الإبداع والتغيير مجرد وسيلة وليس استراتيجية عمل




إذا نظرنا إلى المنتجات التي تعتمد علي الإبداع في تصميمها ، مثل ماكينات الحلاقة ، دراجات "الإسكوتر"، لعب الأطفال وغيرها .. فسنجد أن هذه الشركات قد قاربت علي الإفلاس .


فالإبداع مجرد وسيلة وليس استراتيجية عمل ، لذلك ستجد الشركات التي تعتمد علي مواكبة الجديد بالمنتجات الإبداعية نفسها في مأزق كبير .


فكل شركة تحتاج إلي استراتيجية لبناء ماركتها التجارية ، والتي قد تتضمن إبداع وقد لا تتضمنه ، إلا أنه وعلي الجانب الآخر نجد أن بعض مستشاري التسويق يرون أن الإبداع هو المفتاح ، والأداة الأهم لتقدم الشركة وماركاتها التجارية ، مستشهدين بمقولتى : "انسي الركود الاقتصادي وابتكر"، بالإضافة لكلمة الكاتب الكبير بيتر ديركر القائل : "يتطلب العمل شيئين – شيئين فقط - هما التسويق والإبداع ".


وهنا سأقوم باقتباس أوالاستشهاد فقط بجملة : "إن العمل يحتاج فقط إلي شيء واحد ، هو بناء ماركة تجارية تستطيع أن تسود وتتميز في مجالها" ، ففي بداية الشركة يمكن القول أن الإبداع يمكنه مساعدة الشركة علي بناء ماركتها التجارية، وعلي سبيل المثال شركات مثل : شركة زيروكس (Xerox) في صناعة الورق ومستلزمات الطباعة ، وشركة انتيل (Intel) لصناعة معالجات البيانات microprocessor)) ، وشركة بلارويد (Polaroid) في التصوير الفوتوغرافي ، وشركة بلاكبيري (BlackBerry) في البريد الاليكتروني ، وشركة نايك (Nike) في الأحذية الرياضية.


ولكن مع تطور ونضج المنتج ، فإن الموقف قد يتغير ، فعلي سبيل المثال صناعة السيارات من خلال الابتكار في المحركات الأوتوماتيكية (V- 8) وعجلات القيادة (power steering) والنقل الأوتوماتيكي ، ومكيفات الهواء، وأحزمة الأمان ، والوسائد الهوائية.


وكلها تم ابتكارها منذ عقود ، فما الذي يجعل ماركة تجارية لسيارة ما تعتمد فى رسالتها الإعلانية على ذلك ؟ أى على عمل غير إبداعي , و التركيز علي مدي تواجدها في السوق .. فمثلا نجد أن سيارة Toyota يعرف عنها جدارة الاعتماد عليها ، والقيادة معروفة عن BMW والشباب عن سيارة Scion.


وهذا يدل على أن معظم الماركات التجارية لا تحتاج إلي الإبداع ، ولكن تحتاج أكثر إلي التركيز ، ومعرفة ما توصلت إليه، أو ما قد تصل إليه، وما هي التضحيات التي يجب بذلها للوصول إلي المزيد من الانجازات.


فالتضحية هي الشيء الذي يساعد علي بناء الماركة وليس التجديد والابداع ، فالبحث مثلا من خلال محركات البحث علي الإنترنت أصبح سلعة رائجة ، وكان موقعا (altavista) و ( (goto.comمن أوائل المواقع في هذا المجال ، والمتصدرين له ، ولكن لجأ ((altavista لاحقاً للتجديد ، فقام بإضافة خدمة البريد الإليكتروني , والفهرسة , ولوحة للعناوين , ومقارنة للأسعار علي صفحته الرئيسية ..


فيما قام موقع (goto.com) بتغير اسمه لاحقا إلي (Overture) ، وقام بتغيير نشاطة وخدماته ، في الوقت الذي لجأ فيه موقع جوجل (Google) إلي التركيز فقط على كونه مجرد محرك بحث لبناء ماركة واسم تجاري قويٍ ، ولكن ماذا فعل Google بعد ذلك؟!


لقد قام Google بعملية تغيير ، حيث خطط لتطوير ماركته التجارية ، لتشمل الإعلان من خلال الراديو والتليفزيون والصحف ، وكذلك من خلال إضافة خدمة البريد الإليكتروني ، وتقديم بعض البرامج للكمبيوتر الشخصي وخدمات الهواتف المحمولة ، كما أنه يقوم بإنفاق مئات الملايين من الدولارات لإنتاج مصادر بديلة للطاقة ، لدرجة أنه أصبح من المعتقد بأن ((Google يتصدر قائمة الشركات الأكثر تطورا وإبدعا، بل لقد قامت إحدى المجلات بتخصيص 18 صفحة لمناقشة قضية (Google) ، وقامت بأخذ رأي العاملين بها ، وكان السؤال كالأتي : "ماذا تفعل لو كنت تملك كل إمكانيات Google لتغير العالم ؟!".


وإذا افترضنا أن هذا السؤال وجه لى ، فستكون إجابتي كالآتي : "كنت سأستخدم هذه الإمكانيات لبناء ماركة تجارية ثانية ، كما فعلت شركة (Toyota) مع ((Lexus ، بدلا من استخدام هذه الإمكانيات لإفساد الماركة الأساسية". ثم أن هناك شركة ((Apple التي تعتبر اٍستثناء لقاعدة "الابتكار والتغيير لا يساعدان علي بناء الماركة الجارية"، حيث أن سر نجاح شركة Apple)) هو اٍلاعتقاد والإيمان بأن كل منتجاتها تقوم علي الإبداع والتميز.


إلا أن هذا الأمر قد يكون صحيحاً حالياً ، ولكن ماذا عن المستقبل ؟ فالإبداع لا يمكن أن يستمر إلي الأبد ، فإن آجلا أو عاجلا ستصل شركة (Apple) إلي طريق مسدود ٍ، وستجد نفسها تصارع حشداً كبيراً من منافسيها الذين سيطروا علي إمكانية تصنيع منتجاتها ، والتي قد لا تسيطر (Apple) علي أي منها .. ومع ذلك نجحت(Apple) في منافسة الشركات الأخري مثل (Dell) في صناع الحواسب الشخصية ، ومنافسة Nokia و Motorola في صناعة الهواتف المحمولة، ومنافسة Sony و Samsung في صناعة الاليكترونيات، ومنافسة Microsoft في صناعة برامج تشغيل الحواسب.


ومثلها مثل شركة Sharper Image، والتي لم يستمر الإبداع فيها إلي ما لا نهاية ، فبتطور المنتج قد تقترب (Apple) من الوصول إلي درجة الإفلاس من حيث الأفكار الإبداعية الجديدة.


ولا ينحصر الإبداع كاستراتيجية علي الشركات العالية التكنولوجية فقط، .. فلم نر منتجاً أكثر تطوراً وإبداعاً مثل المشروبات الغازية ، فبمرور السنوات نجد شركة (Pepsi-Cola) قد قدمت منتجات عديدة منها : Pepsi One),( Pepsi A.M))
(Pepsi Kona ) , (Pepsi Light) , (Pepsi Edge) , (Pepsi Max) , (Pepsi XL) , (Pepsi Blue).


ويقول المدير التنفيذي للشركة : "إن لدي المنتج الجديد ٍ(Pepsi Blue) ، القدرة علي إنعاش سوق المشروبات الغازية ، كما أننا مقتنعون بأن الإبداع والتجديد هو سر النمو" .. ففي بريطانيا أطلقت الشركة منتجها الجديد ((Pepsi Raw أو الكولا الصحية، والذي قال عنه خبراء السوق أنه المنتج الأكثر إبداعاً و تميزاً وتطوراً لشركة بيبسي منذ أكثر من 15 عاماً .


كما خرجت شركة (Coca-Cola) عن القاعدة بابتكار مشروبها الجديد الخاص بالحمية الغذائية ، مضيفة إليه خمسة أنواع من الفيتامينات والأملاح المعدنية ، في الوقت الذي يستمر فيه هبوط نسبة شراء منتجها (per capita) في الولايات المتحدة، واتجاه المستهلكين للمياه والمشروبات الصحية الأخري.

وبشكل عام .. أري أنه يجب علي الشركة تحويل الأموال التي يتم إنفاقها علي الإبداع والتطوير إلي بناء ماركة تجارية جديدة ، بدلاً من محاولة إنقاذ الماركة الحالية ، فلماذا لم تضف شركة (كوكا كولا) الخمسة فيتامينات والأملاح المعدنية إلي المياه بدلاً من المشروبات الغازية ؟! وبذلك تكون قد وفرت أكثر من 4.1 مليار دولار .


وبمناقشة قضية شركة (Sharper Image) نخلص إلي أن الإبداع ما هو إلا وسيلة - وليس استراتيجية عمل - يمكن استخدامها لمساندة بناء الم
اركة التجارية.

الرجل نت
تسويق