لماذا التعلم السريع؟ هل له نتائج مؤكدة؟ كلما تكلمنا عن التعلم السريع في السنوات الأربعة السابقة كان السؤال الذي يُطرح بقوة وبشكل متكرر: هل هناك أبحاث، أو دراسات أو أي شيء يثبت فعالية التعلم السريع؟ وأعتقد أنك تتفق معي على ضرورة أن نحتاج إلى أدلة واقعية تثبت جدارته، وسنعرض عدة مقالات فيها أدلة من دراسات وتجارب بداية من أبحاث لوزانوف ثم روسيا ثم هنغاريا ثم الولايات المتحدة وأخيراً من دمشق والدوحة وجدة ومراكش والخرطوم.
"الإختبار الهندي" – الهايبرأمنيسيا تثبت إمتلاكها تأثيراً تراكمياً: هناك تعليق كرره الكثير من المتعلمين الذين خضعوا لتقنيات لوزانوف في التعلم السريع وهو: "بشكل عام يبدو أن ذاكرتي قد تحسنت". قادت هذه العبارة الدكتور لوزانوف لإجراء الإختبار الهندي. حيث تم إعطاء 141 طالب ممن هم على وشك الإلتحاق بدورة للتعليم السريع 100 كلمة باللغة الهندية كي يتعلموها.
وفعلاً قاموا بتعلم هذه الكلمات من خلال طرقهم الإعتيادية, وذلك قبل إلتحاقهم بدورة التعلم السريع الخاصة باللغة الفرنسية. وكان معدل تذكرهم الصحيح للكلمات هو 33.9 %، وبعد ذلك إلتحقوا بدورة التعلم السريع الخاصة باللغة الفرنسية لمدة شهر واحد. وفي نهاية الشهر تم إعطاؤهم 100 كلمة إضافية باللغة الهندية ليتعلموها, بنفس الوقت ومرة أخرى من خلال طرقهم الإعتيادية وليس من خلال تقنيات التعلم السريع. وفي هذه المرة كانت نسبة تذكرهم الصحيح للكلمات هي 50.2%. تأثير دورة واحدة من التعلم السريع أظهر تحسناً من ناحية المقدرة على التذكر مقداره 50 %. هذا النوع من التجارب تم إعادته على المسائل الحسابية, ومرة أخرى كان هناك تحسن ملحوظ في قدرتهم على التعليم.
كشفت هذه الإختبارات عن أمور ذات أهمية: أننا نستطيع أن نتطلع إلى الوقت الذي يكون ممكناً فيه تحقيق عملية إنتقال إيجابية ملحوظة من حيث القدرة العامة على التعلم ومن حيث تحسن مستوى الذكاء, ذلك بسبب أن الطرق المستخدمة في التعلم السريع تساهم في عملية التدريب الذهني أيضاً.
فما الذي يحدث للدماغ أثناء حفلة التعلم السريع؟
قام الدكتور لوزانوف بقياس فاعلية كل جزء من أجزاء دورة التعلم السريع وسلط الضوء على مرحلة "الحفلة" حيث كان هناك موسيقى كلاسيكية أثناء جلسة تعلم اللغة (كان هذا الجزء واحد من أهم وأكثر الأجزاء فاعلية أثناء الدورة). لقد قام بإعداد قياسات لموجات الدماغ للمتعلمين أثناء خضوعهم للتعلم السريع, من خلال جهاز التخطيط الدماغي الكهربائي[1], حيث يقوم هذا الجهاز بتسجيل نمط الموجات الدماغية للمتعلمين.
النتيجة الأكثر لفتاً للأنظار هي أنه خلال جلسات الموسيقى, قد ازدادت نسبة موجات ألفا الدماغية عند المتعلمين من 30% إلى 40% وانخفضت موجات بيتا من 55% إلى 47%. إن إرتفاع نسبة موجات ألفا يرجع سببه إلى الإسترخاء والتأمل. لذلك فإن الجزء الذي تم تصميمه للحصول على الذاكرة القصوى يتزامن تماماً مع المرحلة الذي يكون فيها الإسترخاء أكبر ما يمكن. وهذا يفسر ما يعبر المتعلمون بالإجماع تقريباً عن شعورهم بالسرور والإنتعاش بعد خضوعهم لجلسات التعلم السريع.
التعلم السريع ونمط النوم: من الأمور المجمع عليها أن النوم أثناء الليل ينقسم إلى عدة مراحل. هناك مرحلة تعرف بمرحلة حركة العين السريعة وتشكل هذه المرحلة من 20 – 25 % من مدة النوم الليلي عند الأشخاص البالغين. هذه المرحلة تحدث حوالي أربع مرات أثناء النوم وهي الوقت الذي نحلم فيه ويكون بؤبؤ العين في حركة دورانية سريعة، ولهذا تعرف بمرحلة حركة العين السريعة. والعديد من الأطباء النفسيين يؤمنون بأننا نراجع ونعالج كل المعلومات التي اكتسبناها خلال يومنا في هذه المرحلة من النوم.
يقول الدكتور لازونوف أنه يتوجب على المتعلمين الخضوع لمرحلة حركة العين السريعة أثناء نومهم بعد جلسات التعلم السريع, ذلك بسبب أنه لديهم الكثير من المعلومات ليقوموا بمراجعتها ومعالجتها خلال مرحلة حركة العين السريعة.
وبناءً على ذلك, تم توصيل أجهزة تخطيط الدماغ الكهربائي لعدد من المتعلمين بهدف قياس نمط الموجات الدماغية لديهم أثناء مرحلة حركة العين السريعة، وكانت النتائج أن مدة مرحلة حركة العين السريعة قد ازدادت بنسبة 50 %.
النتيجة: لقد أقام مركز دبي للتعلم السريع الكثير من الدورات في التعلم السريع في السنوات الستة الأخيرة وعلى نطاق واسع، في سوريا والإمارات العربية والمملكة المغربية والسودان وقطر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وسلطنة عمان، ولقد انتشر الكثير من ممارسي التعلم السريع في التطبيق، ولقد تحدثنا مع عدد كبير منهم حول النتائج من التعلم السريع فكانت جميع آرائهم ووجهات نظرهم متشابهة: "التعلم السريع هو طريقة تعليمية ذات قيمة وأهمية عظيمة". يقول يوسف دوارة وهو مدرب بارع في مجاله: "إنه شيء عظيم أن تساعد القسم الأكبر من المتعلمين على تحقيق النتائج التي عادة ما يحققها القسم الأقل من المتعلمين والذين نطلق عليهم لقب العباقرة".
كل شخص تحدثنا إليه اعترف بالدور الرئيسي الذي قام به الدكتور لوزانوف, لكنهم كانوا متفقين بالإجماع أن التعلم السريع قد تطور بشكل أكبر وأبعد من الطرق التي تخص شخصاً واحداً بعينه. التعلم السريع هو الآن حركة، حركة يساهم بها الآن الآلاف من المعلمين المحترفين وعلماء النفس التعليمي حول العالم، وفي عالمنا العربي أيضاً. إنها نمط من التعليم الذي يستمر في التطور ولقد تميزنا في كتاب "التعلم الطبيعي – التعلم السريع" ليس فقط من أجل أن نجعلك تصل إلى "حالة من الفن والإبداع" وإنما لنجعل هذا الفن والإبداع جزءاً من حياتك الشخصية.
الدكتور محمد ابراهيم بدرة
دار إيلاف ترين للنشر، كتاب التعلم الطبيعي، النسخة الأولى، المؤلف الدكتور محمد ابراهيم بدرة، 2012.
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/ara...e.thtml?id=945
المفضلات