في شهر يونيو (حزيران) العام 1882 ، وبعد محاولات عدة، وصل ايستمان إلى كاميرا صغيرة الحجم، وكان يريد أن يعطيها اسماً يجعل الجميع في حيرة في معنى هذه الكلمة.جورج ايستمان حلم بكلمة "كوداك" لوصف كاميرا صغيرة صممها، لأنه لفترة طويلة كان يبحث عن كلمة قوية صعبة النسيان. ولما اختار "كوداك" سجلها كعلامة تجارية، وأحس بأنه اختار أفضل اسم لهذه الكاميرا. والكثيرون يتساءلون: ما معنى "كوداك"؟ يقول عن هذا: اخترت حرف K فهو أفضل حرف بالنسبة إلي، لأنه حرف قوي وغريب كحرف أبجدي، وكنت أحاول أن أعمل خليطاً من الأحرف لكي أجعل الكلمة جميلة. وقررت أن يكون أول حرف من اسمها K وعندما قدم ايستمان طلب تسجيل الكاميرا، كتب "كوداك". هذه ليست كلمة أجنبية، إنما أنا الذي صممتها لسبب واضح، أولاً إنها كلمة واحدة وقصيرة، ثانياً لا يمكن أن تلفظ خطأ فهي واضحة جداً، والسبب الثاني هي لا تشبه أي شيء في الفن ولا تشبه شيئاً ابداً سوى "كوداك".

كانت الكاميرا "كوداك" صغيرة خفيفة وليس فيها أي خطأ. وحتى أن الكاميرا لم يكن لديها أي عين للرؤيا من خلالها، أو لمشاهدة المنظر قبل إطلاقه، كان هناك حرف V لمشاهدة المنظر الذي يريد أن يلتقط صورة له، وكانت هذه الكاميرا تحمل 100 صورة في الفيلم الواحد. وهكذا حول جورج ايسستمان التصوير إلى 3 خطوات سهلة جداً.وتم التسويق لهذه الكاميرا بجملة واحدة: "أنت تضغط على الزر ونحن نفعل الباقي". ثم نجحت هذه الكاميرا نجاحاً منقطع النظير حتى أن الناس أصبحوا يلفظون كلمة "كوداك" بدلاً من كلمة كاميرا، فيقولون أحضر "كوداك"، بدلاً من أحضر الكاميرا.

بعد سنتين من الأبحاث قام العالم الكيميائي هنري اوراسين باخ باختراع لعملية التصوير، وتوصل في أواخر العام 1888 إلى اختراع فيلم شفاف كان قوياً وواضحاً. بدأت هذه الكاميرا بغزو الأسواق الأوروبية، ومنها باريس ولندن. بدأ ايستمان بشراء المصانع في البلدان، وذلك لصعوبة النقل. وقرر أن تكون هناك فروع للشركة في العالم.

وفي أواسط العام 1890 بيع أكثر من مئة ألف كاميرا و 300 ميل من الأفلام كل شهر. وهكذا حقق ايستمان حلمه بأن يجعل التصوير عملية منتشرة عالمياً وبمتناول الجميع. وفي العام 1895 اخترع عالم فيزيائي ألماني اسمه وينهم رونجان، أشعة اكس، وكانت فوائدها عظيمة جداً بالنسبة إلى ايستمان، لأنه بعد سنة كانت "كوداك" تصنع أفلام أشعة اكس.

بعد الشهرة الواسعة التي حققتها "كوداك" تولدت مخاوف عدة، البعض منها أنها ستحتكر أسواق التصوير لفرض السعر الذي تريده. وفي الحقيقة كان ايستمان يسعى إلى العكس تماماً. ولتحقيق حلمه بجعل كل الناس تستخدم الكاميرا، تم طرح كاميرا بدولار واحد لتصبح في متناول الجميع. كان مؤمناً بأن اهتمامه بموظفيه سيرفع من انتاج الشركة بشكل كبير. لذلك خفض ساعات عملهم من دون أن يخفض أجرهم، وصمم برنامجاً لرعايتهم وحمايتهم في حالة الحوادث والمرض. ووصل عدد موظفي الشركة في العام 1911 إلى 5000.

لم يتزوج ايستمان في حياته ونذر نفسه لعمله. ويقال عنه أنه كان شخصاً مملوءاً بالتناقضات، فهو كريم جداً أحياناً وقاس جداً أحياناً أخرى. وعلى الرغم من أنه طور التصوير ووجد ملايين البشر مهنة جديدة بفضل أبحاثه واختراعاته، إنما لم يكن يحب أن يتصور. كان يحب الموسيقا وصيد السمك والقراءة ورحلات السفاري إلى أفريقيا، وكان لديه "أورغ" يعزف عليه في أوقات الفراغ. وحكمته تقول: "ما نفعله في أوقات عملنا يحدد ما لدينا وما نفعله في أوقات فراغنا يحدد من نحن".

وفي 14/3/1932 دعا بعض الأصدقاء في منزله حيث تنازل عن كل ثروته إلى جامعة روتشستر، وبعدها صعد إلى غرفته وأطلق النار على نفسه وترك رسالة قصيرة قال فيها: "لقد أنجزت عملي، فلماذا الانتظار؟". وقد أنهى حياته في رباطة جأش كما عاشها لمدة 77 عاماً.











المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 129 - 132
كلمات مفتاحية: رعاية الموظفين – الاهتمام بفريق العمل - التحفيز
أرسل بواسطة: قسم الأبحاث
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=465