السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..

وجدت نفسي أغوص فى موضوع الانتحار إلى أعماق الحالات و إلى ميثولوجيا الشعوب. انتحار فرد قد لا يكون حالة أولى أو أخيرة فى مسلسل الهروب من الاحباطات و ما أكثرها فى عصرنا هذا.
حالات الانتحار الأكثر حيرة التي وجدتها أثناء الانغماس فى تاريخ الانتحار هى الانتحار الجماعي الذي له رواسب عقائدية متطرفة Extrémisme Idéologique: وأصحابها يتصفون بأن لديهم شيء داخلي مختلف وهدف واحد هو الموت، ولديهم طقوس دينية وتحضيرات له ويكون لديهم حالة تماهي أي الرغبة بالموت بنفس الطريقة ونفس الوقت، ويتم هذا من خلال هيئات وجماعات تشكل ميثاقاً مع الموت وتكثر عادة في الولايات المتحدة الامريكية.
1 ـ طائفة الوصايا العشر

طائفة أوغندية تتبع المذهب الكاثوليكي المسيحي ، أسسها راهب يدعى " جوزيف كيبويتيره " ، ومعه عدد من الراهبات . كانت هذه الطائفة تعتقد بأن القيامة ستقوم في يوم 31 ديسمبر 1999م ، وقد أقنعهم بأنه ينبغي عليهم بيع ممتلكاتهم والتبرع بها للكنيسة ، والاستعداد للذهـاب إلى الجنـة . وبالفعـل قام هؤلاء" المنتحرون " ببيع ممتلكاتهم ولكن القيامة ويا للأسف لم تقم .
وفي مارس الماضي (مارس 2000) بدأت موجة من الانتحار الجماعي بين أعضاء تلك الطائفة الضالة ، والتي بدأت باكتشاف 530 جثة في كنيسة كاثوليكية في مدينة " كانونجو " التي تبعد عن العاصمة كمبـالا بـ 320 كيلو متراً ، ثم اكتشفت مقابر جماعية أخرى تباعاً ، حتى زاد عدد المنتحرين على الألف نسمة .وقد أطلق على هذه الطائفة اسم " بعث الوصايا العشر للرب " ، وقد كان بين القتلى أطفال - أيضاً - يبدو أن آباءهم اصطحبوهم معهم إلى جنتهم المزعومة .

2ـ جماعة جيم جونز

أتباع القس ( جيم جونز ) ، وهو قـس مهووس ، ومدمـن للمخدرات ، أقام لأتباعه مزرعة ضخمة وجمعهم فيها ، وأباح لهم الجنس ، وأتاح لهم المخدرات ، وظنوا أن الحياة داخل هذه المزرعة هي السعـادة ، وأن هذا هو النعيم المقيم . ولكن بعد فترة خاب ظنهم ، وأصابهم الإحباط ، واستطاع هذا القس إقناعهم بالانتحار ،.. وبالفعل وفي عام 1978م أقدم 918 شخصاً على الانتحار ، وكان بينهم كثير من الأطفال وكبار السن . والعجيب أن الانتحار كان بتـناول مادة السيانيد السامة ، ومن امتـنع عن تناول السيانيد قتل رمياً بالرصاص . وكان مقر هؤلاء مدينة جويانا بولاية سان فرانسيكو بالولايات المتحدة ، وكان أكثر أعضاء الطائفة من الزنوج الساخطين على النظـام الاجتماعي ، والذين كانوا يعانون من التفرقة العنصرية التي يعاملهم بهـا الأمريكان البيض .

3 ـ طائفة معبد الشمس

هي طائفـة أخرى من طوائف الانتحار الجماعي ، وأتباعها يتواجدون في كندا ، وأوروبا خاصة فرنسا وسويسرا . ويعتقد أصحاب هذه الطائفة أن الانتحار الجماعي في طقوس معينة يمكَّن الواحد منهم أن يولد من جديد في كوكب الشعرى اليماني .
وقد وجد ( 48 ) شخصاً من أعضاء هذه الطائفة قتلى " منتحرين " في أحد الشاليهات في سويسرا وفي جبال الألب بفرنسا انتحر " 16 " شخصاً من أتباعها أيضاً في ديسمبر 1995م .
وفي كويبك بكندا عثر على جثث لخمسة منتحرين في مارس 1997 ، وكـان قد سبق ذلك العثور على خمسة أطفال آخرين في مدينة مونتريال بكندا أيضاً .

4 ـ أعضاء كنيسة خلاص الله

كان أتباع هذه الطائفة يعتقدون أن الله سوف ينزل إلى الأرض لينقذ كل المخلوقات . زعيم هذه الطائفة تايواني يدعى " هونج ينـج شين "، ويعرف لدى أعضاء طائفته بالمعلم شين، وهو أستاذ سابق في العلوم الاجتماعية ويبلغ من العمر 41 عاماً . وقد قال شين لأتباعه : إنه تبنى عيسى منذ ألفي عام ، وأنه الآن يتحدث إلى الله - تعالى - عبر خاتم في أصبعه، وزعم أن الله سيأتي إلى الأرض في طبق طائر ، وقد دعا أتباعه للتجمع في ضاحية دالاس لينظروا إلى ذلك الحدث العظيم .
وبالفعل قام 150 شخصاً في كنيسة خلاص الله بارتداء ملابس بيضاء من مفرق شعورهم إلى أخمـص أقدامهم ، وتركوا كل شيء في تايوان وانتقلوا إلى جارلاند بدعوى أنها تشبه أرض الله .
وتوقعاً لوصول إلههم إلى الأرض قام أتباع هذه الطائفة ببناء ما يسمونه بسفينة فضاء مستخدمين خمس إطارات شعاعية ، وبعض الخشب الرقيـق ، وقليل من أعمدة الإضـاءة ، وقاموا أيضاً بإعداد الفـاكهة والمشروبات والألعاب النارية . وأمضوا وقتهم في دعاء استعداداً لنهاية شهر مارس حيث يأتي الرب كما يزعمـون .

يقول شين قائد الطائفة : إن الله سيظهر أولاً على شاشة القناة الثامنة عشرة وفي أجهـزة الـتلفاز المنتشرة في العالم منتصف يوم 24 مارس ، وفي يوم 31 مارس الساعة العاشرة صباحاً سيتخذ الرب شكل بشري - شين نفسه بالطبع - .

والعجيب أن شين واثق من معتقداته حتى قال : إذا لم يأت الله في جارلاند فسوف يبيح نفسه للرجم أو الصلب ، ويحق لأتباعه مطلق الحـرية والكف عن اتباعه والعودة لمنازلهم . ويحـق لكل واحد أن يقول: إن معتقداته مجرد هراء .

و استهواني البحث فيما إذا كان للانتحار الجماعي من مكان فى تاريخ و ثقافات الشعوب, و بالفعل و جدت أن هناك راهب أندلسي من النصارى المستعربين اسمة أيولوخيو eologio زعيم فتنة النصارى المستعربين في قرطبة في عهد الأمير عبد الرحمن الثاني بن الحكم وولده الأمير محمد. كان أيولوخيو راهباً من أسرة مستعربة ميسورة الحال، وله أخ موظف في الدولة وأخوة آخرون يشتغلون بالتجارة. عز عليه إقبال الشباب المسيحي على تعلم اللغة العربية وآدابها بدلاً من اللغة اللاتينية، لغة الكتاب المقدس وسير القديسين، وحاول بشتى الطرق أن يحملهم على قراءة اللاتينية، فوضع لهم شعراً لاتينياً يقوم على القافية والوزن مثل الشعر العربي، إلا أن محاولته باءت بالفشل فتحول عندئذ من مهاجمة الثقافة الإسلامية إلى مهاجمة الإسلام نفسه، وحرض أتباعه من الرهبان المتطرفين على ذلك. فكان الواحد منهم يذهب إلى مكان عام كالمساجد والميادين العامة ويسب الرسول علناً، فيقبض عليه ويساق إلى القاضي الذي يحاول إقناعه بالعدول عن أقواله، ولكنه يرفض فيأمر القاضي بإعدامه. وقد راح ضحية هذه الحركة الجنونية الانتحارية عدد من الرجال والنساء والرهبان، وعندئذ عقد الأمير عبد الرحمن الثاني مجتمعا دينيا في قرطبة سنة 237 ه (852م) ضم جميع أساقفة الأندلس برئاسة مطران إشبيلية لبحث هذه المسألة، وأصدر المجمع قرارا يستنكر حركة هؤلاء المسيحيين المتطرفين واعتبرها خروجا على تعاليم الكنيسة وقد اعتقلت الحكومة الراهب أيولوخيو وأتباعه وأودعتهم السجن فهدأت الفتنة. وفي عهد الأمير محمد بن عبد الرحمن أفرج عن أيولوخيو وعين أسقفاً لمدينة (طليطلة) ولكنه لم يلبث أن عاد إلى قرطبة ليواصل نشاطه القديم، وعندئذ لم يطق الأمير محمد صبراً وأمر بقتله (11 مارس سنة 859م) الموافق لسنة 245 ه. وقد جاءت هذه الفتنة الدينية المتطرفة التي أثارها أيولوخيو نتيجة لحركة الاستعراب وتعلم اللغة العربية التي عمت الشباب المسيحي في إسبانيا.
هناك نوع آخر للانتحار و هو جلد الذات الى اللانهاية أو النهاية تكون الانتحار و تلك أيضاً له جذور فى ثقافات بعض الشعوب و الطوائف و منها طائفة هندية منشقة من الهندوسية و هى الطائفة (الجينية) و يعتبر (مهاويرا) المؤسس الحقيقي للجينية، وعلى يديه تبلورت معتقداتها التي ما تزال قائمة إلى يومنا هذا.

الجينية ديانة منشقة عن الهندوسية، ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد على يدي مؤسسها (مهاويرا) وما تزال إلى يومنا هذا، إنها مبنية على أساس الخوف من تكرار المولد، داعية إلى التحرر من كل قيود الحياة والعيش بعيداً عن الشعور بالقيم كالعيب والإِثم والخير والشر، وهي تقوم على رياضات بدنية رهيبة وتأملات نفسية عميقة بغية إخماد شعلة الحياة في نفوس معتنقيها.

الفكر الجيني يقوم أصلاً على أفكار هندوسية كالانطلاق، والكارما، والنجاة، والتناسخ وتكرار المولد، والدعوة إلى السلبية مع صبغ هذه المفاهيم بالصبغة الجينية وتطويرها لتلائم المعتقد الجيني .

يترك الرهبان والمتنسكون الطعام وكل ما يغذي الجسم لعدم الإِحساس بالجوع ولقطع الروابط التي تربطهم بالحياة مما يؤدي إلى الانتحار البطيء عن طريق التجويع الذاتي.