أن الفرق بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة هو وجود إدارة متطورة في الأولى وإدارة سيئة في الثانية، يعكس مكانة وأهمية الثقافة التنظيمية والقيم، فالإدارة ليست مجرد نظم وفق قوانين، وإنما هي أيضا عملية ترتبط بها مجموعة من المبادئ والسلوكيات والمفاهيم الأخلاقية التي ينبغي تعديلها استنادا إلى القيم والتقاليد والمعتقدات والاتجاهات والمثل العليا السائدة في المجتمع، فإدارة الأعمال ثقافة أكثر منها جمعا لتقنيات. وإن كانت ثقافة المؤسسة عبارة عن مجموعة من القيم والسلوكيات والمعايير التي توضح للأفراد ماذا يفعلون وكيف؟ ما هو المقبول؟ وما هو الصحيح؟ فالتغيير في البعد الثقافي والقيمي أضحى ضرورة ملحة،
فتغيير ثقافة المؤسسة تمثل نقطة البداية باعتبارها أنها نمط التكيّف والتلاؤم مع المحيط، كما أنها نمط الاندماج في مختلف ثقافتها التحتية.
فثقافة المؤسسة لا تؤثر فقط على سلوك العاملين وأسلوبهم في التعامل بل أيضا تنعكس هذه الثقافة في الهيكل التنظيمي القائم، نمط الإدارة السائد ونظم الاتصالات والمعلومات وطرق الأفراد في حل المشكلات واتخاذ القرارات، بل وأيضا لها تأثير لنجاح أو فشل الخطة الاستراتيجية المطلوبة، فقد يكون مصدر قوة وتدعم التغيرات الاستراتيجية المطلوبة وقد تكون مصدر ضعف وتقف عائقا أمام تنفيذ الاستراتيجية.

فالثقافة هي الطاقة الاجتماعية التي تدفع المؤسسة للعمل أو تعجز عن دفعها للعمل، فإغفال موضوع الثقافة والالتفات له وضوح أخر، يؤكد الافتراض مرة أخرى بأن الوثائق والإستراتيجيات والبيانات الرسمية ونظم الحوافز لتوجيه السلوك البشري في الفهم المشترك والافتراضات الخفية والقوانين غير المكتوبة.
إن ثقافة المؤسسة في مرتبة استراتيجيتها العامة أو هيكلها التنظيمي، فهي تؤثر على السلوك والأداء اليومي للقوى العاملة، حيث تضع الأساس لفهم مواقف الأفراد وتحفيزهم وإدراكهم، وتعمل على مساعدة المؤسسة في التعامل مع الضغوطات الداخلية والخارجية التي تتعرض لها.