3- ا س اس
ما قصة ا س اس

أثناء السعي وكما تعلمون والذي لم يذهب إلي الحرم يسر الله له عمرة وحجا. هناك الكراسي المتحركة التي يركبها عادة كبار السن والمتعبين وهناك من يدفعهم بها سواء أحد أقربائهم أو شخص بأجرة وهؤلاء يكونون في عجلة من أمرهم وينادون عادة أثناء تحركهم ليفسح لهم السير .. وأثناء مشي في المسعى مع ابني وإذا اسمع احدهم يقول ا س ا س اس لم أفهم والتفت وإذا هو يريد أن أفسح له السير ففسحت له مع أنني غاضب من ذلك الأسلوب وتلك الكلمة التي يقولها الرعاة في منطقي للغنم أثناء الرعي .. فقلت له لكن بأسلوب رقيق لسنا غنماً حتى تذكر مثل ذلك فنظر إلي مستغرباً ثم أكمل مسيره ..

لكني بعد أيام اكتشفت أني المخطئ وتعلمت درساً مهماً عندما توجهنا- بعد قضاء يومين في مكة- إلى المدينة المنورة نور الله قلبك بالإيمان وإذ أسمع تلك الكلمة اس اس أكثر مرة فاكتشفت إنها كلمة نداء متعارف عليها هناك .
فقررت ألا استعجل مرة أخرى في الحكم على الأشخاص .

فكم يستعجل الزوج في حل مشكلة مع زوجته


وكم مرة اتهمت أحد موظفيك ثم تبين أنه على غير ما ظننت .

وكم مرة اتخذت قراراً علمت بعد ذلك أنك أخطأت نتيجة عدم التحري والتأكد .

يقول الله تعالى ﴿ خلق الإنسان من عجل ﴾

فالأمر يحتاج إلى حكمة وتبصر وتقدير لما حدث ثم إصدار حكماً أو قرار .

4- حيره تربوية .

بينما كنت أسعى منع ابني ذي الأربع سنوات إلا قليلاً وهو متحمس لأداء مناسك العمرة الطواف والسعي ثم الذهاب إلى الحلاق .. مثل بابا حسب تعبيره .. وكنت اضطر لحمله حيناً ثم أتركه يسير ... وأثناء السعي رأى الكراسي المتحركة ولقد اركبناه اياها العام الماضي ، فطلب مني أن أحضر له كرسي يجلس وأنا أدفعه وكنت أصبره على أن يمشي بحيث لا يكون ذلك سلباً عليه .. وبينما نحن نسير وإذا بأحد الآباء يدفع ابنه على الكرسي المتحرك ويسلم علينا .. وكأن ابني كان يدعو بأن يرزقه الله بكرسي فإذ بالأب يقول أن هذا آخر شوط لي فخذ الكرسي ليجلس عليه ابنك . لكن أرجوك أرجعه إلى مكانه - وصفه لي حيث أنه وعد أنه سيرجع الكرسي ولم يأخذوا منه أي إثبات كما هي العادة فأعطاني الكرسي وأكد أن أعود به إلى مكانه ..

مضى الرجل إلى حال سبيله وابني مستلقياً على ذلك العرش بالنسبة له وأنا أدفعه بعد أن سار ثلاثة أشواط .

ولي هنا وقفتان :-

الأولى : الثقة العجيبة التي يضعها البعض فيمن لا يعرفه .. بل ويعتمد عليه فيما قد يسبب له إشكالات لاحقاً .
ومن أعجب ما سمعت عن تلك الثقة المفرطة أن امرأة كانت في مستشفى في المدينة التي أعيش فيها مع طفلها الرضيع واضطرت لدخول غرفة الأشعة فتحيرت أين تضع ابنها فلم تجد إلا امرأة لا تعرفها .. جالسة على أحد الكراسي تنظر .. فطلبت منها أن تحتضن ابنها حتى تنتهي من التصوير بالطبع دخلت إلى غرفة الأشعة وانتهت .. ثم خرجت وكانت المفاجأة بل الصاعقة على قلب الأم ... لم تجد تلك المرأة مع طفلها... تلفتت يميناً ويساراً لعها ذهبت إلى مكان ما وتعود فانتظرت ... دون أي فائدة اختفت تلك المرأة مع ابنها وبقيت الأم الملكومة .
لابد أن نتعلم أين نضع ثقتنا ونعلم أيضا أبناءنا أين يضعون ثقتهم .. فالحذر مطلوب دون تكلف .. ومعرفة الشخص مهمة قبل أن تحكم عليه بمدح أو ذم .

الوقفة الثانية :
أحيانا يتحير الإنسان عند اتخاذ قرار معين تبدو الاختيارات أمامه متساوية أو لا يستطيع أن يرجح إحداها .. ثم يجد أن أحد البدائل للقرار قد يتيسر دون البدائل الأخرى مع التأكد أن الصورة غير واضحة تماما لتحديد قرار معين .. في هذا الحالة اتبع ما قد يسر لك ورأيت أن الظروف مواتية جداً للقيام به وخاصة إن رأيت عددا من الأبواب قد تفتحت مع ذلك القرار. فسربه وتوكل على الله ولا تستمر في ترددك .

منير الخالدي