كانت الموسيقى على الدوام وعبر التاريخ البشري جزءاً أساسياً من الحياة, وقد كانت كل الأحداث المهمة في حياة الجماعة الإنسانية تترافق مع موسيقى أو غناء أو قرع طبول أو النفخ في قربة ما لإنتاج ما يمكن تسميته جميعاً: موسيقى. كان هذا صحيحاً مهما كانت المناسبة, من الاحتفال بالزواج أو غيرها من نقاط الحياة المهمة, إلى الجنائز, إلى الطقوس الدينية بأنواعها, إلى الحرب, وحتى إلى الأحداث التعليمية بشتى أنواعها, كانت الموسيقى ترافقك أينما حللت.
إلا أن الثقافة الصناعية الأمريكية, بنزعتها للتخصيص وتقسم الأدوار, قد نجحت في فصل الموسيقى عن التعلم. لازلنا نستعمل الموسيقى كوسيلة معينة في التدريس عندما ندرس الأطفال, أما حين يتعلق الأمر بالكبار, فإن الموسيقى مُغيبة تماماً, ويصبح جل تركيزنا على الكلمات. حقاً, لقد تم إبعاد الموسيقى والإيقاع وحركات الجسد الموسيقية عن التعليم, وإن هذا مؤسف جداً, لأن الارتباط بين الموسيقى والتعلم ارتباط عضوي, ولا يمكن فصله.
الموسيقى والذاكرة
يحتوي الجهاز الحوفي في الدماغ البشري على أدوات متعلقة بفهم ومعالجة الموسيقى, وقد مر معنا سابقاً أن هذا الجهاز هو أيضاً المسؤول عن الذاكرة طويلة الأمد. من هنا يتضح الارتباط العضوي بين الموسيقى والذاكرة في دماغ الإنسان.
يمكن لهذا الارتباط العضوي أن يفسر لنا كيف يمكن أن نجد طالباً في المدرسة الثانوية غير قادر على حفظ ترتيب العناصر الكيميائية في الجدول الدوري, إلا أنه يحفظ عن ظهر قلب, ودون حتى أن يبذل جهداً تجاه الموضوع, كلمات ما لا يقل عن مائة وخمسين أغنية. إن السر هنا هو في التلاحم بين الموسيقى والذاكرة.
إن المسألة حقاً قديمة قدم التاريخ, فعلى سبيل المثال استخدم الرهبان البوذيون الموسيقى ليحفظوا مقاطع من كتابهم المقدس. الإلياذة والأوديسا, الروائع التاريخية التي كتبها هوميروس, كانت تغنى على أنغام الإيقاعات متصاحبة مع الموسيقى. اليوم, يتعلم أطفالنا الأحرف الأبجدية من خلال غنائها, كما يتعلمون جدول الضرب من خلال الإيقاع. وفوق ذلك, يستخدم المعلنون الموسيقى والإيقاع ليجبرونا على حفظ أسماء منتجاتهم.
صمم العالم والمربي البلغاري جورجي لوزانوف طريقة جديدة لتعلم اللغات بشكل سريع اعتمدت على المقترحات الإيجابية والاسترخاء والموسيقى. وفي جامعة كاليفورنيا, وجد بعض الدارسين أن الطلاب الذين يستمعون إلى موزارت كوسيلة لتخفيف الضغط قبل اختبار التحليل الفراغي كانوا يحرزون بالمجمل نقاطاً أعلى من أولئك الذين يستمعون إلى رسائل استرخاء مسجلة (بصيغة لفظية).
إن من الواضح أننا جميعاً بحاجة إلى إعادة اكتشاف دور الموسيقى في التعلم والمساهمات الإيجابية الكبيرة التي يمكن أن تجلبها لنا.
منافع الموسيقى
من البديهي أن من غير المطلوب أن توجد الموسيقى طوال العملية التعليمية, إلا أننا يمكن أن نستعملها لتعزيز العملية التعليمية بعدة طرق. يمكن أن نستخدم الموسيقى بغرض:
· "إحماء" بيئة التعليم وإضفاء الطابع الإنساني عليها, وملئها بالحيوية والطاقة.
· استرخاء العقل وتحضيره للتعلم.
· خلق ترابطات إيجابية ومشاعر منفتحة لدى المتعلم.
· رفع سوية عمل الدماغ درجة للأعلى.
· تحفيز التعلم بالأحاسيس المتعددة.
· المساعدة على تسريع وتعزيز العملية التعليمية.
تحفز الموسيقى المشاعر, وتساهم المشاعر بشكل كبير في التعلم. يمكن للنوع الصحيح من الموسيقى أن يسهم في استرخاء الدماغ (وكامل الجهاز العصبي) وفي تحفيزه على حد سواء. إذاً يمكن القول أن الاستعمال الجيد للموسيقى يمكن أن يساعد المتدربين في توسيع إطار تعلمهم واستخدام كامل كفاءتهم وقدراتهم في العملية.
ملاحظة هامة جداً: عليك تجنب الميل لأن تكون قطعياً وحصرياً في نوع الموسيقى التي تستخدمها, ليس هنالك من نوع صحيح من الموسيقى التي تصلح للصف. إن الموسيقى الصحيحة هي تلك التي تساعد على خلق حالة من الاسترخاء والتيقظ والانفتاح والتعلم الأمثل للمتدربين الموجودين في الصف حالياً.
في الملف المرفق : ملف موسيقا شرعية للاستخدام في التدريب أو التعليم
بالاضافة إلى:
وملف
وملف
بواسطة غالية نوام
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article.thtml?id=524
المفضلات