بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم حبيت اجيب وصف للدار الاخره اللتي اعدها الله لعبادة المتقين عسى ان يكون الموضوع يفيدنا في تغيير حياتنا وترك معاصينا خوفاً من خسرانها
إنـــهـــا الـــجــنـــة
غـرف الجـنـــة
إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق، من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما بينهم، وإن في الجنة لغرفا يرى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها.
وإن المتحابين في الله في الدنيا هم في الجنة على عمود من ياقوتة حمراء، في رأس العمود سبعون ألف غرفة، يشرفون على أهل الجنة، إذا اطلع أحدهم ملأ حسنه بيوت أهل الجنة نورا، كما تملأ الشمس بيوت أهل الدنيا، فيقول أهل الجنة: اخرجوا بنا ننظر إلى المتحابين في الله، فيخرجون، فينظرون في وجوههم مثل القمر ليلة البدر، عليهم ثياب خضر، مكتوب في جباههم بالنور: هؤلاء المتحابون في الله.
خيـــام الجنـــة
ويسكنون في خيمة الجنة، وهي من لؤلؤة مجوفة، فرسخ في فرسخ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب، ولها سبعون بابا، كلها من درة، طولها في السماء ستون ميلا، وعرضها ستون ميلا، في كل زاوية منها أهلون، حور مقصورات في الخيام، ما يرون الآخرين، ولا يرى بعضهم بعضا، يطوف عليهم المؤمنون، ويتكئون فيها على سرر مصفوفة، بعضها إلى جانب بعض، وعلى سرر موضونة، متكئين عليها متقابلين.
ويذهبون إلى خيراتهم، ولكل مسلم في الجنة خَيْرَة، ولكل خَيرة خيمة، ولكل خيمة أربعة أبواب، يدخل عليها كل يوم من كل باب تحفة وهدية وكرامة، لم تكن قبل ذلك، لا مزجات ولا زفرات، ولا بخرات ولا طماحات، حور عين، كأنهن بيض مكنون.
أنهــار الجنــــة
وتأتي -يا عبد الله- أنهار الجنة وبحارها، فترى بحر الماء، وبحر العسل، وبحر اللبن، وبحر الخمر، فتشرب منها، وتنعم بها. ثم تشقق الأنهار، سيحان وجيحان، والفرات والنيل، كل من أنهار الجنة، وهذه الأنهار تشخب من جنة عدن، ثم تصدع بعد ذلك أنهارا، فتتمتع بمناظرها الخلابة، وتشرب من مائها العذب.
وتذهب إلى رياض الجنة، وفي رياضها نهر من أنهارها، هو أصل أنهار الجنة كلها، أظهره الله عز وجل حيث ما أراد. وفيها نهر النيل، وهو نهر العسل في الجنة، ونهر دجلة، وهو نهر اللبن في الجنة، والفرات، وهو نهر الخمر في الجنة، وسيحان وجيحان، وهما نهرا الماء في الجنة، تطوف عليها واحدا واحدا، فتُحملق بعينيك في جمالها، وتتعجب من لذة مذاقها، وكأنك في حلم. ثم تأتي نهرا يقال له "البيدخ"، عليه قباب من ياقوت، تحته حور ناشئات، تنطلق إليه، فتتصفح تلك الجواري، فإذا أُعجبتَ بجارية منها تمس معصمها فتتبعك.
- نهر الكوثر :
وتأتي إلى نهر الكوثر، وهو نهر في وسط الجنة، حافتاه من ذهب، يجري على الدر والياقوت، تربته أطيب من ريح المسك، وطعمه أحلى من العسل، وماؤه أشد بياضا من الثلج واللبن. والذي نفسي بيده، لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في ليلة مظلمة مصحية، من شرب منها شربة لم يظمأ آخر ما عليه. عرضه مثل طوله، كما بين عمان إلى أيلة، أو كما بين الكوفة إلى الحجر الأسود، أو كما بين أيلة إلى صنعاء. فيه ميزابان ينثعبان من الجنة، أحدهما من ورق، والآخر من ذهب، من شرب منه لم يظمأ حتى يدخل الجنة، فيه أباريق عدد نجوم السماء، حافتاه قباب الدر المجوف، وقباب اللؤلؤ والذهب، طينه مسك أذفر، عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، مجراه على جنادل الدر والياقوت واللؤلؤ، حاله المسك، ورضراضه التوم، نبته قضبان الذهب، ثمره ألوان الجوهر، وماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، إذا شربتَ منه مشربا لم تظمأ بعده أبدا.
شجر الجنـة وثمارهـا
وتسير بين أشجار الجنة الكثيرة، وثمارها الوافرة، فترى سدرة المنتهى، وهي شجرة يسير الراكب الجواد المضمّر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها، نضد الله شوكها، فجعل مكان كل شوكة ثمرة، وإنها لتنبت ثمرا، تفتق الثمرة منها عن اثنين وسبعين لونا من طعام، ما فيها لون يشبه الآخر، وفيها فراش الذهب، كأن ثمارها القلال.
وترى شجرة أخرى على ساق، قدر ما يسير الراكب المجد في ظلها مائة عام، يخرج إليها أهل الجنة وأهل الغرف وغيرهم، فيتحدثون في ظلها، فيشتهي بعضهم ويَذْكر لَهْوَ الدنيا، فيُرسل الله ريحا من الجنة، فتحرك تلك الشجرة بكل لَهْوٍ كان في الدنيا. وتمر على شجرة جذوعها من ذهب، وفروعها من زبرجد ولؤلؤ، فتهب لها ريح فتصطفق، فما سمع السامعون بصوت ألذ منه.
وتصل إلى شجرة يخرج من أعلاها حلل، ومن أسفلها خيل من ذهب، مسرجة ملجمة من در وياقوت، لا تروث ولا تبول، لها أجنحة، خطوها مد بصرها، فتركبها، فتطير بك حيث تشاء، فيقول الذين أسفل منك درجة: يا رب، بم بلغ عبادك هذه الكرامة؟ فيُقال لهم: كانوا يُصلّون في الليل وكنتم تنامون، وكانوا يصومون وكنتم تأكلون، وكانوا يُنفقون وكنتم تبخلون، وكانوا يقاتلون وكنتم تجبنون.
وترى عنب الجنة، عظم العنقود منها مسيرة شهر للغراب الأبقع، الذي لا يقع ولا ينثني ولا يفتر، وهو كما بين صنعاء وعمّان، الحبة فيه بحجم جلد تيس كبير، وهي كفيلة بأن تشبع عشيرة بأكملها. وتتبصر في النخل، وجذوع نخل الجنة من زمرد أخضر، وكربها ذهب أحمر، وسعفها كسوة لأهل الجنة، منها مقطعاتهم وحللهم، وثمرها أمثال القلال والدِّلاء، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، ليس فيها عجم، وإن طول الثمرة من ثمارها اثنا عشر ذراعاً.
وتلذ بالنظر إلى رمان الجنة، فتأتيه، والرمانة من رمان الجنة يجتمع حولها بشر كثير، يأكلون منها، فإن جرى على ذكر أحدهم شيء يريده وجده في موضع يده حيث يأكل. وما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب، وأصولها اللؤلؤ والذهب، وأعلاه الثمر، وإن أهل الجنة ليأكلون من ثمار الجنة قياماً وقعوداً ومضجعين، متى شاءوا، ومن أي شجرة أرادوا، فثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة.
المفضلات