ليس من الضروري لمعظمنا أن نواجه أزمة لكي نفهم بأن بإمكاننا أن نغير سلوكنا غير أن توقع تغيير هويتنا يبدو أمرا مهددا أو ربما مستحيلا بالنسبة لمعظم الناس اذ آن التخلي عن قناعاتنا الأساسية حول من تكون يسبب لنا أشد الألم, بل قد يصل أمر ببعض الناس إلى حدود الإقدام على قتل أنفسهم لكي يحافظوا على قناعاتهم ولقد صور هذا الأمر الكاتب الفرنسي المعروف فيكتور هوجو في روايته الشهيرة (البؤساء), إذ حين يطلق سراح بطل القصة (جان فالجان) من السجن يشعر بالإحباط والوحدة وعلى الرغم من أنه لم يتقبل طيلة سنوات سجنه تسمية (مجرم) التي تطلقها عليه الشرطة الفرنسية (كان قد سرق رغيف خبز لكي يطعم أفراد عائلته الذين يتضورون جوعا وحكم عليه بالسجن لعدة سنوات مع الأشغال الشاقة) فانه ما أن يطلق سراحه حتى يكتشف أنه لا يستطيع أن يحصل على عمل شريف, إذ انه يقابل بالاحتقار والصد باعتباره محكوما سابقا، وفي الختام, وبدفع اليأس يبدأ يتقبل الهوية التي فرضها عليه المجتمع لقد أصبح مجرما يبدأ بالتصرف على هذا الأساس.

وحين يستقبله رجل رحيم ويطعمه ويوفر له مأوى ينام فيه تلك الليلة, فانه ما يلبث أن يحقق متطلبات وضعه كمجرم بسرقة المجموعة الفضية المتواضعة للرجل الذي أحسن أتليه. وحين توقف الشرطة فالجان لإجراء تفتيش روتيني لا يكتشفون فقط بأنه محكوم سابق, بل انه يحمل الممتلكات القيمة للرجل, وهي جريمة عقوبتها لسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، يعود فالجان ليواجه الرجل، وبعد عرض الوقائع يصر الرجل بأنه أعطى فالجان الفضة كهدية ويذكره بأنه نسي حاملي الشموع ولم يأخذها ويفاجأ فالجان حين يصر الرجل على تحويل قصته الزائفة إلى حقيقة فيما بعد حيث يعطي فالجان الأدوات الفضية لكي يبدأ حياة جديدة، وهنا كان على فالجان أن يعالج ما فعله الرجل لماذا يؤمن به؟

لماذا لم يرسله مكبلا بالأغلال؟ لقد قال له الرجل انه شقيقه وأن فالجان لم يعد ينتمي لعالم الشر, بل انه رجل شريف وعبد من عباد الله هذا التعطيل الشديد لنمطه يغير هوية فالجان, لذا يمزق أوراق سجنه, وينتقل إلى مدينة أخرى, ويتبنى هوية جديدة. وحين يفعل ذلك يتغير سلوكه تماما, ويصبح شخصية قيادية ويساعد من يحتاجون للمساعدة في محيطه، غير أن أحد رجال الشرطة وهو السيد جافير يجند نفسه في حملة للعثور على فالجان لكي يحضره لمواجهة العدالة أنه (يعرف) أن فالجان يمثل الشر ويعرف نفسه على أنه من سيجلب الشر ليواجه العدالة وحين يصل جافير إلى فالجان في النهاية تتوفر أمام فالجان الفرصة للانتقام, ولكنه يظهر سماحته وشهامته ويمتنع عن قلته وبعد أن يقضي جافير حياته وهو يلاحق فالجان يكتشف أنه رجل فاضل – ربما كان أفضل منه – ولا يستطيع التعامل مع حقيقة أنه هو الشخص الشرير والسيئ, فإنه يلقي بنفسه في المياه المتدفقة لنهر السين.









المرجع: أيقظ قواك الخفية
اسم الكاتب: انتوني روبنز
دار النشر: مكتبة جرير
سنة النشر: 2003
رقم الطبعة: الخامسة
رقم الصفحة: 454-455
كلمات مفتاحية: سلوك – هوية – قناعات – تبني الهوية – تغيير السلوك
أرسل بواسطة: عماد الشيخ حسين
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=271