تحدث العالم النفساني الأمريكي إبراهام ماسلو عن رجل كان مصراً في اعتقاده على أنه جثة بالرغم من جهود طبيبه النفسي لعلاجه، وفجأة خطر في ذهن طبيبه سؤالٌ ذكيٌ... فقال له الطبيب "هل من المعقول أن تنزف الدماء من الجثة؟" فرد عليه المريض قائلاً: "ما هذا الذي تقوله يا دكتور، طبعاً الجثث لا تنزف الدماء" وعلى الفور قام الطيب بوخز إصبع المريض فخرجت منه نقطة من الدماء، وبدت الدهشة والاستغراب على وجه المريض وصاح قائلاً: "الآن فقط اقتنعت أنه من الممكن أن تنزف الدماء من الجثث".

ماذا تعني هذه القصة؟... هذا الرجل كان يعتقد أنه جثة هامدة، وكان يرفض كل أنواع العلاج حتى تغير اعتقاده إلى أنه من الممكن أن تنزف الدماء من أي جثة، وبالتالي فمن الممكن علاجها، وعلى ذلك تقبل هو أن يضع نفسه تحت العلاج.

لا يتطلب الاعتقاد أن يكون الشيء حقيقة فعلاً، ولكن كل ما يتطلبه هو الاعتقاد بأنه حقيقة. والاعتقاد هو الأساس الذي نبني عليه كل أفعالنا وهو أهم خطوة على طريق النجاح. وفي هذا حكمة تقول: "لكي ننجح فلا بد أولاً أن نؤمن بأننا نستطيع النجاح"... وقد قال الكاتب الأمريكي نابليون هيل: "ما يدركه ويؤمن به عقل الإنسان يمكنه أن يحققه".

إليك قصة ذلك المريض الذي لم تنجح معه أي طريقة في العلاج حتى لجأ طبيبه إلى فكرة بسيطة وهي انه قال للمريض: أن هناك دواء اكتشف حديثاً من الممكن أن ينجح في علاجه في اقل من 24 ساعة، وبكل حماس طلب المريض الحصول على هذا الدواء المدهش، فأعطاه الطبيب قرصين وأكد له أنه في أقل من 24 ساعة سيكون قد شفى تماماً وقد حدث فعلاً أن المريض زالت كل شكواه وشفى في اليوم التالي وشكر الطبيب على المعجزة... الآن هل تعرف ما هو هذا الدواء المعجز؟... قرصين من الأسبرين!! وقد شفى المريض فقط بقوة اعتقاده.

وقد حدث أن كنت في دالاس في أمريكا لإلقاء محاضرة عن مدى قوة تأثير الاعتقاد وكيف يكون اعتقاد الشخص هو السبب الرئيس للنجاح والصحة الكاملة والسعادة أو الفشل والمرض والتعاسة.. وبعد المحاضرة تجمع بعض الموجودين وقال أحدهم: وكان رجلاً في الثلاثينات من عمره أن ما ذكرته في المحاضرة هو صحيح للغاية حيث أن جدته البالغة من العمر 73 سنة تخاف جداً من ركوب المصاعد حيث إنها مرت بتجربة سيئة عندما كانت في الثامنة من عمرها حين تعطل بها المصعد وظلت محبوسة لأكثر من ساعة كانت طوال تلك الساعة تصرخ وتبكي ومنذ ذلك اليوم وهي تخاف جداً من استعمال المصاعد وتتفادى ركوبها حتى لو كان ذلك يعني أنها ستصعد 500 درجة على قدميها.

وقال لي شخص آخر في أواخر الأربعينات من عمره إنه يخاف جداً من الكلاب حيث إن كلباً كان قد هجم عليه عندما كان في الخامسة من عمره وعضه مرتين في رجله، واضطر للذهاب فوراً إلى المستشفى للعلاج، ومنذ ذلك اليوم أصبح مستحيلاً أن يتواجد في أي مكان به كلب. وذكرت لي إحدى السيدات أنها تكره القطط وتقوم بعمل أي شيء لتفاديها حتى إذا كان ذلك يعني أنه لا تقوم بزيارة الأصدقاء والأقارب الذين يقتنون القطط وهي تعلم جيداً أن خوفها هذا وكراهيتها للقطط يؤثر عليها وعلى أطفالها الذين يتمنون أن يكون لديهم قطة.

وقال لي شاب رابع أنه كان يعتقد أنه سيكون بديناً جداً مثل والده وقد سبب له هذا الاعتقاد بعض الأمراض والمتاعب النفسية والجسدية، فمنذ عشر سنوات قرر أن يتصرف إيجابياً في هذا الموضوع فلجأ على أحد الأطباء المتخصصين، وخلال سنة من العلاج استطاع أن يقضي على ذلك الاعتقاد السلبي الذي كان من الممكن أن يدمر حياته.

وكما أنه من الممكن أن يكون الاعتقاد سبباً في الفشل والحد من تصرفاتنا في الحياة، يمكنه أيضاً أن يكون سبباً رئيساً للنجاح وتحقيق أهدافاً في الحياة، والمثال على ذلك أن توماس إديسون أجرى 9999 تجربة قبل نجاحه في اختراع المصباح الكهربائي إلى أن ضحك عليه الناس. ومع ذلك لم يتوقف عن محاولاته الفاشلة؛ أنه لم ييأس حيث إن كل خطوة فاشلة يستبعدها تجعله يتقدم للأمام. والمثال الآخر والت ديزني الذي ذهب إلى زوجته ومعه رسماً كاريكاتيرياً لفأر صغير قائلاً لها "نحن سنجني ثروة كبيرة من وراء هذا الفأر" وكانت زوجته أول من قال له: "أتمنى ألا تكون قد قلت مثل هذا الكلام لأي شخص آخر!!".

ولكن اعتقاد ديزني بالنجاح جعله يستمر في أحلامه مقتنعاً أنه سيبتكر شخصية ميكي ماوس ومدينة ديزني، وفي طريقه لتحقيق أحلامه واجه العديد من العقبات وأفلس أكثر من مرة ولكن بقوة اعتقاده استطاع أن يحقق النجاح حيث تعتبر مدينة ديزني الآن عملاً فنياً رائعاً يجذب خيال الأطفال والكبار أيضاً. في كتابه "الاعتقاد" قال الكاتب الأمريكي روبرت ديلتز:
"يمثل الاعتقاد أكبر إطار للسلوك، وعندما يكون الاعتقاد قوياً ستكون تصرفاتنا متماشية مع هذا الاعتقاد".
وقال قال د . ريتشارد باندلر أحد مؤسسي البرمجة اللغوية العصبية".
إن للاعتقادات قوةً كبيرةً، فإذا استطعت أن تغير اعتقادات أي شخص فإنك من الممكن أن تجعله يفعل أي شيء".
وفي كتابه "عشر قوانين طبيعية للوقت المثمر وتنظيم الحياة" قال هيرام سميث:
"لكل اعتقاد مجموعة قوانين مبرمجة في مستوى عميق في العقل الباطن، وعلى أساس هذه القوانين يتصرف الإنسان".










المرجع: قوة التحكم بالذات
اسم الكاتب: ابراهيم الفقي
دار النشر: المركز الكندي للبرمجة اللغوية العصبية
سنة النشر: 2000
رقم الصفحة: 39-43
كلمات مفتاحية: المعتقدات – القناعات - قوة المعتقدات – المعتقدات الإيجابية – المعتقدات السلبية – تغيير المعتقدات - واعي لاواعي
أرسل بواسطة: أحمد الخطيب
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=290