العقل و المنطق الاستنباطي
مناشدة العقل
يعد فضح الخلل في منطق الحجة المعارضة صورة قوية من التفنيد. فإذا أمكن، فحدد عبارة تعارض المقدمة المنطقية للرأي المعارض وتظهر أن التناقض صحيح. ويخبرنا المنطق الاستنباطي أنه إذا كان أحد النقيضين صحيحًا, فالآخر يجب أن يكون خطأ.
"يحاجج جو أنه- تطبيقًا لخطته- قد زادت المبيعات بنسبة 6 بالمائة، ولذا ينبغي أن نواصل اتباع خطته. وفي الواقع, فبسبب أن مرتجعات العملاء زادت بنسبة 8 بالمائة مع تطبيق خطة جو، فقد انخفضت المبيعات بنسبة 2 بالمائة، ولذلك فقد حان الوقت لتجربة خطة أخرى".
إن عبارة "قد زادت المبيعات بنسبة 6 بالمائة" يناقضها تمامًا عبارة "قد انخفضت المبيعات بنسبة 2 بالمائة".
وبالطبع، ليس من الممكن دائمًا أن تفند المعارضة بالعثور على المتناقضات الصريحة وعرضها. وعادة يكون أفضل ما نستطيعه هو تقديم افتراض مضاد وهناك طريقتان للقيام بذلك:
1. انكر صحة المقدمة المنطقية للرأي المعارض، بإثبات أن المقدمة خاطئة. ويمكن أن يتم هذا على نحو فعال عن طريق الأدلة أو الشهادة: "يحاجج جو أنه- تطبيقًا لخطته- قد زادت المبيعات بنسبة 6 بالمائة، ولذا ينبغي أن نواصل اتباع خطته. ولكن إما أن تكون أرقام جو خاطئة أو يكون حسابه. فالمبيعات في الواقع راكدة، ولذلك حان الوقت لتجربة خطة مختلفة".
2. هاجم الاستنباطات والاستنتاجات المأخوذة من المقدمات. "يحاجج جو أن المبيعات زادت بنسبة 6 بالمائة، بتطبيق خطته، ولذلك ينبغي على الشركة أن تواصل اتباع خطته". هذه المرة تفنده بالقول "في الوقت الذي زادت المبيعات فيه بهذا القدر، فإن هذه الزيادة لا علاقة لها بخطة جو. إذ أثناء هذه الفترة انتقل أربعون مشروعًا تجاريًا إلى منطقتنا. فزادت المبيعات بسبب زيادة السوق. ولو أننا عملنا تحت خطتين لزادت المبيعات بنسبة 10 بالمائة في هذا السوق العريض".
مناشدة الأخلاق
أثناء التفنيد تضع المناشدة الأخلاقية شخصيتك أو خبرتك في مقابل شخصية أو خبرة من يتبنى الرأي المعارض. فإذا كنت بائعًا في محل بقالة وتروج لنظام حمية جديد خلافًا لمعارضة طبيب بارز، فليس من المترجح أن تحرر كثيرًا من النجاح في المناشدة الأخلاقية. وعلى الجانب الآخر، إذا كنت أستاذًا للبيلوجيا البيئية في جامعة كبيرة وتشجع سياسة الأراضي السبخة، معارضًا لسمسار عقارات محلي فقد يكون لديك خطة قوية لتقديم مناشدة أخلاقية.
مناشدة العاطفة
أثناء التفنيد يمكن أن تكون طريقة المناشدة هذه فعالة إلى حد ما، لكنها تعاني سمعة مشكوكًا فيها، وتتطلب معرفة تامة بالمشار التي يحتمل أن تكون سائدة بين جمهورك. ويعد خطاب مارتن لوثر كينج الذي ألقى في واشنطن دي سي، في 28 أغسطس 1963، مثالاً فائقًا لمناشدة العاطفة. إن أعظم هذه المناشدات يرتفع إلى مستوى الرؤية ويشارك الرؤية مع الجمهور. فمن الذي لا يحركه خطاب كينج؟ نعم، فقد علم أنه من الأفضل أن يلقيه إلى جمهور من أعضاء جمعية الكوكلوكس كلان.
ومن المهم أن تتذكر أن مناشدة العاطفة ليست متعارضة مع مناشدة العقل، وكلتا الطريقتين يمكن أن تمزجا أيضًا من المناشدة الأخرقية. فمع أن خطاب كينج يعتمد أساسًا على مناشدة العاطفة، فهو أيضًا يناشد العقل.
دور الدهاء
إن استخدام الدهاء- في صورة التهكم والسخرية- لتفنيد الرأي المعارض لك استراتيجية خطرة جدًا. وقد كان رونالد ريجان أستاذًا في هذا الشأن. فمن المنشور أنه أثناء مناظرة تليفزيونية مع جيمي كارتر خلال الحملة الرئاسية عام 1980, تحدي كارتر المرشحخ ريجان أن يدافع عن معارضته لمشروع قانون التأمين الصحي المنتظر, وبدلاً من تقديم مناشدة للعقل أجاب ريجان بعبارة "ها أنت ثانية". لقد حولت نبرة صوت ريجان ولغة جسده هذه الحملة العادية إلى تهكم ساخر جدًا مما أرفغ التحدي من مضمونه بسلاسة. وقليل من المتحدثين يمكنهم النجاح في ذلك. وقد فعل ذلك رونالد ريجان رغم أنه من السهل جدًا رؤية هذه الإجابة على أنها مراوغة أكثر منها تفنيد.
ورغم المخاطرة التي تحف التفنيد بطريق الدهاء، أو السخرية، إلا أن هناك بعض أمثلة المعارضة التي لا تستحق إجابة أخرى. فأثناء الحرب الأهلية اعتاد الجنرال الاتحادي المغرور وغير المشهور جون بوب أن يختم أوامره ورسائله الرسمية التي كان يكتبها بعبارة "مركز القيادة في سادل". وكان هذا في الواقع حجة يقصد بها تأكيد نتيجة مفادها أن بوب كان جنرالاً نشطًا ملازمً لمركز قيادته في الميدان حيثما كان. وبدل ذلك أثارت العبارة سيلاً من النكات في كلا الجيشين الاتحادي والكونفدرالي لدرجة أن بوب "يصبح مركز قيادته حيث تكون مؤخرته". ومازال التهكم الذي أحدثته هذه النكات عالقًا بذاكرة بوب إلى يومنا هذا.
المفضلات