ومِن طُرَفِ الأصمعي ما حدَّثه، قال: قُلتُ للرشيدِ يومًا: بلغني يا أمير المؤمنين أن رجلًا من العرب طَلَّقَ خَمسَ نسوة، قال الرشيد: إِنّما يَجوزُ مُلك رَجلٍ على أربعِ نِسوة فكيفَ طَلَّقَ خمسًا، قُلت: كان لِرجلٍ أربعُ نِسوة فَدخلَ عَليهِن يومًا فَوَجَدَهُنَّ مُتلاحياتٍ مُتنازِعات - وكان الرجلُ سِيءُ الخُلق - فقال: إلى متى هذا التَنازُع؟ ما أخالُ هذا الأمرَ إلا مِن قِبَلِك - يقولُ ذلك لامرأةٍ مِنهُن - اذهبي فأنتِ طالِق! فقالت لَهُ صاحِبَتُها: عَجَّلتَ عليها بالطلاقِ، لو أدَّبتَها بِغَيرِ ذلك لكُنتَ حقيقًا، فقالَ لها: وأنتِ أيضًا طالِق! فقالت له الثالثة: قَبَّحكَ الله! فَوالله لقد كانتا إليكَ مُحسِنَتينِ، وعليَك مُفْضِلَتين! فقال: وأنتِ أيتها المُعَدِّدةُ أياديهما طالِقٌ أيضًا، فقالت له الرابعةُ وكانت هِلالية وفيها أناةٌ شَديدةٌ - ضَاقَ صَدرُكَ عَن أنْ تُؤَدِّبَ نِساءَكَ إلا بالطلاق! فقال لها: وأنتِ طالِقٌ أيضًا! وكان ذلك بِمَسمَعٍ مِن جَارةٍ لَه، فأشَرَفَتْ عليهِ بعد أنْ سَمِعَت كلامَه، فقالت: والله ما شَهِدَتْ العَربُ عَليكَ وعلى قَومِكَ إلا بالضَعف إلا لما بَلوه مِنكم ووجدوه منكم، أبَيتَ إلا طلاق نِسائَكَ في ساعةٍ واحدة! قال: وأنتِ أيَّتُها المُؤَنِبَةُ المُتَكَلِّفَةُ طالِقٌ، إنْ أجازَ زَوجُك! فأجابهُ زوجُها مِن داخل بيتِهِ: قَد أجزتْ! قد أجزتْ!