الثقة بالنفس ثلثا النجاح

جرى الحوار التالي بين الرئيس التنفيذي ومدير الموارد البشرية:
الرئيس: هل تم تعيين الخبير وكيف هو أداؤه؟
المدير: نعم تم ذلك. أداؤه جيد حتى الآن, فهو يمتلك خبرة واسعة ستساعدنا في مشروعنا التطويري والإصلاحي.
الرئيس: شيء جميل, ولكن يجوز أن تراقبوه جيداً. لا أريده أن يخرج من الصندوق. لا أريده أن يأتينا بمبادرات وإبداعات تحرك المياه الراكدة. أشغلوه بالأعمال اليومية. ماذا بشأن مشروعنا إعادة الهندسة؟
المدير: ثم البدء في التنفيذ ولدينا فريق عمل مقتدر يعمل تحت إشراف مستشار محترف.
الرئيس: شيء جميل ولكن إحرص أن يكون تنفيذ هذا المشروع حسب السياسات والأعراف والإجراءات التي نعمل بها. لن أسمح بالخروج عن المألوف. ماذا بشأن شهادة الجودة؟
المدير: تم توظيف الكادر الطلوب للتنفيذ. هذا الكادر يرأسه شخص محترف وهو يكلفنا الكثير . ولكن المشروع في غاية الأهمية.
الرئيس: شيء جميل, ولكن يجب أن تقوموا بتعديل معايير ومتطلبات هذه الشهادة لتتماشى وثقافتنا ولا تخرج عن منظومة الإجراءات التي تعودنا عليها. أين وصلتم بشأن مشروع إعادة دراسة نظام التقييم الوظيفي لدينا؟
المدير: يقوم الفريق المختص بمقارنة نظامنا الحالي مع الأنظمة المتبعة في أكثر المؤسسات تقدماً. هناك جهة استشارية تقوم بهذا العمل لدينا.
الرئيس: شيء جميل أن يكون لدينا نظام يضاهي ما هو موجود في المؤسسات العالمية الناجحة ولكن يجب مراعاة أن لا يفرق هذا النظام عند تطبيقه بين موظف وآخر عند منح الترقيات والمكافآت. الجميع سواسية.

(2)
عزيزي القار ئ, أين الخلل؟ ربما توصلت إلى الجواب بنفسك وأنت تقرأ الحوار السابق. هل الخلل يكمن في عدم توفر الموارد البشرية المؤهلة أم في عدم توفر الموارد المالية؟ أم أن الخلل الحقيقي ربما يكمن في عدم الإستغلال الأمثل لتلك الموارد وتسخيرها في تحقيق رؤية المؤسسة وأهدافها التي كانت كما تم الإشارة إليها في سياق الحوار السابق «التطوير الشامل لعمليات المؤسسة» يقول «جاك ويلش» الرئيس التنفيذي ورئيس مجلي إدارة «جنرال إليكتريك» السابق وهو رجل خبرة إدارية واسعة «التغيير لا يأتي من خلال الشعارات أو الخطب, التغيير يتحقق متى ما وضعت الكادر البشري الصحيح ليحدث هذا التغيير, فالبشر أولاً ومن ثم تأتي الإستراتيجية والأمور الأخرى» إنتهى الإقتباس. عودة إلى موقفنا السابق فإن هذا العنصر متوفر فقد قامت المؤسسة بتوظيف الخبراء والمستشارين والإداريين المحترفين. ولكن يبدو أن الخلل يكمن في القيادة الإدارية وليس في توفر الموارد من عدمه.

(3)
يقول الخبير «جون ماكسويل» في هذا السياق «إذا كان لديك كل الحماس والأدوات والأشخاص الذين تحتاجهم لتحقيق رؤية ممتازة ومع ذلك لا يبدو أنك قادر على جعل مؤسستك تتحرك وتتقدم في الإتجاه الصحيح فإنك قائد غير فعال» إنتهى الإقتباس. إذاً القائد الإداري هو الذي يقوم بعملية توظيف الموارد لتحقيق رؤية المؤسسة. لو تمعنا في توجيهات الرئيس التنفيذي لمدير الموارد البشرية في الموقف السابق لتعرفنا على نمط تفكير صاحبها الذي يدير به مؤسسته والذي يصر على عدم تحريك الماء الراكد والتردد في الخروج من الصندوق والإطلاع على التجارب الإدارية المميزة ومحاولة محاكاتها. هل هو التخوف من التغيير؟ هل هو التخوف من الفشل؟ أم هو عدم الثقة بالنفس لافتقار صاحبها للقدرات القيادية؟ فالثقة بالنفس كما يقول المثل الأسكتلندي هي ثلثا النجاح. ما رأيك عزيزي القارئ؟