الذاكرة و التلقين
الاختلافات بين الأساس العصبي للذاكرة التصريحية والتلقين
لقد تمكن الباحثون من تحديد أنماط مختلفة لنشاط المخ لكل من الذاكرتين التصريحية والضمنية من النوع التلقيني، لقد قدموا إلى الخاضعين للاختبار قائمة تضم العشرات والعشرات من الكلمات، وقد طلب من الخاضعين للاختبار استخدام نصف الكلمات الواردة في هذه القائمة ودمجها في عبارة. فإذا كانت إحدى الكلمات على سبيل المثال، أرجوحة شبكية، فربما يمكن دمجها في عبارة مثل :"لقد دخل اللص الذي قام بالسطو على البنك في سبات عميق على الأرجوحة الشبكية بعد هروبه"، وباستخدام الكلمات الأخرى في القائمة، يطلب من الخاضعين للاختبار ببساطة تحديد ما إذا كانت الأحرف الأولى والأخيرة من كل كلمة مرتبة هجائيًّا. وتقود المهمة الأولى، المشار إليها بمهمة المعالجة العميقة، الخاضع للاختبار على الأرجح إلى تذكر الكلمة المستخدمة بعد دقائق قليلة.


فإنك، بصفة عامة، إذا أمضيت دقيقة في التفكير بشأن معنى معلومة ما، سيكون من الأسهل عليك تذكرها مما لو لم تقم بذلك، أما المهمة الأخرى المعروفة بالمعالجة السطحية، والتي ليس لها علاقة بالتفكير في معنى الكلمة، فلا تساعد كثيرًا في التذكر الواعي للعملية.
ثم يتم عرض كل كلمة من الكلمات على الخاضعين للاختبار بشكل متعاقب، واحدة كل خمس ثوان، مخلوطة بكلمات أخرى لم تكن واردة في القائمة الأولى. وعلى كل ممتحن أن يقرر ما إذا كان قد رأى كل كلمة من كلمات المعروضة عليه قبل ذلك أم لا، واتضح من خلال ذلك أنهم جنحوا إلى تذكر تلك الكلمات التي قاموا بمعالجتها بشكل "عميق" أفضل من تلك الكلمات التي تمت معالجتها معالجة "سطحية". لقد جنح الممتحنون إلى الوقوع في أخطاء بشأن تصنيف الكلمات المعالجة سطحيًّا حيث خلطوا بينها وبين الكلمات التي لم يسبق لهم رؤيتها من قبل.
ومع نضوج جميع الكلمات التي تذكر الممتحنون تصريحيًّا أنهم سبق أن رأوها من قبل، ظهرت موجات إيجابية في القشرة الأمامية أو الجبهية الخاصة بهم، ولكن مع جميع الكلمات التي سبق رؤيتها- بصرف النظر عما إذا كان الممتحن قد تذكر رؤيته لها في القائمة الأولى أم لا- تظهر موجات إيجابية في منطقة أخرى من المخ وهى القشرة الجدارية، وهكذا فإن تلك المنطقة من المخ بشكل ما قد تذكرت شيئًا لم يكن الممتحن على دراية بتذكره.