الآثار المدمرة لنقص الأموال
كثير منا يعاني من مشكلة مالية لا يجد لها حلاً وقد تتطور هذه المشكلة لتسبب أمراضاً نفسية وجسدية فما هو العلاج....
في مقالة جديدة نشرت على جريدة ديلي ميل يقول العلماء: إن الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها الإنسان مثل البطالة أو قلة المال تؤدي إلى آثار مدمرة على القلب والنفس وقد تؤدي إلى الانتحار! وتقول الدراسة إن الرجال معرضون بنسبة الضعف لخطر الإدمان على الكحول من أجل مواجهة الأزمة المالية التي يمرون بها.
وإن أهم العوامل المدمرة هي خوف الإنسان من المستقبل حيث يسبب هذا الخوف إجهادات إضافية لا يتحملها القلب، ويقول العلماء إن الإحباط الناتج عن نقص المال والخوف من الجوع يؤثر على الصحة النفسية والعقلية، وقد يؤدي إلى أمراض خطيرة.
تؤكد الأبحاث النفسية أنه يوجد في دولة مثل بريطانيا أكثر من 2.7 مليون رجل يعانون من مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق والضغوط النفسية. وهذه النسبة في ازدياد بسبب عدم قناعة الناس بالقليل وبسبب النمط الحديث للحياة المليء باللهو والترف وعدم وجود أهداف واضحة يعمل المرء من أجلها.
يؤكد الباحثون في علم النفس أن فقدان الأمل هو أكبر مدمر للنفس والجسد، وهذا ما يعاني منه معظم الناس وبخاصة غير المسلمين، وهناك بعض الدراسات تؤكد بأن الإنسان الذي يؤمن بالآخرة وأن هناك يوماً للحساب، تكون قدرتهم على تحمل الأزمات أكبر بكثير من الملحدين الذين ينكرون القيامة!
الأزمات المالية تعصف بالبشر وبخاصة من غير المسلمين، والذي يطلع على الإحصائيات يعجب من الأرقام الخيالية لعدد المرضى النفسيين في بلاد الغرب، حتى إن النسبة تصل لأكثر من 10 % من سكان الدول الغربية لديهم ضغوط نفسية ومشاكل اكتئاب وقلق ووو... كلها سببها البعد عن الله تعالى، فما هو العلاج؟
كيف عالج الإسلام هذه المشكلة؟
لقد فشل العلماء في إيجاد علاج لهذه المشاكل النفسية والجسدية ولكن يا أحبتي هل أغفل الإسلام هذه المشكلة أم أنه وضع العلاج المناسب لها؟ لنتأمل هذه الآية العظيمة:
يقول تبارك وتعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 155]، هذه الآية تشخص لنا المرض وتأتي الآية التي تليها لتفصل لنا العلاج، يقول تعالى: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة: 156]. هذه الآية تخبر عن حال أولئك الصابرين كيف يلجأون إلى الله تعالى في الأزمات، فماذا تكون النتيجة، يقول تعالى في الآية التالية: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 157].
فالمؤمن يكون ثابتاً أمام الضغوط مهما بلغت لأنه يلجأ إلى رب قوي كريم رحيم هو مالك الملك وبيده كل شيء وهو القادر على حل أي مشكلة مهما عظُمت، وهذا يمنح المؤمن شعوراً بالقوة والاطمئنان والسعادة، وهو ما فشل الغرب في منحه للناس!
فنحن لدينا التوكل على الله تعالى، وهم لديهم التوكل على الأسباب الدنيوية وهذا هو سبب فشلهم في العلاج. وبالنسبة لنا تمثل الأزمات ابتلاء واختباراً من الله، فنعمل على تخطيها والنجاح في اجتياز هذه الاختبارات، ولكن بالنسبة لهم تمثل هذه الأزمات مشاكل مستعصية لا علاج لها سوى اللجوء إلى تعاطي المخدرات أو المسكرات أو الانتحار!!
بالنسبة للمؤمن فإن المشاكل المالية التي يمر بها تزيده دعاءً وقرباً من خالقه وتذللاً بين يديه والمسارعة في عمل الخيرات والصبر والبكاء والخشوع ومزيد من الصلاة والعبادة... وهذه الأشياء تمنحه الثقة بالنفس والقوة والأمل، لأنه يدرك أن الله لن يتخلى عنه. ولكن الأزمة المالية بالنسبة لهم هي حظ سيء يزيدهم تشاؤماً وألماً واكتئاباً، ويلجأون إلى العيادات النفسية وهذه تحتاج الأموال أيضاً... وبالتالي يقعون في مشكلات مالية إضافية... حتى إننا نجد أن عدد المنتحرين من غير المسلمين أكثر من ألفي شخص في كل يوم!!!
ونحن لدينا الإيمان بيوم القيامة ولقاء الله والحساب وأن كل إنسان سيأخذ حقه كاملاً غير منقوص، ولكن لديهم لا يوجد شيء اسمه "يوم الحساب" وهذا يزيد من ألمهم ومعاناتهم لأن الدنيا لم تمنحهم شيئاً... ولذلك قال تعالى في أول نص من سورة البقرة: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة: 1-5]. إن هذا النص القرآني بالفعل هو علاج لمشاكل عصرنا! الإيمان بالغيب يؤدي إلى عدم الخوف من المستقبل، والصلاة تعالج فقدان الأمل، والإنفاق يمنحك السعادة، والإيمان بالآخرة يعالج المشاكل النفسية والمالية.. والنتيجة هي الهداية في الدنيا الفلاح في الآخرة، فماذا تريد أكثر من ذلك؟!
والآن أخي الحبيب! الله الذي أنجى سيدنا يونس من ظلمات البحر وظلمات بطن الحوت... وأنجى سيدنا نوح من الطوفان... وكشف الضر عن سيدنا أيوب بعد أن أنهكه المرض العضال... وأنجى سيدنا لوط من عذاب الحجارة الملتهبة... وأنجى سيدنا موسى من بطش فرعون وظلمه.. وأنجى سيدنا هود من العاصفة المدمرة... هل يعجز هذا الإله العظيم أن يحل مشكلة لك في هذه الحياة وأنت تقول: يا الله؟؟!
المفضلات