابي، ففي الأربعينيات من القرن العشرين بدأ بزوغ علم الجرافوثيربي عندما طبق أحد العلماء في علم الخطوط وهو بول كولومبي أبحاثه على الخطوط ليطور منهجا أسماه العلاج بالخطوط grapho-theraputics أو pen & pencil therapy العلاج بقلم الحبر والرصاص. برزت بعد ذلك العديد من الدراسات ولاقى بعضها الكثير من الانتقادات. بعض الدراسات كانت دقيقة في مجال الجرافوثيربي. في دراسة قامت بها الجمعية الأمريكية للسرطان عن طريق أحد الباحثين في عام 1950 ويدعى ألفرد كانفر حول مؤشرات مرض السرطان من الخط تمكن هذا الباحث من اكتشاف 88 حالة إصابة مثبتة بالسرطان من أصل 935عينة خط بنسبة دقة وصلت إلى 84%. ومن أبرز الدراسات الحديثة والمثيرة في هذا المجال تلك الدراسة التي قامت بها الخبيرة في مجال تحليل الخطوط جانيت جين والتي عملت على تطبيق تحليل الخط في المجال الطبي أكثر من 8 سنوات وتمكنت من اكتشاف أكثر من 40 مرضا عضويا من خط اليد.
كأي علم كانت هناك محاولات لدمج علم الجرافولوجي مع علوم أخرى لتكوين تكامل ما بينها فظهر علم الأستروجرافولوجي الذي يربط بين علم التنجيم وعلم تحليل الخط وعلم الكينيسيوجرافولوجي الذي يربط بين علم الإيماءات وعلم تحليل الخط. هذه العلوم على أية حال لم تلق رواجا وانتشارا لأسباب عديدة.
اهتم بعض الكتاب في أوائل القرن العشرين بتحليل الخط العربي عبر مراجعة الأدبيات النادرة جدا المكتوبة حول تحليل الخط في العالم العربي ومحاولة نقل العلم للعربية اعتباطا دون الاستناد على عدد كافي من العينات ودون دراسة وبحث، ويعتبر الجهد الذي قام به الأخصائيون والمحللون الأمريكيون سواء عن طريق الباحثين كأفراد أو مؤسسات أول محاولة جادة في تحليل الخط العربي على أسس علمية خاصة أن الغرض من التحليل كان حيويا والذي تمثل في تحليل بعض الشخصيات التي تهمهم وبصفة خاصة القادة والزعماء العرب أمثال الملك فيصل بن عبدالعزيز والملك حسين بن طلال والرئيس جمال عبدالناصر والرئيس أنور السادات وغيرهم، وحديثا عن طريق تحليل خطوط أفراد الجماعات الإرهابية وزعيم القاعدة أسامة بن لادن وبعض الزعماء كالرئيس صدام حسين والرئيس ياسر عرفات، ويعتبر هذا التحليل الفريد من نوعه للخط العربي هاما للكشف عن ملامح الشخصية التي تختفي في داخل هذه الشخصيات لفهمها وفهم كيف تفكر ووضع الإستراتيجيات للتعامل معها، ويعتقد أن هذا الأسلوب تتبعه أجهزة المخابرات في الدول المتطورة في علم تحليل الخط منذ زمن بعيد جدا لوضع خطط بعيدة المدى للتعامل مع الآخر حكاما ودولا.
المفضلات