بدأت الغيوم والأزمات بالظهور في الأفق بسبب توسع السوق واشتداد المنافسة. وقررت الشركتان Swedish PTT, SAT معاً أن توقفا جميع أعمالهما مع شركة أريكسون، وافتتاح مصانع خاصة بهما وعدم الاعتماد على أحد.كان على أريكسون أن يتخذ بعد هذه الكارثة قرارات مصيرية لكي يستمر، فاتجهت أنظاره إلى روسيا، حيث رأى في السوق الروسية سوقاً يافعة، وتوجه لبناء بنية تحتية، وعلى الرغم من أن شركة Russian PTT كانت تشتري من شركة أريكسون، إلا أنها كانت تواجه ضغوطاً لافتتاح مصنع في سانت بطرسبرغ.وتحت ظروف ضاغطة، في ظل الإحساس بخسارة السوق السويدية، قرر أريكسون، أن الوقت قد حان لتلبية طلب الروس. وافتتح أول مصنع في أرض أجنبية في واسيلي أوسترو في سانت بطرسبرغ.كان هدفه أعمق من أن يصنع أجهزة هاتف للسوق الروسية، فبعد انهيار السوق السويدية، بالنسبة إليه، قرر أن ينتقل كلياً إلى السوق الروسية وأن يكون مركزه الرئيسي في السويد. وكان على قناعة بأن العمل يمكن أن يدار من سانت بطرسبرغ.

ومن الناحية المادية والمصاريف ومصاريف الشحن لأكثر الأسواق استهلاكاً، كان على حق. وبهذه الطريقة تحقق الشركة أرباحاً لا بأس بها، وأكثر مما تحققه إذا كانت الإدارة العامة في استوكهولم.واجهت شركة أريكسون المصاعب مرة ثانية هذه المرة من SAT التي اكتشفت السوق الروسية. واستطاعت أن تحصل على عدد من العقود في المدن الروسية المهمة. وكانت هذه المشاريع تسبب أرقاً وقلقاً لم يدوما طويلاً، حيث أن القدرة على التصنيع لا تستطيع أن تفي بمتطلبات السوق السويدية والروسية معاً، فقررت شركة SAT أن تشتري من الوكيـل السابق، وبدأت المفاوضات التي تخللها الكثير من المطبات إلى أن تم الاتفاق على دمج الشركتين وتحقيق "خبطة" تفيد الطرفين معاً. ولعل أفضل ما في الموضوع أن شركة أريكسون استمرت سويدية، ولم يضطر لارس أريكسون إلى أن يتحول كلياً إلى سانت بطرسبرغ.

قرر أريكسون عام 1901 أن تكون هناك صالة عرض دائمة في المصنع لعرض منتجات الشركة، وأصبحت هذه الصالة جاهزة عام 1903 وكانت تستعمل أيضاً لغرض الاجتماعات والحفلات.تقاعد لارس ماغنوس أريكسون من العمل في الشركة، بعدما اشترى مزرعة كبيرة، وعاد إلى الزراعة، حيث أمضى بقية حياته حتى وافته المنية العام 1926.وعلى الرغم من تقاعد مؤسس الشركة وعمودها الفقري أكملت الشركة مسيرتها في اتجاهات مختلفة فقامت بتشغيل شبكة هواتف في المكسيك العام 1905، وحصلت على عقد لتطوير أجهزة الهاتف في بانكوك العام 1908، ثم بنت الشركة مصنعاً في باريس العام 1911.

وتوسعت الشركة وتطورت بعدما عبّد لها الطريق ورسم مستقبلها ذلك المبتكر الذي بدأ مزارعاً وانتهى مزارعاً. ولكن بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية كانت هناك ثورة سببها أريكسون، الذي قرّب الناس إلى بعضهم بعضاً ووفر الوقت بشكل كبير. وبنظرة سريعة إلى "أريكسون" هذه الأيام نرى أن الشركة تعدّ من أكبر وأضخم مصنعي أجهزة الهاتف والاتصالات، حيث تباع منتوجاتها في أكثر من 130 دولة، ولديها أكثر من 40 في المائة من حجم السوق العالمية لأجهزة الهواتف النقالة (حوالي 54 مليون مشترك)، ولديها 93949 موظفاً حسب أحصاء العام 1996. ويرأس الشركة حالياً لارس رامكفيست، وعمره 59 عاماً. وقد بلغ معدل مبيعاتها العام لعام 1996 حوالي 138048 مليون كورون سويدي.

وهكذا، استفاد لارس أريكسون من اختراع الكسندر غراهام بل لجهاز الهاتف وطوره وجعله في متناول يد البشر، وتجلب المكالمات مليارات الدولارات لشبكات الاتصالات في جميع أنحاء العالم، التي تعتبر "أريكسون" إحداها، ولحسن حظ هذا العالم، أن لارس أريكسون لم يقرر أن يبقى مزارعاً، وقرر أن يدخل مجال الاتصالات.










المرجع: حكايات كفاح
اسم الكاتب: كفاح فياض
دار النشر: قرطبة للنشر و التوزيع
سنة النشر: 1426ه - 2005م
رقم الطبعة: الطبعة الأولى
رقم الصفحة: 309 - 313
كلمات مفتاحية:مواجهة الأزمات – تحدي العوائق – اتخاذ القرارت - الأهداف
أرسل بواسطة: محمد طه
رابط القصة: http://trainers.illaftrain.co.uk/ara...l.thtml?id=538