تعرّف المربّون (من سنة 1950 – الثمانينات) على نظريّة الدمــــــاغ الثلاثي الأجزاء، ويقول لنا هذا النموذج السابق بأنّ التعلّم الدائم يكون في الجزء السفلى من الدماغ، وتعالج المشاعر والانفعالات في الجزء الأوسط من الدماغ، بينما تعــــالج عمليات التفكير العليا في الجزء العلوي من الدمــــاغ، هذا النموذج أصبح الآن ملغى بعد ظهور الأنظمة الشاملة الأكثر تركيباً وتعقيداً لفهم الدماغ.
1. هل يمكننا أن نلخّص الأساسيّات المتعلّقة بطريقة عمل أدمغتنا؟

ستبقى هناك أسئلة مجهولة حول الدماغ، غير أنّنا نملك الآن معلومات كافية لمساعدة المعلمين في أداء عملهم بشكل أفضل، فمن خلال معرفة كيف يتعلم الدماغ، فإنّنا نستطيع أن نحدّد أو نوزّع المصادر التعليميّة بشكلٍ أفضل والأهم هو أنّنا سنحسّن نجاحاتنا مع المتعلمين.

2. ماذا تعرف عن دماغ الإنسان؟

يتكوّن الدماغ من نصفي كرة دماغيّة مخيّة: نصف الكرة الأيسر ونصف الكرة الأيمن، ويرتبط هذان النصفان بحزم من الألياف العصبيّة يعــــرّف أكبرها بالجسم الجاسي(Corpus callosum) الذي يحتوى على نحو (250) مليوناً من الألياف العصبية، إنّ هذا التداخل بين نصفي الكــرة الدماغية يسمح لكل جانب من الدماغ بتبادل المعلومات بحريّة أكثر، ورغم أنّ كل جانب يعالج الأشياء بطريقة مختلفة، إلاّ أنّ بعض الافتراضات السابقة عن الدماغ الأيمن والدماغ الأيسر لم تعد مقبولة.

3- الأقسام الوظيفية الأساسية للدماغ


يقسّم العلماء الدماغ إلى أربع مناطق يطلق عليها فصوص، وهذه الفصوص هي: الفص الخلفيOccipital ، والفص الأمامي أو الفص الجبهيFrontal ، والفص الجداريpartietal ، والفص الصدعي Temporal يقع الفص الخلفي في وسط مؤخرة الدماغ وهو مسؤول بشكل رئيسي عن الإبصار، ويقع النص الجبهي في المنطقة المحيطة بالجبهة ويعنى بالأعمال الهادفة مثل إصدار الأحكام، والإبداع، وحل المشكلات، والتخطيط.

ويقع الفص الجداري في أعلى مؤخّرة الرأس وتتضمن مسؤولياته معالجة الوظائف اللغوية والأحاسيس الدقيقة، أمّا الفصان الصدغيان (الأيمن والأيسر) فيقعان فوق الأذنين وحولهما، وهذه المنطقة مسؤولة بشكلٍ رئيسي عن السمع والذاكرة والمعنى واللغة، وهناك بعض التداخل في وظائف تلك الفصوص .

4- كيف يحصل الدماغ على طاقته للتعلّم؟

إنّ مصدره الرئيسي هو الدّم الذي يزوده بعناصر غذائية مثل الجلوكوز، البروتين، والعنـــــــاصر الكيماوية والأكسجين... يحصل الدماغ على حوالي (8) جالونات من الدم كلّ ساعة، أي ما يقارب 198 جالوناً في اليوم. إضافةً إلى ذلك يوفّر الماء التوازن الإلكتروليتى لقيام الجسم بوظائفه بشكل مناسب. ويحتاج الدماغ إلى 8- 12 كوباً من الماء في اليوم للعمل على النحو الأمثل. ويعتبر نقص الماء مشكلة عامّة تؤثّر في عملية التعلم (ويجب أن نعرف أنّ الأنظمة الغذائية الجيّدة تساعد التعلم)، هـــــــذا ويستهلك الدماغ (خمس) الأكسجين الذي يستهلكه الجسم.

أين يبدأ التعلم؟

يوجد نوعان من خلايا الدماغ: الخلايا العصبية (النيورونات)، والخلايا الفردية (الغراء العصبي) ورغم أنّ أغلبية خلايا الدماغ (90%) هي من الخلايا الفروية، إلاّ أنّ الـ (10%) المتبقية –الخــــــلايا العصبية– هي التي تجعل الدماغ عضو التعلم والتفكير .

يمتلك الإنسان (100) بليون نيورون، والخلية العصبية التي تؤدى وظيفتها بشكل طبيعي تعمل باستمرار على إثارة المعلومات ودمجها وتوليدها. والتعلّم عمل مهم تقوم به الخـــلايا العصبية مجتمعةً ولا يمكن تحقيقه بشكلٍ فردي من قبل خلية عصبيّة واحدة بل يحتاج إلى تضافر مجموعات من الخلايا العصبية.

كيف نتعلم؟

يغيّر التعلم الدماغ لأنّ الدماغ يستطيع أن يعيد تركيب نفسه مع كلّ تنبيه أو خبرة جديدة ومعرفتنا بأسس الخطوات التي يتم بها التعلم قد يعطينا تبصراً مفيداً في كيفية تعلم المتعلمين.

المنبّه أو المثير:

بالنسبة لأدمغتنا، فنحن إمّا أن نقوم بعمل شيء نعرف مسبقاً كيف نؤديه أو نقوم بعمل شيء جديد، فإذا كنّا نكرر فعل شيء تعلمناه، فإنّ هناك فرصة جيّدة لأن تصبح الطرق العصبية فاعلة أكثر وأكثر. وقد أكّد العلماء أنّ العديد من مناطق الدماغ تتغير "تضئ" عند إجراء مسح له باستخدام جهاز وذلك عند البدء بأداء مهمـــــة، فإنّه يضئ بصــــورةٍ أقـــــل ويستخدم بشكــــــل(PET) أقل كلّما تعلم المهمة بشكل أفضل، فالتمرين هو عبارة عن ممارسة شيء نعرف مســـــــبقاً نؤديه بينما الإثارة أو التنبيه هو عمل شيء جديد.

1. تبدأ عملية التعلم بمنبه أو مثير ما (مواجهة مشكلة ما، قراءة قصة أو حدث، الاستماع إلى القرآن...) هذه الإثارة تولّد طاقة كهربائيّة مفيدة .

2. تتحول هذه المدخلات (المعلومات) إلى إشارات عصبية يتم فرزها في محطــــة الثلاموس الذي يقع وسط الدماغ.

3. يتم معالجة المعلومات وتكوين "الخريطة" بسرعةٍ فائقة في قرن آمون (مركز التعلم والذاكرة في دماغ الإنسان).

4. من هناك تتوزع الإشارات إلى مناطق محددة في الدماغ.

وأخيراً تتشكّل الذاكرة التي يمكن أن تسترجع ذلك المنبه، وهــذا يعني ببســـاطة أنّ أجزاء المعلومات موضوعة في أماكنها المناسبة لكي يتم تنشيط الذاكرة بسهولة.

والتعلّم والتذكّر وجهان لعملة واحدة، فإنّك إذا تعلّمت شيئاً ما، فإنّ الدليل الوحيد على التعلّم هو التذكّر.

بواسطة جمال الدين شرقي
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article.thtml?id=805