رسم جورج ايستمان أربعة خطوط عريضة كان يعتقد أنها أساسية للنجاح في تحقيق حلمه: أن ينتج كميات كبيرة من المنتج كاستعماله الآلات الكبيرة، أن تكون الأسعار منخفضة. توزيع المنتجات محلياً وعالمياً. والاعلان وبيع المنتجات عبر الشرح الوافي عنها. بالنسبة إلى ايستمان كانت هذه الأفكار الأربع مترابطة. فعملية انتاج عدد كبير من المنتجات سيجعل التكلفة أقل، وبالتالي سيكون سعر البيع أقل، وعلى الناس أن يعلموا عن المنتجات عن طريق التسويق والاعلان، وكان يرى في عملية تحجيم نفسه والقوقعة في مكان واحد أو في سوق الولايات المتحدة ما يحد من طاقاته، فلماذا لا يصدّر ما يبيعه، لأن ما يبيعه يحتاج إلى الكثير من الناس؟ لماذا يحجّم نفسه بأن يكون في سوق واحدة مع أنه يستطيع أن يكون في كل أنحاء العالم.

كان جورج ايستمان على عل تام بأنه لتطبيق هذه الأفكار يجب أن يقنع الناس بأن فن التصوير أو صناعة التصوير بشكل عام ليست صعبة كما هي في الظاهر. لذلك كان يريد أن يقنع أكبر عدد من الناس بأن يستعملوا ويشتروا هذه المنتجات. وكان مقتنعاً تماماً بأنه لجعل التصوير توافراً لكل الناس يجب أن يسهل عملية استخدام الآلات التصويرية. لأن الشخص العادي لا يستطيع أن يحمل الكاميرات الثقيلة، وأن يتعامل مع الأفلام الزجاجية، والرطبة وكل الآلات والمعدات المتعلقة بالتصوير.

كان يبحث عن كلمة قوية صعبة النسيان لوصف كاميرا صغيرة لذلك قرر، كخطوة أولى، أن يبدأ بتغيير الأفلام، وبدأ اهتمامه ينصب على تحويل الأفلام الزجاجية إلى أفلام ورقية. وبالتالي فإن الورق أرخص سعراً في أية مواد أولية ثانية، وبذلك يستطيع أن يخفف من مصاريف وأعباء التصوير. وقد بدأ باختباراته التي لا تكل. وبعد كد وتعب استطاع ايستمان أن يطرح فيلماً حساساً جداً أثبت أنه اقتصادي ومرن وأفضل بكثير من الأفلام التي سبقته وبعدها توسعت الشركة، ولم تعد بين ايستمان وسترونغ فقط، إنما أصبح لديها 14 شخصاً ممولاً دفعوا لتوسيع الشركة بشكل عام ودعم اختباراتها وأبحاثها المتكررة.

أصبح سترونغ رئيس الشركة، وجورج ايستمان مديرها العام وأمين الخزينة. بوظيفته كأمين للصندوق كان عليه أن يدير الأمور المالية للشركة، وكمدير عام كان عليه أن يدير أعمال الشركة ويتابعها يوماً بيوم. لم يلق الفيلم الجديد الذي طرحته شركة ايستمان و "كوداك" أي نجاح يذكر، لأن معظم المصورين فضلوا أن يستخدموا الأفلام الجافة، لأنها تعطي طباعة ممتازة، وكثير من الناس لم تكن لديهم القدرة على أن يأخذوا التصوير كهواية، إنما كانت مع الأشخاص المحترفين فقط.

تعلم من هذا الفشل الكثير. وحصل قبل توزيع أفلام شركته على براءة اختراع من حيث المنتج ومن حيث التحضير، وكانت النوعية ممتازة جداً، ولكن تحميض هذا الفيلم كان يأخذ وقتاً طويلاً، وعلى الرغم من النجاح المحدود لهذا المنتج، لكنه لم يعط ايستمان النجاح الباهر للأسواق الكثيرة التي كان يريد أن يغزوها. والذي لا يهتم كثيراً بالتصوير لن تجذبه إلا كاميرا صغيرة الحجم يستخدمها في أي مكان يريد. وللأسف فشلت هذه الكاميرا للمرة الثانية، حيث أنه تم تصميم 50 كاميرا فقط، ولم يبع أكثر من 8 كاميرات، وعلى الرغم من أن أمله خاب بمرارة، فقد رفض أن ييأس، لأنه كان مقتنعاً تماماً بأن الفكرة الأساس لاختراع كاميرا صغيرة وسهلة الاستعمال هي فكرة صائبة على الرغم من كل الفشل الذي واجهه.










المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزي
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 126 - 129
كلمات مفتاحية: السياسة الإدارية – التسويق – الإعلان – الإقناع – تغير القناعات – القرار – التعلم من التجارب - الابتكار
أرسل بواسطة: قسم الأبحاث
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=464