نشر البروفسوران بلاك وويليام (كلِّية كينغ، جامعة لندن) عام 1998 مقالة يشرحان فيها بالتفصيل اكتشافاتهم الناتجة عن مشروع بحث بعنوان "داخل الصندوق الأسود". ركَز هذا المشروع على تأثير مختلف استراتيجيات التقييم في تحسين نتائج الطلاب، ووجدوا أنه كلَما استُخدم التقييم بشكلٍ فعّال بما يساهم في توليد أفكار جديدة ويحث الطالب على المشاركة, كلما رافقه تحسُن كبير في الإنجازات والنتائج.

كان من نتائج البحث الوارد في كتابالتقييم من أجل التعلُم تحت عنوان ما وراء الصندوق الأسود (لجماعة إصلاح عملية التقييم 1999): أن تحسين التعلُم من خلال التقييم يعتمد على العوامل الخمس الأساسية التالية:

  • تزويد الطلاب بالتغذية الراجعة الفعّالة.
  • انغماس الطلاب الفعلي في تعلُمهم.
  • تعديل التعليم بحيث يهتم بنتائج التقييم ويضعه في الخطة التعليمية.
  • الاعتراف بالتأثير العميق للتقييم في تحفيز الطلاب وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
  • حاجتنا إلى جعل الطلاب قادرين على تقييم أنفسهم وفهم كيفية تحقيق نتائج أفضل.


فيما يلي بعض الأفكار حول قدرة مبادئ التقييم من أجل التعلُم على تعزيز ودعم وتحسين كل مرحلة من مراحل حلقة التعلُم السريع.
مرحلة الربط
إنَ جوهر التقييم من أجل التعلُّم هو مشاركة الآخرين أهدافهم الواضحة والمحددة في التعلُّم.
شيرلي كليرك
من أين أبدأ بالتحضير الفعّال للدرس؟ ذلك هو المحور الذي تنشأ منه أهداف التعلُّم. في نهاية الدقائق الخمسين التي سأقضيها مع الطالب ماذا أريد له أن يعرف أو أن يصبح قادراً على القيام به والذي لم يكن يعرفه أو يتمكن من القيام به من قبل؟
حاول أن تتوصل مع الطلاب إلى قائمة بأهداف التعلُّم واكتبها على لوحة كبيرة ثم قم بتعليقها في مكانٍ واضحٍ في الصف. لا بد أن تشجع الطلاب على المشاركة الفعَّالة في وضع أهداف التعلُّم, لا تنس أن تعود إليها خلال الدرس.
إليك فكرة أفضل: جرب أن تُدخل الطلاب في حوار موسع عن أهداف التعلُّم. مثلاً: ضع حبلاً على الأرض وحدد إحدى نهايتيه بعنوان "الكثير" والأخرى بـ "لا شيء"، واسأل الطلاب عمَا يعرفونه عن الموضوع (مثلاً: ماذا تعرفون عن جورج واشنطن؟)، وبناءً على ذلك يقف الطلاب في نقطة من الحبل تمثل مدى معرفتهم الحالية، بعدها اسألهم عن مدى اهتمامهم بهذا الموضوع (مثلاً: ماذا تريدون أن تعرفوا عن جورج واشنطن؟) ويعيد الطلاب ترتيب أنفسهم على الحبل وفقاً لأجوبتهم. استخدم بول غينيس (عام 2005) طريقة أخرى برسم تقاطعٍ أو إشارة ضربٍ على الأرض بواسطة شريط لاصق بحيث يمثل المحور الأول المعرفة السابقة، بينما يمثل الثاني مدى الاهتمام
بعد ذلك يمكنك أن ترتب الطلاب في مجموعات تتضمن المُتحمِسين مع المتخوفين والجاهلين مع العارفين فيطرح الطلاب العديد من الأسئلة التي تتولد في أذهانهم، بعدها تصنَف هذه الأسئلة لتشكِل أهداف التعلُم العامة.
WILF و TIBS، هي إستراتيجيات أخرى حيث يُرمز للأولى بسمكة ذهبية. وتعني: ما الذي أبحث عنه؟ حيث توضِح توقعاتك، أو بشكلٍ آخر لإشراك الطلاب بشكلٍ أفضل. يمكن أن تسمى السمكة الذهبية بـWALT، وتعني : ماذا نتعلم اليوم؟
أمَا TIBS فهي قطة كبيرة وتعني: هذا لأن، حيث تحاول أن تجعل التعلم مرتبطاً بالطلاب. بإمكانك أن تحيي الطلاب بهذه الشخصيات في كل درس.

كما أن التقييم من أجل التعلم هو عبارة عن تدريب الطلاب ليصبحوا قادرين على تقدير مستوى الجودة وتحديد مواصفات العمل الجيد. بإمكانك في مرحلة الربط أن تشرك الطلاب في نقاشٍ حول كيفية معرفة مدى نجاحهم، كما يجب أن يتم الاتفاق على معايير النجاح وعرضها في غرفة الصف. انظر إلى المثال التالي من درس التعلم من أجل التعلُم:

-عمَّ ابحث؟ وذلك من أجلك كي تدرب مهاراتك في تقديم أفكارك من خلال وضع مخطط فريد لمفهومك عن المعلومات المقدَمة إليك.
-هذا لأن: وضع مخطط للمفاهيم هو تقنية مهمة تساعدك على استيعاب كميات كبيرة من المعلومات سريعاً.
-كيف سنعرف أننا كنا ناجحين؟ احرص بالتعاون مع الطلاب على أن يكون مخطط المفاهيم ملوناً ويحتوي على المفردات والصور الأساسية. عندها سيوضح المخطط بوضوح العلاقات بين الموضوعات أو الأفكار, ثم يتم تلخيص تلك المخططات وتعليقها في الصف. بإمكانك أيضاً أن تري الطلاب مخططات من السنة الماضية، وتطلب إليهم ترتيبها حسب الجودة أو اختيار أفضلها في رأيهم ثم شرح سبب هذا الاختيار.

مرحلة التفعيل
يجيب معظم المدرسون عن الأسئلة التي وضعوها بأنفسهم.

استخدم خلال الدرس تقنية الأسئلة المفتوحة والتي يمكن تعديلها من وقت لآخر وذلك لجعل الطلاب يقيمون عملهم وفقاً لمعيار النجاح ولا تنس أن تمنحهم وقتاً كافياً للتفكير. لقد بيَنت الدراسات أن معظم المدرِسين يجيبون عن الأسئلة التي قاموا بوضعها ويتيحون وقتاً للتفكير بمعدل يتراوح بين 0.7 و 1.3 ثانية فقط, وأنه من النادر أن يخططوا للأسئلة التي يطرحونها خلال الدرس. شجِع الطلاب على طرح الأسئلة على بعضهم البعض ومشاركتهم في الأجوبة الممكنة.

يمكنك توظيف تقنية المجموعات بفعالية ومرونة في التعلم والاستفادة من تدريب الطلاب لبعضهم بتسهيل العملية من خلال وضع زملائهم الذين يظهرون فهماً جيداً للدرس مع أولئك الذين لا يفهمون.

مرحلة العرض
أظهر ما تعرفه.

ما هي أفضل طريقة غير الاختبار لإظهار مدى فهم الطلاب في موضوعٍ ما؟ يمكن للطلاب أن يعملوا أزواجاً لتحديد ما يجب أن يحتويه الاختبار ووضع عناصره وإجاباته. بإمكانهم بعد ذلك أن يعطوا أصدقائهم الاختبارات, وأن يقومون بتصحيحها ووضع علامات وتقديم تغذية راجعة لها.

احرص على أن تطلب إلى الطلاب تقديم ما فهموا من أفكار وفقاً لمعيار النجاح المُحدد مسبقاً. مثلاً: إن كان هدف التعلُم في درس اليوم هو: "في نهاية الدرس ستتمكنون من ذكر ثلاثة أمثلة عن "الصخور الرسوبية"، لن يكون عدلاً أن تتوقع من الطلاب تقديم شرح تفصيلي عن كيفية تشكُل "الصخور المتحولة".

مرحلة التثبيت
اترك بعض الوقت للتفكير وتقديم التغذية الراجعة.

في هذه المرحلة يشترك الطلاب في تقديم التغذية الراجعة. بإمكان الطلاب أن يقيّموا عروض زملائهم ويقترحوا طرقاً لتحسينها ومن المهم طبعاً أن تُعلِم الطلاب كيفية تقديم تغذية راجعة بنَّاءة بشكل صحيح دون المس بمشاعر الآخرين، ويجب أن تكون التغذية الراجعة مرتبطة بمعايير النجاح فقط. استخدم ورقة التغذية الراجعة أو سلم العلامات لمساعدة الطلاب في التغذية الراجعة، واطلب منهم بدايةً التركيز على جانب واحد من العرض ثم توسيع عملهم تدريجياً مع تحسنهم في التقييم والتغذية الراجعة.

كما تتيح هذه المرحلة فرصة مهمة للطلاب للتفكير ملياً فيما قدموا من عمل ويقدِرون جودته، وقد يتمكنون بأنفسهم من تحديد أهداف التحسين, ولا شك في أن أوراق التقييم الذاتي ومفكرات التعلم اليومية ليست إلا أدوات مفيدة لتحقيق هذه الغاية. كن حريصاً على أن يرى الجميع في التقييم الذاتي نشاطاً للتفكير والحوار وليس للكتابة فقط.


بواسطة عمران المرابط
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article.thtml?id=435