بقلم الدكتور محمد الثويني
حوار متكرر، وتمن يحدث أحياناً- والحمد لله على العافية- إنه دعاء كاذب مخالف للفطرة التي أصلها بأخلاقه محمد عليه الصلاة والسلام نبي هذه الأمة.
هذه الكلمات يكررها بعض الشباب الذين يعانون من خلاف دائم أو نوع من أنواع الاضطهاد من والديهم، أو شيء من الظلم المؤقت في المعاملة مثل التفريق، أو المقارنة مع الإخوة أو الأخوات أو الأقران، أو أبناء الأرحام.
وهذا لا يعني أن ما يفعله الأبناء من دعاء على الوالدين، أو تمنى الضرر لهم أو زوالهم مشروع، بل هو خطأ كبير يصل إلى درجة العقوق، لأنه لا يمكن لولد أن يجزي والداً، كما جاء في معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
إن على الوالدين أن يراعو الأبناء، ويهتموا بهم لكي لا يصلوا إلى هذه الدرجة من سوء التعامل.
ومن ضمن هذه المواقف عندما يقول أحد الشبان مثل هذه العبارة، ( أتمنى أن يخرج والدي ولا يعود)، أي أن يموت، ويقول البعض أردت أن أقتله.
هذا الحرام الكبير هو تعبير مباشر عن الغضب الشديد لعذر أو لغيره، أحاول أن أختبر هذا الشاب فأتلفظ بعبارة تسيء لوالده، وأفاجأ بالشاب نفسه الذي يشتم والده يقول لي" لا تغلط"، فأقول له باسماً: الحمد لله أنت ما زلت تحب والدك..
ولي هنا تعليق:
1- إن الحب بين الأبناء والآباء فطري لا ينضب، وقد ينقص، أو لا يزيد ولكنه لا ينتهي، لأنه مزروع بفضل الله تعالى مع الدم.
2- الذي يعاني منه الأبناء هو سلوك الآباء، وليس ذواتهم، أو أجسامهم أو أرواحهم حيث إنها طيبة أصيلة.
3- ضعف التعبير عن الحب والاهتمام عند الكثير من الآباء وبعض الأمهات .
4- تصيد الأخطاء، والتركيز عليها وإهمال الحسنات، والأعمال الطيبة.
5- غياب وسيلة المصارحة والمكاشفة، والفضفضة داخل البيت مما يجعل الشباب يلجؤون إلى شخص غريب، أو وسيلة عنيفة للتعبير عن الرأي.
وهنا نقول: إن جميع التقسيمات اسباب لهذا العرض، وهذه الكلمات السيئة التي قد ينفخ فيها إبليس، وتتحول إلى جريمة حقيقية، كالتي نسمع ونقرأ عنها في الصحف اليومية، عن ولد قتل والديه أو أحداهما من البلد الفلاني أو العلاني، وحتى لا نصل إلى هذا المستوى من العنف والعقوق اللفظي، أو الحركي فعلينا بهذه الثلاثية السهلة والمهمة:
1- التعبير الإيجابي عن الحب، والرأي المؤيد، أو المخالف مع شرط الاستماع للطرف الثاني باحترام وتقدير.
2- فتح باب المصارحة والمكاشفة والفضفضة في البيت بحيث يقوم أحد الوالدين بدور المستشار في حالة الخلاف مع الوالد أو الوالدة، ليقوم الابن بتفريغ الشحنة الانفعالية لديه بصورة إيجابية ومستورة، ولكيلا تتحول إلى عنف.
3- الفصل بين ذوات ( الأب، الأم، الابن، الابنة)، وسلوكهم .. أي إن الذي نراه من تصرفات قد لا تتفق مع الذات أو أصل العلاقة، مثل أنا أحبك، ثم أضربك، أو أقاطعك، أو أحرمك من الخروج والمصروف، بدعوى الحب.
وهذا طبيعي حيث إن جميع الآباء يحبون أبناءهم، ولكنهم قد يفشلون في التعبير عن حبهم، لذا أرجو أن نبين للأبناء أننا نحبهم، وأما تصرفاتنا فهي تعبير عن حبنا ورغبتنا في المساعدة والتقويم، ولكن طريقة التعبير قد تكون خاطئة ويمكن تصحيحها ... إذا كانت تصرفاتك من هذا النوع فاطلب المساعدة والنصيحة، لكي لا يكون في بيوتكم عنف.
المصدر : مجلة ولدي ـ العدد (47) أكتوبر 2002 ـ ص: 6
المفضلات