موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
بناء الثقة - وتقنيات عملية لمواجهة الشخصيات المسيطرة
تأكيد الذات وبناء الثقة :
بعكس ما يعتقده الناس بأن كيفية المساعدة على بناء وتعزيز وتطوير الثقة بالنفس وتأكيد الذات أمر صعب ومعقد فإن بناء الثقة بالنفس وتأكيد الذات من السهل اكتسابه ، وللفطرة دور كبير في تعزيز هذه الثقة ، إذ إن الإنسان مفطور على الكرامة والعزة وحب الذات ، وتقديرها واحترامها ، فهذا بالجملة ينمي الشعور بالذات والتقدير الذاتي لآراءنا ، ويقوي لدينا الثقة في اتخاذ القرارات . وقد يتعاظم هذا الشعور في النفس في غياب الضوابط الأخلاقية والقيمية فتتحول النعمة إلى نقمة والإيجابيات إلى سلبيات فتتحول صاحبة هذه الشخصية لتصبح شخصية ديكتاتورية أو شخصية مستبدة ، وهذا خروجاً عن المسار الصحيح ومبالغة في الأمر غير مأمونة العواقب.
الناس العاديون عموماً لا تريد التحول إلى شخصيات صارمة لتكون شديدة السيطرة ، فأغلب الناس لا تميل إلى الجزم . إنما تتجه للسلبية والخجل بطبيعتها .
معظم الناس عندما يتحدثون عن الرغبة في أن يكونون أكثر حزماً ، إنما يكون مغزى حديثهم وتطلعاتهم في كيفية مقاومة الضغوط التي يتعرضون لها ، وكيف يوجدوا الأسباب والإمكانيات التي تجعلهم أكثر بعداً عن مرمى الهيمنة المفرطة للشخصيات المستبدة الديكتاتورية؟ والسؤال الذي يزعج هؤلاء ويؤرقهم هو كيف يمكننا الوقوف أمام المستبدون؟ والحد من سيطرتهم على مقدرات أمورنا؟ .
وأيضا ، كيف يمكنني أن أمارس مزيداً من الرقابة الداخلية في الحالات التي هي مهمة بالنسبة لي؟ فلا يمكن أن أجعل الآخرين يتحكمون في حياتي ، ويجب أن تؤول لي الأمور ، ويجب أن اتخذ القرار الصائب في الوقت المناسب باستقلالية .
السيطرة من أجل السيطرة ليس سلوك طبيعي لأغلب الناس . درجة عالية من السلوك الاستبدادي للناس ينطلق من طبيعتهم الشخصية ، وغالباً يكون غير مأمون العواقب .
الشخص الذي يسعى لتطوير قدراته في هذا المجال ، سيعلم إنه من السهل عليه أن يفهم طبائع شخصية ودوافع الناس المسيطرة .
إنه من المفيد في هذه المرحلة أن نشرح الفرق بين القيادة المهيمنة ، وبين القيادة الشاملة الموجهة والمربية . القيادة الجيدة لا تستبد بالضعفاء من الناس إنها تستوعبهم وتحتويهم وتشملهم برعايتها ، القيادة كأسلوب مسيطر ليس مرغوب فيه تحت أي ظرف من الظروف . إنها تقتات على المحفزات العاجلة للبشر ، وتركز على النتائج الوقتية قصيرة المدى ، وتخدم غالباً الفئة المهيمنة على مقاليد الأمور وعلى الطرف الآخر تفشل في الاستفادة من كفاءات أعضاءها فضلاً عن إحداث تطوير وتنمية في قدراتهم الاستقلالية وروح المسئولية .
غالباً النمط الاستبدادي من الناس أشقياء وغير سعداء ويفتقدون للأمن النفسي ، فهم في حالة من القلق والتوتر الدائم ، وفي شعور مصاحب لهم بالتهديدات ، وهذه الحالة تزيد من وتيرة الاستبداد لديهم فهم لا يسمحوا للآخرين بهامش من النفوذ أو تفويض للسلطة والمسئولية خوفاً من رد الفعل الانتقامي ، وأن يقعوا تحت طائلة المسائلة والعقاب، ربما يكون هذا السلوك فطري غريزي ، أو إنه نتيجة لظروف اجتماعية صعبة وقاسية . أو الاثنين معا.
يعزز من سلوك الشخصية المهيمنة ضعف واستكانة وإيثار السلامة من جانب الفئة المستكينة الهادئة من الناس التي لا تستطيع أن تقول رأيها ولا تناضل من أجل حقها ، وتستخدم أسلوب المهادنة، فكأنها تعطي مكافأة لهذا السلوك المتطرف المنحرف ليزيد في عنفوانه وسيطرته.
الشخصية المسيطرة غالباً تبدأ ظهورها في سن مبكرة في صورة حب الذات (الأنا) نتيجة لشعورها المفرط بالكره من جهة أحد الوالدين أو قسرها على السير في مسار معين يرضي طموح الوالدين ، أو نشأتها على حب الاستحواذ على كل شيء تريده وترغبه ، مستغلة عاطفة الوالدين. فهذا السلوك المبكر يلعب دور كبير في ولادة الديكتاتور المنتظر .
على الرغم من إن سلوك هؤلاء يعد تحدياً صعباً للمتعاملين معهم إلا إنهم يستحقون العطف والرثاء لحالهم.
الناس التي تعاني من الضعف في قدرتها على اتخاذ القرار هم في الغالب خاضعين تحت سلطة قوية قاهرة . تنكأ جراحهم ، وتضعف باستمرار من ثقتهم بأنفسهم ولا تخلق لهم الفرص لنمو جانب الاستقلالية في اتخاذ قرارات تخصهم ، ولا تشجعهم على الخطأ ، ليتعلموا الصواب .
هؤلاء الناس لا يريدون سوى التحرر من هذه القيود ، فهم لا يسعون ولا يتطلعون إلى أخذ أدوار المسيطرين ، ولكنهم يريدوا أن يزيدوا من رصيد مهاراتهم واستقلاليتهم . هذا كما قلنا ليس بالشيء الصعب، ويمكنك استخدام بعض التقنيات السهلة الممتعة والمنجزة .
لتعلم أين ستكون نقطة انطلاقك ، اعرف أين تريد لتكون : ما هو مستوى السيطرة التي تريدها ؟ هل هو للدفاع عن نفسك في المواقف المحرجة؟ ، أم للسيطرة على الخيارات الخاصة بك كمستقبلك المهني مثلاً؟ أو اختيارك لشريك الحياة ؟ أم لإعطاء أوامر لفريق عملك لإنجاز مهمة صعبة؟
عليك بتطبيق هذه التقنيات في الحالات التي حددتها سابقاً :
- ادرس الواقع جيداً المتعلق بالحالة والتفاصيل الخاصة به.
- كن مستعداً وارفع سقف توقعاتك من ردود أفعال وسلوكيات الناس وجهز ردودك جيداً .
- توقع سلوكيات محددة من الناس ، واعمل جاهداً لإعداد الردود المناسبة للموقف والسياق .
- توقع سلوكيات محددة من الناس ، والإعداد الجيد للردود عليها من المهارات الغائبة عن الحس الإنساني ، فمعظمنا يدفع بردود أفعاله بشكل عشوائي ، وفي الغالب تأتي ردود الأفعال غاضبة نتيجة عدم توقع صدور مثل هذه السلوكيات . إعداد الردود وفق عدة سيناريوهات محتملة يجعلك في موقف ثابت وحازم ، ويزيد من ثقتك بنفسك .
- استعد لطرح أسئلة مفتوحة ذكية ؟
- الإعداد لأسئلة مفتوحة يكشف لك الحجج الواهية . طرح الأسئلة الجيدة يكون غالباً الطريق الأمثل لأخذ زمام المبادرة وقيادة الحوار في اتجاه ما تريد أن تصل إليه . تكره الشخصيات المسيطرة الأسئلة العميقة والبناءة والثاقبة لأنها تكشف عن ضحالة فكرهم وضعف منطقهم كمثال :
- 'ما هو دليلكم (على ما قلتم أو ادعيتم)؟
- من أعطاك هذه المشورة ؟
- ما الجهد الذي بذلته للبحث عن خيارات بديلة؟
- كيف تمكنت من قياس ما قلته حيال هذه المشكلة ؟
- كيف يمكن لكم قياس فعالية هذا التصرف إذا قمتم بإنجازه ؟
- ما هي الحلول المختلفة التي مرت بكم عبر تجاربكم السابقة في حالات مشابهة .
- توقع المماطلة ومحاولات التهرب من الأسئلة العميقة ، لا تستسلم ، وكرر سؤالك ، وضعه في صياغة أخرى .
- تدرب وتمرس على ردود أفعال جديدة تجاه أي تجاوز أو استعداء محتمل .
- استعين ببعض الملصقات التي تحمل عبارات إيجابية تزيد من قوتك النفسية ، واستعداداتك الذهنية . هذه التقنية أثبتت نجاحاً باهراً .
- رسخ إيمانك الجازم بقدراتك الذاتية ودع طبيعتك الشخصية تعمل إلى نهاية المطاف ، ولا تقيدها .
- إذا كانت شخصيتك غير صارمة ، فلا تعتقد خطأ بضعفها ، فغالباً ما تكون هذه الشخصية قوية للغاية في المجالات العملية ، الاهتمام بالتفاصيل ، والموثوقية ، والانتهاء من الأشياء (التي بدأت فيها) ، والتدقيق ، والرصد ، والاتصال ، والتحليل والتفسير والفهم ، والعمل بروح الفريق. كل هذه القدرات تشكل نفوذاً وقوة أمام الشخصيات الصارمة أو المسيطرة التي تفتقد لمعظم هذه المهارات. معرفة نقاط القوة والأسلوب الخاص بك يمكنك من توظيفه للدفاع عن آراءك ، وتعزيز مواقفك ، واتخاذ قراراتك.
- اقرأ واطلع على الكتابات الملهمة والمقالات المبدعة ، والكتب النافعة التي تنمي معرفتك بذاتك.
- تعامل مع الشخصيات المسيطرة بدافع الشفقة ، وإضفاء لمسات من الحب لهم ، والعطف عليهم ، فهم في حاجة فعلية لذلك .
- اعطي لنفسك الوقت للتفكير قبل الرد .
- اصنع حاجزاً نفسياً بينك وبين المتهكم أو المسيطر حتى لا يؤثر ذلك في قراراتك وفي ردود أفعالك .
- أعد عرضك إعداداً جيداً مشفوعاً بالوقائع والأدلة والبراهين .
- مرن عقلك على الاختزال وترتيب الأفكار وانسيابها .
- في حالة الشك استخدم عبارات ذكية للخروج من أي مأزق في الرد . كمثال : (دقيقة واحدة ، أحتاج لأقتنع بما قلته) أو ( أنا لست متأكداً مما تقوله) أو (لا أستطيع الموافقة على هذا الحل) .
المفضلات